شهادات جورج شكور ومحمد حسن الأمين في شعر سعيد عقل

برحيل الشاعر سعيد عقل يفتقد الشعر هامة لغوية لعبت دورا اساسيا في حفظ اللغة الادبية وان كان قد أثار من حوله الجدل بسبب مواقفه السياسية. هنا شهادتان من شاعرين ملميّن بشعر سعيد عقل، بل خبيرين بما تحمله هذه الشعرية من قوة لا يمكن انكارها وان خرج الى السطح الان بعد رحيله بعض من ردود فعل على شخصيته المثيرة للجدل.

قال الشاعر جورج شكور: “سعيد عقل عملاق من عمالقة الفكر في لبنان والعالم ومهندس النفس في الأمة اللبنانية ودّعه لبنان والعالم وداع ملوك الفكر العظام ووداع العباقرة التبداعيين الخالدين. وانا على العكس من الذين يقولون ان سعيد عقل اليوم طوى صفحة جديدة بل اقول فتحت له صفحة في سجل الخلود من صفحات تاريخ لبنان العظيمة». أضاف شكور «سعيد عقل مدرسة فكرية وادبية تتلمذت فيها اجيال من الأعلام في مختلف مناحي الفكر وهو محك دقيق في الفكر والشعر ورجل محبة ومثالية، أحب حتى الاعداء وما مثّله أحد، أحب لبنان بل عبده بعد الله وسماه: “لب أنان : قلب الله“.

صداقتي مع سعيد عقل تمتد الى ثمانية وخمسين عاما وقد قلت فيها:جورج شكور

هي الصداقة حب الروح لا الجسد

عبير جنتها باق الى الابد

وسعيد عقل تتلخص حياته في بيت واحد من الشعر له يقول فيه:

أقول: الحياة العزم حتى اذا انا

انتهيت تولى القبر عزمي من بعد

وقال العلامة محمد حسن الامين ان “سعيد عقل ابرز ما فيه ليس فكره السياسي او الاجتماعي، ولكن الابرز والألمع ما في الرجل هو تلك الشاعرية السباقة التي يمكن القول فيها انها شاعرية استثنائية في عصرنا الحديث منذ شعراء النهضة حتى بداية الشعر العربي الحديث، اي الشعر الحرّ شعر التفعيلة». أضاف «فقد استطاع سعيد عقل ان يحدث قفزة نوعية في الشعر الكلاسيكي العربي وينقله الى شعر رمزي حيث بوسعنا ان نرى فيه اصداء كبار شعراء العصر الاوروبيين، بالاضافة الى توفره على قواعد اللغة الكلاسيكية ولغتها العربية الاصيلة. ان المفارقة في هذه الشخصية الادبية هي في موقفها من اللغة العربية ودعوتها الى استخدام اللغة المحلية، مع العلم ان العراقة والاصالة المميزة في لغة هذا الشاعر الكبير تشير الى فارس كبير من فرسان اللغة العربية. وقد قلت له ذات مرة في مجلس جمعني واياه مع بعض الادباء: (أن علاقتك يا استاذ سعيد باللغة العربية كعلاقة ديك الجن بحبيبته ورد التي لشدة حبه لها قتلها وصنع من رمادها كأسا يشرب بها. وكأنه بذلك اراد ان يخفيها عن الناس ويريد ان يبقيها لنفسه) .

العلامة محمد حسن الامين

انه فعلا ظاهرة استثنائية فجرّت الابعاد الجمالية اللغوية في شعرنا العربي، واستطاعت بذلك ان تشكّل اساسا من أسس الحداثة الشعرية العربية. ومنتهيا بالقول بأن هذه هي ابرز سمات هذا الرجل الكبير وما تبّقى من جوانب في شخصيته هي هوامش تضيق وتتسع، ولكنها لا تطغى على الصفة الاساسية التي هي الشعرية السباقة والمبدعة.”

السابق
الروبل حطم رقما قياسيا جديدا في التراجع
التالي
صباح وذكريات لبنان الفن والجمال