سرّ هاني فحص أنّه عاش قناعاته

السيد هاني فحص

لا بدّ له من أن يكون حاضرا. ربما هي المرّة الأولى التي أذهب فيها إلى معرض الكتاب، ولا ألتقي به. غالبا ما كنت أصادفه ينحني فوق كتاب يبحث في أوراقه، وأحيانا يكون متوقفا يتحدث، يحيط به عدد كبير من معارفه. كانت الأحاديث تشكل استمرارا لما كنّا نبدأه في غرفة القسم الثقافي في الجريدة، التي لم يغب عنها إلا قبيل رحيله، وإن كانت اتصالاته الهاتفية تذكرنا دوما بأنه يتابع ما نكتب.

سبعون يوما مضت على رحيل السيد هاني فحص.. وكأن المعرض أحب أن يبقى حاضرا بيننا، أقيمت له أمس ندوة تكريمية شارك فيها النائب السابق سمير فرنجية وغازي قانصو ممثلا الوزير السابق إبراهيم شمس الدين، وقدمها مروان الأيوبي، الذي اعتبره أنه «السيد بالأصالة»، مضيفا أن «له الألقاب كلها، هو السيد والعلامة، المفكر والمتنور، المناضل والمثقف الثوري، هو العامل والفلاح، الفقير والبسيط، المؤمن الجريء»…
حول مكانة السيد هاني في المشهد الوطني والثقافي والحياتي، جاءت تحية شمس الدين (التي ألقاها قانصو) معتبرا أن «عمامته تليق بمواطن في الدولة المدنية»، ومن رحلته في النجف إلى مزارع التبغ والزيتون، تشعبت المسارات التي تحدث عنها المحاضر الذي وجد أنه صاحب «ذلكَ الكتاب» الذي لا ريب فيه، وكان يمسكُه بقوّة، كما يحيى، وأيضاً كان من أهلِ الكتاب، كيوحنّا، «وكلُّنا أهلُ كتابٍ حين يدعو كتابُنا كلاً منّا أن يكون كتابيا». واعتبر أن السيّد لم يغادر قومه ولا تركهم، إنما حاول أن يهاجر بهم من أرضِ التيه، بعد يقين رآه، وفي آخر أيامه كان يحاول أن يسترجعهم من أرض التّيه.
في بداية مداخلته تساءل فرنجية عن «سرّ هذا الانسان الذي جمع في مماته لبنانيين وعرباً، مسيحيين ومسلمين، شيعة وسنّة»؟ ليرد بالقول: «سرّ هذا الانسان الأول هو أنّه عاش قناعاته بصدق وأخلاق، فناضل من أجل الحق دون حساب أو غرضية».. واعتبر أن الحوار، كما فهمه، هو اكتشاف الذات في الآخر، ومعاونة الآخر على اكتشاف ذاته من دون إلغاء أي خصوصية.
من الندوات الأخرى التي عرفتها نشاطات المعرض، واحدة نظمتها «المبرات الخيرية» حول كتاب «رحلة في التطوير التربوي» شارك فيها كمال بكداش وميشكا مجبر موراني وسوزان أبو رجيلي ورنا اسماعيل، وقدم لها فاروق رزق.
حول «تطوير الإنسان بتجديد عقله وقلبه وروحه» دارت الكلمات، حيث اعتبر بكداش أن الخلاصة في هذا الكتاب هي تضمنه عرضا تفصيليا دقيقا لتجربة تطويرية هامة للغاية، ممتدة على مدى عشر سنوات.
أما اسماعيل فقد وجدت أن مسيرة هذه الدراسة الطويلة ومنهجيتها وأدواتها المتعددة وغنى مكتسباتها والتغييرات التي أحدثها برنامج التطوير والدراسة، جعل من الصعب اختزال هذه المسيرة والتعبير عنها في مقالة علمية، فكان التوجه لطباعة كتاب. وعن استمتاعها بقراءة هذا الكتاب تحدثت أبو رجيلي التي رأت أنه يحمل في طياته عصارة فكر وخبرة ورسالة، تجعل منه مرجعاً تربوياً وعلمياً من الطراز الأول».

 

السابق
تركيا تعرب عن ارتياحها لاتفاق على النفط بين بغداد و كردستان العراق
التالي
اطلاق نار اسرائيلي على التلال المطلة على شبعا