يد الإرهاب تضرب الإسلام في فرنسا

تتمتع الجالية المسلمة بهامش من الحرية الدينية واسعة في بلدٍ لا دين له ولا رب. وتساهم الدولة الفرنسية عن طريق البلديات بدعم الجمعيات المسلمة التي يصب عملها في صلب الحياة الروحية للجالية المسلمة. فمن المتضرر من يد الإرهاب أكثر من مسلمي فرنسا؟

كان وقع الصدمة كبير على الجميع، إن من حيث التوقيت الذي أتى به أو من حيث الإسلوب. هنا يد الإرهاب تركت بصماتها الخبيثة في روح عددٍ من الأبرياء دون أن تميز بين لونٍ أو شكلٍ أو دينٍ، فتجسدت السياسة الفرنسية المعهودة بعدالتها ومساواتها وحريتها، في جريمةٍ نكراء ضربت الجمهورية الفرنسية بشكلٍ عام، والجالية المسلمة في فرنسا بشكلٍ خاص.

في المضمون، يوجد بين المعتدى عليهم الذين قُتلوا في العملية مسلمَين، أحدهم شرطي والثاني مدقق في الصحيفة الكاريكاتورية التي كانت هدف هذه العملية النكراء، الأمر الذي يُجَسِّد الإندماج النوعي لمسلمي فرنسا في الحياة اليومية بمختلف أشكالها.

أما في التحليل السياسي والإجتماعي لملابسات الجريمة ووقعها على الجالية المسلمة في فرنسا، فالموضوع واسع وشامل جدًا ويتناول الكثير من التحليلات الواقعية التي فرضتها السياسة الفرنسية الداخلية على جميع مواطنيها دون تفريق. لمن لا يعرف فرنسا، فهي دولة علمانية بحتة، تحترم جميع الأديان ولكنها لم تبقي للدين أي رابط في سياستها سواءً الداخلية أو الخارجية، ولكنها في الوقت نفسه لم تحرم فرنسا أي جالية من ممارسة شعائرها الدينية يومًا من الأيام، خاصةً المسلمين.

إجتماعيًا، يعيش في فرنسا اليوم أكثر من ستة ملايين مسلم. يتمتع المسلمون في فرنسا بحياة إسلامية بحتة فيها هامش من الحرية يخولهم العيش بحسب ما يختار كل شخص منهم، فيمكنك ممارسة الحياة الروحية بحرية تامة ومطلقة كما يمكنك العيش بدون الرجوع للهوية الطائفية التي ولدت عليها.

التقديمات الإجتماعية

لمن يحارب فرنسا اليوم ماذا تريد؟ فالمسلمون هنا يعيشون حياة إسلامية بحتة ولكنها غير معلنة، فلا يمكنك أن تجد مسلمًا يموت من الجوع أو يعاني من الفقر، وهذا ليس بسبب توفر فرص العمل في ظل الأزمات الإقتصادية ولكنه بسبب السياسة الإجتماعية المستنسخة عن قِيَم الإسلام. كما أنك لن تجد مسلمًا يموت من البرد، ولا يوجد مستشفى توقف المسلم لتسأله عن هويته الطائفية أو مبلغ يضعه على الصندوق فهنا لم يمت يومًا أي مسلم على أبواب المستشفيات. في فرنسا المسلم الذي لا يعمل تعطيه الدولة مبلغ ليعيش به لكي لا يجنح تجاه السرقة والقتل ومخالفة القانون ليؤمن قوته اليومي، هذا بالإضافة إلى السكن المؤمن للجميع ولا تجد مشردًا في الشوارع بغير إرادته، نعم في فرنسا التشرد وحياة البؤس إختيارية.

الدعم الفرنسي للجالية المسلمة وثقافتها

تتمتع الجالية المسلمة بهامش من الحرية الدينية واسعة في بلدٍ لا دين له ولا رب. فتساهم الدولة عن طريق البلديات بدعم الجمعيات المسلمة التي يصب عملها في صلب الحياة الروحية للجالية المسلمة كما ساهمت فرنسا بإنشاء العديد من المساجد الكبرى وسهلت بناءها وكذلك فعلت الحكومة الفرنسية مؤخرًا عبر وزير داخليتها الذي دعم مشروع إنشاء مركز ثقافي إسلامي في مدينة ليون بتكلفة ٨ مليون يورو خلال مشاركته في الذكرى العشرين لإنشاء جامع ليون الكبير في ٣٠ أيلول من العام المنصرم. كما تدعم فرنسا من خلال النظام اللامركزية جميع الجمعيات التي تعمل في المساجد تحت شعار دعم الثقافة لدى الجالية المسلمة وغيرها من الجاليات التي تتمتع بخصوصيات كبيرة تحميها الحرية الفرنسية.

خلاصة

جميع هذه الخصائص الإجتماعية والثقافية حمتها فرنسا ومازالت تحميها يوميًا لجميع رعاياها بدون أي تمييز، وبالتالي هذه اليد الإرهابية التي ضربت فرنسا اليوم تستهدف الإسلام والمسلمين بشكلٍ أساسي ومباشر.

السابق
آل عيد فوق القانون = تفجير جبل محسن
التالي
ايران بين هاشم السلمان والشيخ علي سلمان