لا بدّ من العودة إلى البيت أوّلاً!

كتب جورج علم في “الجمهورية”:

تعبَ الطرفان، ولا بدّ من العودة إلى البيت، ذهبَ الأوّل ليقدّم الشاش، والدواء الأحمر، والحليب للأطفال، فيما ذهب الثاني بسلاحه ورجاله تحت شعارات لم تُقنع أحداً، ولم تُسمِن، أو تُغنِ عن جوع. شعرَ الطرفان بأنّ الأرض تميد من تحتهما، بمن فيها وعليها، فالزمن زمن عواصف، ومرصَد وزير الداخليّة نهاد المشنوق يبشّر بأنّ “الآتي أعظم”، وبالتالي لا بدّ من تنظيف المجاري حتى لا يغرقَ الجميع. لا يحتاج الحوار إلى مَهر، ولا إلى “مقدَّم ومؤخَّر”، لأنّ المطلوب ليس عقد قران ما بين الطائفتين، بل “حوار الضرورة”، حوار أملته البيئة الاجتماعيّة التي تعاني، هناك تحدّيات أمنيّة، صحّية، معيشيّة، إستيعابية ضاغطة. التورّط في سوريا كان خطيئة مميتة لا يبرّرها أيّ سبب مهما علا شأنه، وبدلاً من تحصين البيت، فتحنا الأبواب والنوافذ، وإذ بالإعصار يُعربد في صحن الدار، فتَغيَّر المزاج، واختلَّ التوازن الأمني، الاجتماعي، المعيشي، وليس صحيحاً أنّ الأزمة محصورة فقط بين إسلام معتدل وآخر متطرّف، بل تكمن أيضاً في التغيير الديموغرافي الذي يُحدث انقلاباً على كلّ الأسُس والتوازنات التي قام عليها البيت اللبناني بمسيحيّيه ومسلميه. يعرف الرئيس سعد الحريري أنّ “عكّار الإعتدال” أصبحَت على خطّ تماس مع “عكّار الوافدين” بتعتيرهم ومصائبهم وهواجسهم و”مشاريعهم”. بيئة زاحفة تريد موقعاً يليق بها ضمن بيئة مقيمة بحرمانها المزمن، وعلى حسابها، فماذا بقيَ لتياره في عكّار سوى تلقّي السهام. الأمر يسري أيضاً على “طرابلس الإعتدال” التي تعاني بدورها، والتي شهدَت حتى الآن أكثرَ من عشرين جولة عنف، والحبل لا يزال على غاربه..

السابق
الحوار حاجةٌ للطرفَيْن فلماذا المكابرة؟
التالي
لبنان: حاورونا أيها العملاء