عجز نقابي… وتقويم بلا جدوى

هل باتت هيئة التنسيق النقابية عاجزة فعلاً؟ وهل دخلت مرحلة ما عادت قادرة على صوغ أجوبة عن أزماتها وتحديد خياراتها؟ هي اليوم تحمل خطاباً غير مقنع لفئات كثيرة تنضوي تحت رايتها، أو حتى لقواعد مكوناتها، اذا اعتبرنا ان مؤتمرها الصحافي الأخير يعبر فعلاً عن موقفها من المستجدات ووحدتها المشكوك باستمرارها. ولعل هذا المؤتمر زاد من أزمة هيئة التنسيق بدلاً من أن يكون مدخلاً لإعادة تصويب الخيارات وتحديد الشعارات المناسبة وطريقة العمل وقياس الجدوى، الى قراءة التوازنات السياسية في البلد والمسارين التربوي والاجتماعي، وما اذا كان تحرك هيئة التنسيق خلال السنوات الثلاث الماضية قد حقق نتائج مقبولة لقطاعات المعلمين تحديداً، وهم نبض هيئة التنسيق وعصبها.

خرجت هيئة التنسيق، وفق ما كشفته، بنتيجة بعد تقويم استمر لثلاثة شهور، أنها حققت انجازات كبيرة باستثناء اقرار سلسلة الرتب والرواتب. فما هي الإنجازات التي حققتها؟ وإذا كانت كشفت قوة التحالف المالي في البلد و”تآمره” عليها، لماذا لم تبق عصية على التلاعب بمكوناتها والتدخل السياسي الحزبي في شؤونها؟ ولماذا لم تتمكن من أن تأخذ القرارات الضرورية في الوقت المناسب، خصوصاً في ملف تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية؟ فتركت الأمر الى النهاية ليقرر وزير التربية إصدار إفادات للتلامذة المرشحين للامتحانات. وها هي اليوم لا تزال تعتبر أن إصدار الإفادات كان هدفه ضرب هيئة التنسيق النقابية، من دون أن تحمّل نفسها جزءاً من المسؤولية وأن تعترف بشجاعة أن ما حصل وضعها في مواجهة الأهالي والرأي العام، وضرب جزءاً من صدقيتها والاقتناع بأحقية مطالبها.
كان متوقعاً من هيئة التنسيق، أن تخرج بنتائج جدية تعكس حجم موقعها ودورها النقابي الوطني، فإذا بها تردد الشعارات ذاتها، وتعلن المواقف عينها، ولا تجرؤ على وضع جسمها على مشرحة النقد، ثم تجاهر بالكلام عن وحدتها وصلابة مكوناتها، وهي غير قادرة على اتخاذ موقف جامع، باستثناء موقفها من دعم الجيش الوطني في مواجهة العصابات الإرهابية. فليس مطلوباً من هيئة التنسيق أن تعلن برنامج تحرك ميداني بلا هدف، وليست مطالبة بأن تجيب عن مشكلات البلد الاقتصادية والاجتماعية بهدف تغيير النظام، انما هي مطالبة بأن تعالج مشكلاتها أولاً، وتقارب القضايا المطروحة نقابياً، وإن كانت متصلة بالسياسة، لذا، تذكيرها بتضحيات الجيش الوطني كجزء من حملتها لإقرار سلسلة الرواتب، باعتبار انها تطال افراد وعناصر الجيش والقوى الأمنية، لا يقدم ولا يؤخر في مسيرة نضالها لنيل المطالب وتحولها حركة نقابية مستقلة فاعلة.
وقد آن الأوان، لأن تواجه هيئة التنسيق ما يحصل تجاه مطالبها بواقعية، وأن تقوّم تجربتها بطريقة مغايرة، نقدية، لتتمكن في المرحلة المقبلة أن تعلن برنامجاً يقيس الخسائر والأرباح، ويخرج من القصور بقياس الجدوى، ويقرأ الإنجازات بلا تضخيم، ولا مغالاة!

السابق
«مقالات ساخنة في الدين والسياسة والاجتماع» لياسر إبراهيم
التالي
«النصرة» تعين مقرباً من «حزب الله» للتفاوض.. و«هيئة العلماء» تستغرب؟!