جريمة باريس والابعاد الخطيرة

الجريمة الجديدة التي ارتكبت في العاصمة الفرنسية باريس ضد مجلة شارلي ايبدو هي نموذج مصغر لاحداث 11 ايلول 2001 واحداث بريطانيا واسبانيا في اوقات اخرى، انها جريمة ارهابية بكل معنى الكلمة ولا يبررها ابدا قيام المجلة بنشر رسوما تسيء للرسول محمد (ص)، فليس هكذا يتم الرد على السخرية والاساءة.

وهذه الجريمة البشعة  سيكون لها تداعيات خطيرة على العرب والمسلمين وعلى صورة الاسلام في العالم بغض النظر عن الجهة التي ارتكبتها وعمن يقف راء هذه الجريمة، لان العالم سيربط مباشرة بين هذه الجريمة وبين الرسوم التي نشرتها المجلة وبين التهديدات التي وجهّت للكتاب والرسامين فيها.

ولا يمكن ان يستبعد المراقب وجود اجهزة استخباراتية تساعد وتسهل عمل هذه المجموعات الاجرامية التي ترتكب مثل هذه الجرائم، لان مثل هذه الجريمة ستؤدي الى تهيئة الرأي العام الفرنسي والرأي العام العالمي لحصول حروب جديدة ضد العرب والمسلمين ، وسيكون لها انعكاسات سلبية على وجود العرب والمسلمين في اوروبا والغرب ، كما سيكون لها تداعيات سلبية على القضية الفلسطينية في هذه المرحلة  المقبلة بعد ان حقق الفلسطينيون المزيد من النجاحات لجهة قبول الرأي العام الغربي بقيام دولة فلسطينية وادانة الجرائم الصهيونية في فلسطين المحتلة وموافقة العديد من البرلمانات الاوروبية على قيام هذه الدولة.

نحن اذا امام حدث خطير على الصعيد السياسي والثقافي والامني وسيكون له تداعيات خطيرة في المرحلة المقبلة وخصوصا في العالم العربي والاسلامي وعلى صعيد الوجود العربي والاسلامي في فرنسا والغرب، وهذا يتطلب تحركا قويا وفاعلا من كل المؤسسات الاسلامية وقوى المجتمع المدني والاتحادات والتجمعات العلمائية والاسلامية لاستنكار هذه الجريمة وللدعوة للتحرك الشعبي والمؤسساتي لادانة هذه الجرائم ولتظهير صورة مغايرة للعرب والمسلمين في العالم.

فاذا كنا جميعا نرفض الاساءة للرسول محمد(ص) ولكل المقدسات الدينية فلا يمكن ان نقبل ان يقتل اناس ابرياء لا ذنب لهم وان يتم الرد على الاساءة بجريمة قتل جماعية، بل يكون الرد بخطوات حضارية وفكرية وثقافية لتوضيح صورة الرسول الكريم والدين الاسلامي العظيم.

ما جرى في باريس امس يستدعي تحركات سريعة وعملية من قبل الهيئات والقوى الاسلامية والعربية في كل العالم ويتطلب مواقف واضحة لا لبس فيهاتدين ما جرى وترفض ارتكاب اية جريمة ضد الابرياء والمدنيين.

ولم يعد بالامكان السكوت عن هذه الجرائم ولا بد من قيام جهد دولي وعربي واسلامي لمواجهة ما يجري في العالم ووضع مواثيق واضحة لرفض العنف والتطرف وفي المقابل لا بد من التأكيد على رفض الاساءة للمقدسات الدينية كلها مع احترامنا لحرية الرأي والتعبير.

السابق
جنبلاط: آن الأوان لصحوة فكرية إسلامية
التالي
Janoubia’s Jan. 8 highlights on Lebanon and the region