انفجار صراع نتنياهو مع حكومته

دخلت الأزمة الوزارية الإسرائيلية ذروتها أمس، بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزيري المالية يائير لبيد، والعدل تسيبي ليفني من منصبيهما، معلناً أنه لا يحتمل وجود معارضة داخل حكومته.

ولإدراك نتنياهو أن هذا العمل يعني تفكيك حكومته، فإنه أعلن أنه سيدعو في أقرب فرصة لحل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة.
ومن المؤكد أن خطوة نتنياهو هذه تتسم بأهمية سياسية خارجية كبيرة. فقد كان كل من لبيد وليفني ورقة التوت التي تستر عورة الحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل والتي تحوي ثلاثي التطرف، نتنياهو ـــ أفيغدور ليبرمان ـــ نفتالي بينت، فضلاً عن العديد من وزراء «الليكود» و»البيت اليهودي» و»إسرائيل بيتنا».
وتشكل إقالة لبيد وليفني ضربة معنوية وعملية لزعيمي كتلتين يتم إخراجهما من الحكومة قبل أن تتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال لفترة قد تطول أو تقصر وفق اتفاق الأحزاب على موعد لإجراء الانتخابات.
وأعلن نتنياهو بشكل مباغت أمس، أنه «في الأسابيع الأخيرة، خصوصاً في اليوم الأخير، حمل الوزيران لبيد وليفني بشدة على الحكومة برئاستي. لن أتحمل بعد الآن معارضة داخل الحكومة، ولن أتحمل وزراء يهاجمون من داخل الحكومة سياسة الحكومة ورئيسها»، مضيفاً أنه سيدعو إلى «حل الكنيست بأسرع وقت ممكن للذهاب للشعب والحصول منه على تفويض واضح للقيادة».

ويرى المراقبون أن نتنياهو بخطوته هذه أقدم على لعبة سياسية ذات أهمية كبيرة بإظهار نفسه أنه زعيم لا يخضع للإملاءات من أي طرف. فقد بعث قبل يومين برسالة إلى الصحافة قبيل لقائه مع زعيم «هناك مستقبل» يائير لبيد، تفيد بوضعه شروطاً لبقاء لبيد في الحكومة وحل الخلافات.

وطبيعي أن هذه الشروط فجّرت اللقاء الذي لم يدم أكثر من ساعة بين الرجلين، حيث كان واضحاً أن وجهة نتنياهو هي الصدام والذهاب نحو انتخابات مبكرة.

وقبل أن تجتمع كتلة «هناك مستقبل»، وهي الشريك الأكبر في الحجم داخل الائتلاف بعد «الليكود»، وجّه نتنياهو ضربة معنوية شديدة بإعلانه إقالة لبيد وليفني دفعة واحدة من دون السماح له بالاستقالة.

وبشكل من الأشكال، فإن إبعاد لبيد وليفني عن الحكومة يعني أن نتنياهو يوجه رسالة للإدارة الأميركية بأنه ليس لكم من تستندون إليه في الحكومة الإسرائيلية بعد اليوم. ومن الجائز أن هذا يعني أن ليبرمان بات عنوان الاعتدال في الحكومة الإسرائيلية التي سرعان ما ستكون حكومة تصريف أعمال فور اتخاذ وزراء حزبي «هناك مستقبل» و»حركة» تسيبي ليفني موقف تضامن مع زعيميهما وتقديم استقالاتهم.

ويرى مقربون من نتنياهو أن خطوته هذه ما هي إلا عمل استباقي، خصوصاً أنه يعلم نيتهم بالاستقالة من حكومته. ويرون أن الفائدة من ذلك تتمثل في إظهار نفسه كزعيم مبادر وإظهار خصومه في موضع ضعف.

وقال آخرون إن نتنياهو بإقالته لبيد وليفني أراد أن يحرمهما من إدارة حملتهما الانتخابية وهما على كرسي الوزارة. ويشير هؤلاء إلى أن نتنياهو يريد توزيع حقائب حزبي لبيد وليفني على أعضاء في «الليكود» وأحزاب أخرى ضمن ائتلاف جديد، ولو لحكومة أقلية بغرض كسب ولائهم في حملته الانتخابية الجديدة.

وكان سبق إقالة لبيد وليفني إعلان «الليكود» عن خمسة شروط عرضت على لبيد لبقاء الحكومة وعدم الذهاب إلى الانتخابات المبكرة. وأوحى قادة «الليكود» بأنهم يتركون القرار للبيد وحزبه، في حين أن القرار بالتوجه إلى الانتخابات كان واضحاً، وهو ما أشارت إليه ليفني عند اجتماعها بنتنياهو قبل إعلان الاستقالة بساعات.

وأشارت ليفني إلى أن «الانتخابات تقرّرت. هناك سبيلان مختلفان: الصهيونية مقابل التطرف – والانتخابات ستجري على هذا الأساس». وأكدت أنه «منذ منتصف ليلة أمس صار واضحاً أننا ذاهبون إلى انتخابات. فأنا ونتنياهو جئنا من البيت السياسي نفسه، لكن كل واحد منا أخذ طريقاً مختلفاً».

وعموماً هناك اليوم أربعة مشاريع قوانين لحل الكنيست مدرجة على جدول الأعمال قدمتها كتل المعارضة، و»الليكود» يميل إلى تأييد مشروع «حزب العمل». ولكن من أجل إقرار قانون في هذا الشأن، يتطلب الأمر الاتفاق على موعد الانتخابات في فترة لا تقل عن ثلاثة شهور ولا تزيد عن خمسة.

وإذا تقرر اليوم حل الكنيست، فإن الانتخابات ستجري بين آذار وأيار المقبلين، وهذا يعني أن المعركة الانتخابية لن تكون طويلة. وإذا كانت المعركة الانتخابية قصيرة فإنها ستكون في مصلحة نتنياهو و»الليكود» لأنهما في الحكم.

مع ذلك لا تبدو علاقات نتنياهو في أفضل أحوالها لا مع الجمهور ولا مع الأحزاب اليمينية والدينية التي يعتبرها «تحالفه الطبيعي». ومعروف أن نتنياهو يواجه مشكلة داخل «الليكود» مع التيارات الأكثر تطرفاً منه، وعلى رأسها داني دانون وموشي فايغلين. كما أن علاقاته ليست على ما يرام لا مع «البيت اليهودي» ولا مع «إسرائيل بيتنا».

ومعروف أن «البيت اليهودي» يزداد تطرفاً ويكسب أصوات المتطرفين، في حين يتجه ليبرمان بشكل متزايد نحو الوسط. وعلى الصعيد الشعبي تدهورت مكانة نتنياهو كثيراً حيث باتت غالبية الجمهور لا تستحسن أداءه. ومع ذلك تشير غالبية التوقعات إلى أن الرابح من انتخابات جديدة هو اليمين الإسرائيلي الذي، وبرغم «مقالب» نتنياهو، ليس هناك من يتغلّب عليه زعيماً لليمين.

وتشير التوقعات إلى أن معسكر الوسط واليسار لن يحققا الإنجازات التي يتوقعانها، ما يعني أن إسرائيل ستدخل قريباً في دوامة عدم الاستقرار الداخلي وزعزعة العلاقات الخارجية.

السابق
تغريم «الأنصار» مليون ليرة
التالي
قبلان:الاعتداء على العسكريين عمل جبان قامت به عصابات مرتدة