لبنان:الحوار يدخل اليوم في مرحلة تنفيس الاحتقان

طاولة الحوار من دون متحاورين

كتبت “الحياة” تقول: يستأنف الحوار بين “تيار المستقبل” و “حزب الله” في جلسته الثانية مساء اليوم في مقر الرئاسة الثانية برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يرجح أن ينوب عنه معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل.
وقالت مصادر سياسية مواكبة للتحضيرات الجارية لمواصلة الحوار أن المتحاورين سيبحثون في كيفية تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي بعد أن تمت مقاربته في الجلسة التمهيدية.
ولفتت إلى أن الانتهاء من هذا البند يتطلب التفاهم على مجموعة من الإجراءات العملية في سياق وضع آلية لتنفيس الاحتقان، وقالت إن تبريد الأجواء من خلال وقف الحملات الإعلامية بين الطرفين يبقى دون الهدف المطلوب منه ما لم تتم معالجة الفعل الذي يترتب عليه رد الفعل.

واعتبرت المصادر نفسها أن المدخل العملي لتنفيس الاحتقان يبدأ أولاً بقرار يتخذه “حزب الله” يعلن فيه حل ما يسمى “سرايا المقاومة” ورفع الغطاء السياسي عنها، خصوصاً بعدما شكل وجود مثل هذه “الظاهرة” حالاً من الاستفزار لدى أطراف سياسيين عدة من بينهم “المستقبل” نظراً إلى تهديدها الاستقرار العام من خلال المس بالأمن الذي يتسبب فيه انتشار السلاح في عدد من المناطق وتحديداً في المناطق المشتركة أو المتداخلة بين “المستقبل” و “حزب الله”.

في المواقف من الحوار، اعتبر عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب غازي العريضي أن “الخطيئة التي ارتكبت خلال السنوات السابقة هي القطيعة بين اللبنانيين”، مشدداً على أن “الشجاعة هي الإقدام على اتخاذ قرار بالحوار الجدي”. وقال إن “التحاور يجب أن يكون أمراً طبيعياً في حياتنا اليومية، فنتحاور حول المصالح المشتركة والقضايا الخلافية”، لافتاً إلى أن “من الممكن أن لا يسفر الحوار اليوم عن الكثير من النتائج الإيجابية، لكن البديل منه هو القطيعة والتي سيستتبعها الكثير من الويلات على البلد”. وأكد أنه “لا يجوز لأي فريق سياسي أن يمنن الآخر بأنه قبل أن يتحاور معه”، موضحاً أنه “يجب الإقرار بأن الكثيرين يتعاطون السياسة، لكن هناك قلة من السياسيين”.

واعتبرت النائب بهية الحريري أن “الحوار بين المستقبل وحزب الله يضفي جواً من الارتياح في البلد، ويحدث نوعاً من تنفيس الاحتقان”، مؤكدة أن “هناك إرادة حقيقية بين كل الأطراف للتلاقي في مساحة مشتركة والتفاهم عليها لمصلحة هذا البلد”. وقالت أمام وفد كبير من رابطة الصيداويين المقيمين في بيروت زارها في مجدليون: “أهم شيء أنه لم تعد هناك قطيعة، فمجرد اللقاء أحدث نوعاً من التنفيس للاحتقان، طبعاً نحن جديون في ما يتعلق بالقواسم المشتركة، لكننا لن نتخلى عن حلفائنا ولا هم سيتخلون عن حلفائهم، لكن على الأقل هناك مساحة مشتركة نستطيع أن نتفاهم نحن وإياهم عليها”.

وأضافت: “أولاً، أهمية هذا الحوار أن لا أحد يكذب على الآخر، وهناك وضوح في المواقف، ونقاش جدي جداً وهناك إرادة حقيقية من الأطراف كلها، ومجرد اللقاء يريح الجو. لذلك، أنا أعتبر أنه من جهة لا يجب أن نبالغ في تعليق الآمال عليه ومن جهة ثانية لا يجب أن نقلل من أهميته أو نستبق نتائجه”.

وأكد عضو كتلة “المستقبل” النائب جان أوغاسابيان أن “الحوار ضروري بين تيار المستقبل وحزب الله”، لافتاً إلى أن الحزب هو الذي كان يمتنع عن الحوار في السابق، مشدداً على أن “الحوار بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ضروري أيضاً”.
وإذ أشار أوغاسابيان إلى أن “هذا الحوار لا يزال في البدايات”، اعتبر أن على اللبنانيين “تهيئة الأوضاع الداخلية من أجل التفاهمات الإقليمية”.

صدمة “داعش” و “النصرة” من الحوار
وأكّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق أن “مسار التواصل والتلاقي بين جميع الأطراف اللبنانيين شكل صدمة وخيبة وإزعاجاً لداعش والنصرة ولكل المراهنين والمحرضين على الفتنة، لأنهم وجدوا أن الطريق للفتنة قطع، وهذا ما يضاعف المسؤولية على فريقي 8 و14 آذار للعمل معاً في مواجهة الخطر التكفيري القادم عبر السلسلة الشرقية”.

ورأى قاووق أن “قضية التكفيريين ليست بهدف الحرب على الشيعة وتجنب السنّة، فهم قتلوا من السنّة في الصومال وليبيا وتونس ومصر والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن ما لا يعد ولا يحصى، والتكفيريون ليسوا في موقع من يمثل أهل السنّة، إنما هم في موقع العداء للسنّة والشيعة معاً”.

وطالب الجميع بـ “تبني استراتيجية وطنية لمواجهة الخطر التكفيري بدلاً من أن نتجاهل ونتنكر لواقع وجود داعش اليوم على الحدود، فلبنان ليس ضعيفاً، بل هو قوي بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة”.

ورأى مسؤول العلاقات العربية في “حزب الله” الشيخ حسن عز الدين، أن “الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله هو في حد ذاته أمر مهم، ليس فقط لحزب الله وتيار المستقبل، بل لكل الأطراف والقوى السياسية الموجودة على الساحة اللبنانية، في الوقت الذي نجد فيه أن لبنان اليوم هو في أمس الحاجة إلى التماسك والتوحد والقوة في ظل ما يجري في هذه المنطقة من تداعيات”.

وقال النائب هاني قبيسي: “نريد حواراً وتلاقياً وتفاهماً، لأن الحوار يؤسس لاستقرار داخلي على المستوى السياسي، والاستقرار السياسي يؤسس لإنجازات كثيرة على الساحة اللبنانية، ولتفاهمات إذا كنا نختلف على انتخاب رئيس الجمهورية، هذا الحوار يوصلنا إلى أن نتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية”.

“القوات” تبني الكثير على التفاهم
وأشار عضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب فادي كرم إلى أن “المبادرات بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية موجودة في شكل دائم ولم تكن يوماً مقطوعة”، موضحاً أنه “عندما لا تكون الشروط متوافرة ستتم الحوارات وعندما تكثر الشروط ستتأخر الحوارات”.

وأكد كرم أن “نظرة القوات إلى الحوار هي نظرة إيجابية وموضوع مد اليد لا يبنى على صور وتهدئة الأجواء ليومين، بل على ثوابت تقوي المؤسسات وملء الفراغات في الدولة اللبنانية”، مشدداً على أن “القوات تبني الكثير على التفاهم مع التيار الوطني الحر وهي مستعدة للقيام بكل ما يلزم لإنجاح الحوار بينهما”، لافتاً إلى أن “الفريقين لديهما هذه النظرة الإيجابية من الحوار مع وجود الاختلافات في النظرة السياسية إلا أن هناك العديد من الملفات المتفق عليها”.

وأوضح عضو الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” إدي أبي اللمع أن “موعد اللقاء المرتقب بين النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع يبقى رهن الاتصالات الجارية وإنجاز ورقة عمل الحوار”، مضيفاً أن “الوقت حان للتوصل إلى اتفاق حول القضايا الخلافية”. وقال إن “المواضيع العديدة التي سنناقشها لم نتحدث بها سابقاً بسبب الخيارات المختلفة التي قررناها… بيدهم حلول معينة وليس الحل فموضوع الانتخابات الرئاسية يشمل كل اللبنانيين وليس فقط المسيحيين”. ولفت إلى أن “المحادثات يمكنها أن تساعد كثيراً في التمثيل المسيحي في الدولة والانتخابات النيابية والمؤسسات، ولكن هناك مواضيع وطنية يجب أن تُبحث بين المسيحيين”.
ولفت عضو “تكتل التغيير والإصلاح” النائب حكمت ديب إلى أن “التجارب برهنت أن تسعير الخلاف بين قوتين سيؤثر في الفرقاء الآخرين”، مؤكدا أن “الحوار سيعكس ارتياحاً على الساحة وهو ليس شكلياً أو ظرفياً”.

وأشار إلى أن “حوار المستقبل – حزب الله، والحوار الذي سيحصل بين التيار الوطني الحر والقوات يمكن من خلالهما معالجة بعض الأمور”، موضحاً أنّ الخلاف لا يجب أن يكون كبيراً في مسألة الجمهورية، “فهناك قناعة أن هناك خللاً في التمثيل المسيحي الصحيح”، مؤكداً أن “نيات الحوار صادقة، ويمكن أن ينتج اتفاقاً حول مواضيع عدة”.
وأوضح أن “الحزبين أعلنا نيتهما إتمام اللقاء، وهو رهن بالوقت والأعياد أجلته”، مؤكداً أن “البحث سيستمر واللقاء سيحصل، فلا اختلاف بيننا، ولا يمكن استباق الأمور”.

صوت الاعتدال
ولفت الوزير السابق جهاد أزعور إلى أنّ “صوت الاعتدال في المرحلة الأخيرة كان خافتاً نظراً إلى انهيار منظومة سياسية كانت تحكم المنطقة منذ أكثر من 50 سنة، ونشوء قوى سياسية لم تكن منظمة”. وأشار في حديث إلى “صوت لبنان” إلى أن “صوت الاعتدال كان قائماً، إنما الصورة الظاهرة التي أبرزتها وسائل الإعلام حول أن الإسلام المتطرف طغى على الإسلام المعتدل غير صحيحة”، مشدداً على أن “صوت الاعتدال هو الصوت الذي يجب أن يعطى المساحة الأكبر”.

ورأى أن “القوى السياسية، بخاصة المسيحية المؤثرة تنتقل تدريجياً من موقع المرشح إلى موقع الناخب في الانتخابات الرئاسية”، متحدثاً عن اقتراب نحو الحلحلة في هذا الملف، لكنه اعتبر أنّ “التقدم بطيء ويحتاج إلى قوة دفع غير موجودة في الداخل”.

وشدّد أزعور على وجوب أن يكون هناك تدخل إقليمي وفاعل وأن يكون هناك أيضاً إقرار لدى الجميع بأنه يمكن أن يكون هناك مبادرة ما إقليمية، معتبراً أن “انتخاب رئيس الجمهورية ممكن أن يأتي بلحظة قد لا تكون المنطقة فيها في حال تسوية، والمعطيات في المنطقة لا تشير إلى أنه في المرحلة المقبلة يمكن فريقاً أن يغلب فريقاً آخر”.

وتمنى الوزير والنائب السابق طلال المرعبي أن “يتفعل الحوار الذي بدأ بين تيار المستقبل وحزب الله والحوار المرتقب بين القوات والتيار الوطني الحر وتصل هذه اللقاءات والحوارات إلى نقلة جديدة في الحياة السـياسية والوصول إلى انتخاب رئيس جديد”.

السابق
لبنان يستعد للعاصفة والحوار يستأنف اليوم في عين التينة
التالي
عند اللّعب مع طفلك، خسّره