حظوظ انتخاب رئيس جديد للبلاد تتقدّم

انتخاب رئيس الجمهورية
إنّ ما نشهده اليوم من دعوة للحوار لا يزيد عن كونه تتويج لاتفاق مفروض بدأ تنفيذه عند لحظة تكليف سلام بك بالتمام رئيسا للحكومة. أما مسألة الفساد والمفسدين وقضية العسكريين المخطوفين وملاحقة المطلوبين والمبالغة في قمع المطالبين المتظاهرين وكثرة برامج النشر والحكي الجالس وتكاثر الأكاديميات الغنائية مع إغفال مستغرب وغير مبرر لعدم استخدام دوري كرة القدم والسلة... فجميعها في العرف الديمقراطي أحداث صوتية تحدث ضجيجا يصلح لتمرير تخطيط متفق عليه ومدروس.

هنالك مبادرة لدولة الرئيس النائب الجنرال ميشال عون غير ميثاقية وتكاد تكون غير مفهومة بالمطلق. لكنّ مسارعة قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، الشريك اللدود للجنرال في الشارع المسيحي، إلى القبول بها وعدم الكفر بها بل والتسويق لها، جعل منها، وبطريقة عجائبية، مدخلا إلى تسوية فلوكلورية لم تتبلور معالمها بعد لكنّها على ما يُرجى منها حصرت المنافسة بينهما لاختيار الرئيس العتيد، أو منحتهما الموافقة برفع الأيدي كحدّ أقصى متاح لهم، على ما سيقرّره شركاؤهم.
في المقابل تظهر دعوة جديدة إلى الحوار مستغربة (لتأخرها) يطلقها ولأول مرة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يختار لها من يجالسه فيها، أي الرئيس سعد رفيق الحريري، الذي يزايد بدوره على السيد في القبول والإقبال على الرغم من لامنطقيتها نظراً لما يرافقها من تطورات إقليمية يساهم ويشترك فيها كلا الطرفين (كلّ حسب طاقته)، تحت إشراف ورعاية إقليمية. فيتّهم واحدهما الآخر تكراراً بتطبيق أجندات خارجية أفضت، كما يصرّحان، إلى تغييب بعض الشخصيات وإلى دفن بعضها الآخر.
بالتزامن يطفو كما في كل مرة إسم دولة الرئيس نبيه بري والبيك وليد جنبلاط كفاعلي خير قادرين، وبطُهرٍ، في اللحظات الحرجة، على تذليل العقبات المعرقلة من أمام إتمام الإستحقاقات. فيجهدان بطوباية مفاجئة لاجتراح الحلول وسد الثغرات. يبادران بحكمة إلى تقديم الحلول، يشركان معهما الشيخ أمين الجميل بحكم الضرورة، في ظلّ غياب “الفخامة”، على أساس أنّه ما تبقّى من أبناء العائلة المارونية الرئاسية، بالفطرة، وبامتياز.
يبدو أنّ المتحاورين (القدامى) الجدد أرهقهم تسارع الجولات وما عاد ينفعهم تقديم الأعذار عن فعل الماضي ولا الأمنيات في ما تبقّى. وصحيح أنّ حروب السنوات الاخيرة لم تقضِ عليهم لكنها حتماً لم تقويهم، لقد خسروا وبالتدرج ثقة الناس بهم جراء حروبهم التي خسر فيها هؤلاء الناس أبناءهم وبناتهم وأكثر. فقد بدا في الآونة الأخيرة تخلّي راعيهم عنهم لضعفهم .
عمامة الحزب وقداسة اللفظ في اسمه لن تنقذه، والاعتدال المبهم عند المستقبل الغائب لن يسعفه. الأول غاص في الفوضى مرغماً والثاني بين سندان الخصم وعبء الحلفاء من جهة، ومطرقة مناصري الجهادية والدولة الداعشية من جهة أخرى… بات في الأرض يرزح.
إنّ ما نشهده اليوم من دعوة للحوار لا يزيد عن كونه تتويج لاتفاق مفروض بدأ تنفيذه عند لحظة تكليف سلام بك بالتمام رئيسا للحكومة تبعتها عشرة شهور من المفاوضات الشاقة أفضت إلى تشكيل حكومة بناء على المرسوم رقم 11216 أصدره رئيس الجمهورية حينها وبعدها رحل. ومفاوضات العشرة أشهر أفضت بالضرورة إلى رسم الخارطة السياسية للدولة بكامل الرضى والتسليم من الجميع. وإلا فما تفسير تكليف الرئيس سلام ووزراء المستقبل ومعهم الحلفاء وزارة العدل والداخلية والاتصالات وأسندت إليهم مهمّات باتت بفعل الزمن واضحة أبرزها القضاء على كل ما يعيق تنفيذ حزب الله لتعهداته (كما وعد) أو بحد أدنى التخفيف عنه وبناء عليه يحصل الآذاريون الـ14 وكمكافأة على حكومة وتمديد يضمن لهم ولقادتهم انتخاب فخامة الفراغ رئيساً (أو من يمثّله طبعاً) بانتظار تسوية تشمل المنطقة وتعيد ترتيبها من جديد.
أما مسألة الفساد والمفسدين وقضية العسكريين المخطوفين وملاحقة المطلوبين والمبالغة في قمع المطالبين المتظاهرين وكثرة برامج النشر والحكي الجالس وتكاثر الأكاديميات الغنائية مع إغفال مستغرب وغير مبرر لعدم استخدام دوري كرة القدم والسلة… فجميعها في العرف الديمقراطي أحداث صوتية تحدث ضجيجا يصلح لتمرير تخطيط متفق عليه ومدروس. والكلّ يدرك وبشكل لا يقبل الشك، بمن فيهم القاصي والداني، الممانع والتابع، الغبي واللبيب، الغافل والعالم، إنّ ما هو مسموع ومشاهد ومقروء مقدّر له. والحلّ يكمن ببساطة في تنفيذ ما هو مطلوب دون تمييع أو إستعراض أو تسويف.
يبقى من الضروري الإشارة إلى أنّ سليل العائلة الرئاسية أمين جميل أخَر، من فعل “تأخير”، وصول المختار وأعاد خلط الأوراق مقدماً نفسه كخيار رئاسي. حتّى أنّه وجه لنفسه دعوة إلى إيران .
في المحصّلة سيذوب الفتات وتعود التسمية لمن هم في الأصل أساس وسيبقى طالب الخير بغير بصر تائها حيرانَ، ومبصر الفضل من دون عزم زَمِن (أي عاجز) مُسَيَّر لا يملك حقّ الاخيتار.

السابق
رجل يرفع يافطة اعتذار من زوجه في طرابلس
التالي
تكريم الراحلين: قليلٌ مهما كَثُرَ وقيلَ عنهُ