الفساد السياسي والمؤسساتي في لبنان.. لا تقنعه الإصلاحات

فساد
تتساءل في هذا البلد كيف تستوي الفوضى والفساد والسرقات مع الإصلاح والتغيير والمحاسبة المالية والإدارية، ربما إذا عرفت السبب الذي جعل معظم الوزراء يبدأون بالإصلاح يُبطل العجب!

في ظل غياب رأس هرم الدولة، والتي يستوجب على نوّابنا العظام أن ينتظروا التوازن الدولي والإقليمي، ومن ثم كلمة السرّ للبدء بالتفاوض بانتخاب الرئيس. علماً أن النوّاب الحاليين غير شرعيين لأنهم الممددين لأنفسهم وليسوا الفائزين بانتخابات نيابية شرعية من قبلنا “الشعب”.

وفي ظل الوضع الحكومي الراهن – وكأنّه الحكومة غير موجودة – ولكنها باقية باقية لعلّه، أي مجلس الوزراء لا يريد ترك البلد خال من الرئيس والحكومة لتجنّب الفوضى، مع أننا والله العظيم، غير شاعرين بما يسمّى الفراغ. ونحن بتنا متعوّدين على الفراغ الرئاسي والحكومي والنيابي، وبتنا نشعر أن الأمر غير سوي عندما يكون في البلد رئيس وحكومة ومجلس نوّاب.

إضافة إلى ذلك، التحكّم الحاصل بهذا البلد من قبل “داعش والنصرة” وذلك لأنهم يملكون العسكريين المظلومين منذ زمن، وعلى ما يبدو، لا أحد يمكنه أن يفعل شيئاً في هذا الملف. وهذا ما ينعكس سلباً على أمن البلد، من خلال التحكّم بتحركات أهالي العسكريين من جهة. أو من خلال ما يشاع عن التحضيرات لهجوم من قبل “داعش والنصرة” على بعلبك والقلمون وعرسال لاسترجاعهم من حزب الله وإعلان “الإمارة”.

ناهيك على الفوضى العارمة في الكهرباء ومياه وحتى النفط المنتظر ليرسي بنا من الظلمات إلى النور حسب رأي المحللّين الاقتصاديين. وفي ظل انعدام السياحة، والزراعة والصناعة والاقتصاد عموماً. ناهيك عن الاعتصامات العديدة منها المطالبة بالسلسلة الرتب والرواتب وتقليص أقساط الجامعات. وكلّ هذه المشاكل والمصائب تسير في انبوب طويل لتصبّ في البُرَك والمستنقعات المصطنعة التي تُبنى من خلال أو جرّاء هطول الأمطار في كل سنة في فصل الشتاء، على رغم من تعاقب والاتهامات شمالاً يميناً من قبل وزارات الأشغال المتتالية التي اسندت إليها هذه الحقيبة، والوعود العرُقوبية بحلّ هذه الكارثة. فضلاً عن كثرة العاطلين العمل، وإقفال المحلات إن في وسط البلد أو في غيرها من المناطق اللبنانية لانعدام البيع والشراء إلا ما لزم.
وحتى القوة العظيمة حزب الله والمجهزة بكلّ أنواع الأعتدة الممتازة المستوردة نخلتهم سوسة الفساد، باكتشافهم العميل الدولي للموساد الإسرائيلي ويقال إن الحبل على الجرّار.

وفي بلد العجائب، وفي وسط هذه المعمعة المعطّرة بالفوضى العارمة، يأتيك الإصلاح والتغيير فجأة “دون إحم أو دستور” وتبدأ عجلة محاربة الفساد إن من ناحية وزير الصحة وائل أبو فاعور وبدء الاكتشافات المخيفة في المطاعم والمسالخ ومحال الدجاج، وسوبرماركت. لتقول في سرّك أيها المواطن: “يا ليتني سمعت كلام مريم نور وأكلت الخضار والحشيش”.

كرّة الفساد المستشري في عقول التجّار في أرواح البشر، لينضم إليها وزير الزراعة أكرم شهيّب وليبدأ بمعامل الحليب والألبان والأجبان. ومن ثم يطالعك وزير المالية علي حسن خليل في معالجة الفساد المالي المتغلغل في بحور العقارات والمشاعات والرشى، علماً أنه استيقظ متأخراً جداً، ولا يصح عليه القول “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي”، لعلة أن الفساد المالي هو من سمة أصحاب السلطة والذين حكموا لبنان على مدار 30 عاماً، وهم الشاهدين والمشاركين ربما في هذا الفساد.

خلاصة الوقائع، وفي بلد التناقضات والمفسدين، يحق لك كمواطن أن تسأل كيف توازى الفوضى والفساد ومحاربة الفساد والإصلاح. تقول الإشاعات والعياذ بالله، أن الوزراء لهم مآرب أخرى من تلك الإصلاحات. والفرقة الأخرى تشيع أن وزرائنا الكرام ابتدعوا الإصلاح ليغطّوا على فعلتهم المشينة بحق المواطن ألا وهي التمديد لأنفسهم، وهو أبرياء “حرام” يشعرون بالذنب تجاه تمديدهم ولهذا فعلوها، ولكن طبعاً لتبقى بعيدة عنهم.

السابق
المشنوق: نأمل اقرار خطة النفايات غدا وترجمة قرار الامم المتحدة بالتعويض عن التلوث النفطي
التالي
متى يرجع السوري؟