«جدول أعمال لبناني» تناقشه باريس مع طهران

الفراغ الرئاسي

كتبت “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الحادي والثمانين بعد المئة على التوالي.
لبنان بلا رئيس وبلا احتفال رسمي بعيد استقلاله الحادي والسبعين.
لبنان بلا مناعة وطنية ولا اجتماعية.. وها هي “ميشا” اليونانية تعدنا بعاصفة تبدأ اليوم وتستمر أسبوعا، ومعها تأتي وعود الفيضانات على امتداد جهات الجمهورية وبحورها وأنهارها وطرقاتها ووديانها.

لبنان بلا مناعة غذائية، ولولا أن اللحوم، النيئة منها أو المشوية، على حد سواء، هي جزء من الهوية التراثية، لكنا صرنا أول بلد يتحول إلى النظام الغذائي النباتي.

لبنان مشرع على مواجهة الإرهاب، وجديده بالأمس، رسالة صاروخية من أحد مراكز المجموعات السورية المسلحة في المقلب الشرقي لجبل الشيخ، باتجاه إحدى نقاط الجيش اللبناني في شبعا، بالتزامن مع احتدام المعارك مع الجيش النظامي السوري على طول تلك الجبهة، من دون أن يخفي الإسرائيليون دعمهم الميداني لـ”النصرة” و”الجيش الحر”.

وفي عز الحراك الإقليمي ـ الدولي لمحاصرة “داعش”، وبالتزامن مع مفاوضات ربع الساعة الأخير لإبرام اتفاق ـ إطار بين إيران و”مجموعة 5+1″، كان لافتا للانتباه انتقال الملف الرئاسي اللبناني للمرة الأولى منذ ستة أشهر، إلى طاولة المفاوضين المعنيين به في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية.

ووفق مصدر ديبلوماسي أوروبي، فان مواقف العماد ميشال عون الأخيرة، بشأن استعداده للنزول إلى مجلس النواب على قاعدة حصر المنافسة بينه وبين سمير جعجع، شكلت محاولة لاستباق الأخذ والرد الحاصلين خارجيا، خصوصا في ضوء إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على الحديث عن “الإشارات الايجابية” من دون أن يحدد طبيعتها.

كما أن المواقف التي أطلقها وزير الخارجية جبران باسيل من عمق البقاع، أمس الاول، بدت أيضا محاولة لتحصين الموقف الرئاسي لـ”الجنرال”، في ضوء “الإشارات” التي بلغته من أكثر من عاصمة إقليمية ودولية، حتى وصل به الأمر إلى القول إننا نرفض التسوية “التي يطالبوننا بها بان نختار ليس الثالث أو الرابع إنما يراد لنا أن نوافق على الإتيان بمن يحمل الرقم مئة الذي يعادل صفرا في التمثيل (الماروني)”.

وقال باسيل “عندما يختار الأقوى شيعيا وتحديدا من يسميه “الثنائي الشيعي” رئيسا لمجلس النواب وعندما يختار الأقوى سنيا لرئاسة الحكومة، نحن نريد الأقوى مسيحيا لرئاسة الجمهورية أيضا”.

من أين أتت “الإشارات”؟
من الواضح أن الأميركيين فوضوا الفرنسيين بإدارة الملف الرئاسي اللبناني، وعلى هذا الأساس، زار مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، العاصمة الإيرانية، في الأسبوع الماضي وعقد على مدى يومين محادثات مع مسؤولين إيرانيين أبرزهم مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، تمحورت حول الملفات ذات الاهتمام المشترك.

وهذه الزيارة هي الثالثة من نوعها لجيرو إلى طهران، وربما تمهد لزيارة رابعة في الأسابيع المقبلة، خصوصا وان الجانبين اتفقا على “جدول أعمال لبناني”، عنوانه الأول رئاسة الجمهورية.

فقد نقل الفرنسيون إلى الإيرانيين مناخا أوروبيا وأميركيا يدعو إلى المحافظة على الاستقرار في لبنان، من خلال التسريع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأنه ليس هناك ما يبرر التأخير في انجاز هذا الاستحقاق الدستوري، وأشار جيرو إلى تخوف بلاده من أن التأخير قد ينعكس سلبا على الاستقرار اللبناني.

ووفق الديبلوماسي الأوروبي نفسه، فان الفرنسيين نقلوا رسالة واضحة باسم حلفائهم اللبنانيين، وخصوصا الرئيس سعد الحريري، تطلب من الإيرانيين المساعدة في “اجتراح” مخرج للفراغ الرئاسي، وأن بداية الحل تكون باقدام “14 آذار” على سحب ترشيح سمير جعجع مقابل سحب ترشيح عون من جانب “8 آذار”.

غير أن الايرانيين شددوا على جعل التوافق المسيحي ـ المسيحي ركيزة التفاهم الرئاسي (أي بين ميشال عون وامين الجميل وسليمان فرنجية وسمير جعجع)، وأكدوا أنهم سيدعمون أي توافق بين المسيحيين حتى لو كان على قاعدة سحب ترشيح كل من عون وجعجع لمصلحة مرشحين آخرين.

وطلب الايرانيون من الفرنسيين الضغط على الرئيس الحريري من أجل اعادة استئناف الحوار الذي كان قد بدأه منذ نحو سنة مع العماد عون، واعتبروا أن ذلك الحوار سيكون له مردود ايجابي على الصعيد الداخلي اللبناني.

وقد غادر جيرو طهران على قاعدة أن يتكرر الاتصال بينه وبين المسؤولين في وزارة الخارجية الايرانية في الشأن الرئاسي اللبناني قبل مطلع العام 2015، على ان تكون قد تبلورت قبل ذلك التاريخ صورة ما ستؤول اليه مفاوضات الملف النووي بين طهران و”مجموعة 5+1″.

وعلى أساس هذه المعطيات، بدأ يسري انطباع في أكثر من عاصمة أوروبية بان حظوظ إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان “باتت اكبر بكثير مما كانت عليه قبل شهر من الآن”، وأن حظوظ كل من عون وجعجع “باتت شبه معدومة”.

هذه الأجواء نقلها الى بكركي مؤخرا السفير الأميركي ديفيد هيل، مؤكدا للبطريرك الماروني بشارة الراعي أن بلاده تضغط في أكثر من اتجاه بالتنسيق مع السعوديين والفرنسيين لانتخاب رئيس لبناني جديد قبل نهاية العام الحالي.

في هذا السياق، نفى رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط أن يكون قد التقط اشارات ما في الشأن الرئاسي، وقال لـ”السفير”: “انني اضع ثقتي الكاملة بالرئيس نبيه بري وافوضه في كل شيء، خصوصا في الامور الوطنية، ذلك أنني اعلم انه اكثر الحريصين على البلد وانتظام عمل المؤسسات”. واضاف: “الرئيس بري وأنا نحرص على الوصول بالاستحقاق الرئاسي الى بر الامان وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في اقرب وقت ممكن”.

السابق
«يوميات شهرزاد» يحصد جائزة «آفاق السينما العربية»
التالي
أنجيلينا جولي تُفضّل الإخراج