جنود «الدولة الاسلامية» في عالم الميديا: منهم من تخرج من «معهد بوسطن»

لم يعد تهميش الخرائط واختراق الحدود يقتصران على الجيوش بعد قرع الطبول، بل باتت الحدود مستباحة بجيوش من نوع آخر، جيوش الكترونية قادرة أن تصل الى عقر دار الدول، تنشر أفكارها، تمهد لحربها، تعلن انتصاراتها من غير أن تحرك أي جندي على أرض المعركة.

يخصص “داعش” جهوداً كبيرة للميدان الاعلامي، فذراعه الدعائية ضربت العالم حتى بات حديث الساعة، ومما لا شك فيه أن هذه الذراع لم تنمُ من فراغ، بل يقف خلفها جنود مدربون على القتال في الساحات الالكترونية، مسلحون بالمعرفة التكنولوجية، سواء على أرض مواقع التواصل الاجتماعي أم أرض الأفلام الوثائقية أم أرض الاذاعات والاعلانات.

رسائل واصدارات “الدولة الاسلامية” محط أنظار الجميع، سواء أكانوا مؤيدين أم معارضين، كيف لا و”نجاحها في المجال الاعلامي فاق تصور الدول واستخباراتها، بخاصة العربية منها والتي فشلت حيث نجح التنظيم الذي جنّد الميديا الاجتماعية في اتجاهات متنوعة، النشر والرصد والاستماع، لذلك لم يُصدم أحد مع اصدار “داعش” أول صحيفة الكترونية له تحمل اسم “دابق”، والتي قطعت شك البعض باليقين بأن اعلام التنظيم لا يسير بطريقة عبثية، بل من خلال استراتيجية وضعها قادة في هذا المجال يديرونها ويحركونها بجنود دربوا بعناية”، وذلك بحسب ما قال الناشط الاعلامي فرات الوفا لـ”النهار”.

الخوف مما وصل اليه إعلام “الدولة” دفع منسق التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، الجنرال جون آلن الى الدعوة لصياغة خطط عمل تقضي على “ماكينة داعش الإعلامية في الصحف والفضاء الإلكتروني بشكل مباشر وسريع” وذلك خلال افتتاح مؤتمر لأعضاء دول التحالف الدولي ضد “داعش” في الكويت خصص لمواجهة فكر ودعاية المتطرفين عبر شبكة الإنترنت.

نقاط اعلامية

من جهته، قال الناشط الاعلامي أبو ابراهيم الرقاوي لـ”النهار”: “في شهر نيسان من العام الماضي سيطر داعش على مدينة الرقة وقام بانشاء مركز الرقة الاعلامي، كما عمل على تجنيد شباب من المدينة، دسهم بين النشطاء الاعلاميين المعارضين على أساس أنهم نشطاء مستقلون، كتبوا تقارير عن تحركاتهم، وخلال شهرين تمكنوا من جمع معلومات كاملة عنهم، ليبدأ في شهر تموز 2013 مسلسل خطف النشطاء واعدامهم، وعند سيطرته على المدينة بشكل كامل في الشهر الأول من هذا العام، قام داعش بتركيب كاميرات في جميع ارجاء المدينة لا سيما قرب مقاره لمعرفة من يقوم بالتصوير”، وأكد ان “كتيبة الخنساء متواجدة بشكل دائم، وهي تقوم باعتقال كل من يحاول التصوير وإعدامه”. ويضيف: “اليوم في كل موقع من مدينة الرقة هناك كشك صغير مكتوب عليه نقطة اعلامية، يوزع داعش داخله اصداراته وأناشيده وآيات قرآنية وكلمات صوتية للبغدادي والعدناني، أما من يقوم بانتاج واخراج هذه الفيديوات الاحترافية فهو شخص أميركي من أصل سوري يدعى أحمد ابو سمرا متخرج من معهد في بوسطن”. كما يؤكد أن التنظيم “لم يكتف بنقاطه الاعلامية في الطرق بل قام بافتتاح فروع جديدة ، لكن هذه المرة داخل مستشفيات الرقة حيث يتواجد اعلامي على مدار الساعة ناهيك بالسيارات التي تجول المدينة على وقْع الاناشيد والخطب”.

“دابق”

“دابق” هي آخر انجازات تنظيم “الدولة الإسلامية”، الصحيفة الخاصة به والتي سميت تيمناً بمعركة “مرج دابق”، التي انتصر فيها العثمانيون بقيادة السلطان سليم الأول على المماليك في 18 آب من عام 1516 والتي أدت إلى سيطرة العثمانيين لأربعة قرون على المنطقة، تُوزع في المناطق التي يسيطر عليها في العراق، لكنها لم توزع في مناطق سيطرته داخل سوريا، وهي تصدر بنسخة الكترونية باللغتين الانكليزية والفرنسية، وتسعى لتجنيد مقاتلين بخاصة الغربيين منهم”، بحسب فرات.

فيلم داعش

أما الرقاوي فاعتبر أن “العدد الأول منها والصادر في شهر تموز الماضي حاول اظهار كيفية بناء الدولة على أسس الشريعة، لتنتقل في عددها الرابع الصادر أخيراً والذي حمل عنوان الحملات الصليبية الفاشلة، لتهديد عاصمة الكثلكة، من دون أن تنسى الدفاع عن السبي والرقّ”. واستطرد قائلاً: “اصدار هذه الصحيفة في عددها الرابع دليل قاطع على الاحترافية التي يتمتع بها من يقف وراء اعلام هذا التنظيم، فاخراجها عالي الدقة والمقالات التي تحتويها تثبت أن كتّابها أجانب وليسوا عرباً، فأقسامها وكلماتها مدروسة. ومن ضمن هذه الأقسام، قسم يتحدث عن غزوات داعش واهدافه، وقسم عن احوال الرعية في الدولة الاسلامية وماذا قدم التنظيم لها، وقسم عن اليزيديات وكيفية توزيعهم على الجنود الذين شاركوا في المعركة، وقسم عن الجيش الحر الذي يصفه بالكافر”.

إذاعات داعش

وفي آب من هذا العام، وعلى احدى موجات ( أف أم )، أطلق التنظيم إذاعة “البيان” التي تغطي جميع مناطق مدينة الموصل والمناطق المحيطة بها، ليتم بثها بعد ذلك في مدينة الرقة، وهو يحاول من خلالها مخاطبة الرأي العام بنشر أخباره وأفكاره، من دون أن يغفل عن بث واعادة بث كلمات الخليفة البغدادي، ويشير فرات إلى ان “الاذاعة تبث على رأس كل ساعة نشرة إخبارية، تشمل أخباراً محلية وعالمية، وبرامج تتضمن خطباً عقائدية اضافة الى خطب أبي بكر البغدادي وآيات من القرآن الكريم”.

السابق
البرلمان الدولي: فوز الجمهوريين سيعيد خلط الأوراق في الصراعات
التالي
قوى الامن عممت أوصاف جثة مجهولة عثر عليها في قب الياس