عون تيقّن من انعدام حظوظه بالرئاسة.. فجدّد استعداء الجميع

بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعمه ترشيح ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، أيقن الجنرال أنّ حظوظه انعدمت. فهو لم يعد مرشحا توافقيا، بل أصبح اسمه مقابل اسم خصمه سمير جعجع، عرضة للمساومة والاسقاط، تمهيدا للبحث عن رئيس تسوية جديد. ففتح عون النار على الرئيس نبيه بري وتيار المستقبل والقوات اللبنانية، واحتمى بعباءة "المقاومة"، التي بات ثابتا أنّها تمنع عن المسيحيين الجالسين تحتها حظوظ الوصول الى رئاسة الجمهورية.

ما إن سمّى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله رئيس تكتّل “التغيير والإصلاح”، العماد ميشال عون، معلنا دعمه في انتخابات رئاسة الجمهورية، حتى تكشّف لدى المراقبين أنّ الجنرال، بهذا الإعلان الصريح، لم يعد له أمل بالرئاسة لأنّه لم يعد “رئيسا توافقيا” مفترضا كما يسوّق، بل بات اسمه مطروحا مقابل اسم المرشح سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، الخصم اللدود للجنرال.

وبدا واضحا أنّ تبنّي دعم ترشيح عون من قبل نصرالله، مع إبداء استعداد الأخير للحوار مع تيار المستقبل، يعني عملياً فتح الباب أمام احتمال إسقاط ترشيحي عون وجعجع، تمهيداً للبحث عن رئيس تسوية.

ولأنّ الجنرال دخل في حلف استراتيجي مع حزب الله واصبح امتدادا له، ماديا ومعنويا كما هو معلوم، ولأنّه بدأ يفقد الأمل بتولي سدة الرئاسة الأولى، تحوّل غضبه نحو زعيم معسكر الخصوم، رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، فقال عون في حديثه الى “السفير” صباح الإثنين أنّ الحوار معه “توقف”، معللاً السبب بأنّ “وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وضع فيتو على إسمي”.

هذا يعني أنّ عون الذي حاول لفترة تسويق نفسه على أنّه توافقي وعلى وئام مع الأطراف كلّها بات متيقّنا من أنّه لا نفع من لعب هذا الدور. فقرّر العودة الى قواعده سالما، معاديا الجميع ومتلبّسا لبوس “المقاومة”.

كما لا يخفي رئيس تكتل التغيير والاصلاح في مجالسه الخاصة نقده طبّاخ التسويات السياسية ومدوّر الزوايا المحترف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي سوف تساهم طبخته، بمساعدة من شريكه زعيم الدروز وليد جنبلاط، بمجيء رئيس جديد للبلاد توافق عليه غالبية الاطراف الداخلية وعلى رأسها حزب الله وتيار المستقبل. وكذلك سيكون الرئيس العتيد حائزا على رضى القوى الاقليمية ودعم الدول الكبرى الخارجية. وهذا الرئيس لن يكون العماد عون بطبيعة الحال، فبرّي وجنبلاط لم يؤيدا يوما ترشّحه لرئاسة الجمهورية، واعلنا صراحة رغبتهما بالاتفاق على مرشح تسوية ليتولى هذا المنصب.

فقد نقلت جريدة “السياسة” الكويتية عن أوساط ديبلوماسية عربية في لندن أنّ “طبخة انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي رئيساً للجمهورية شارفت على النضوج، وزيارته الأخيرة إلى الرياض لحضور التوقيع على أوراق هبة المليارات الثلاثة السعودية الى الجيش اللبناني، بحضور كبار المسؤولين السعوديين والفرنسيين، فتحت آخر النفق المسدود لانتخاب رئيس جديد للبنان”.

وأكدت الأوساط لـ”السياسة” أنّ حظوظ قهوجي بالوصول إلى رئاسة الجمهورية “ارتفعت بشكل جدّي مع حملة المديح والتقريظ التي لا مثيل لها من حزب الله وحسن نصرالله شخصياً للجيش لما قام به في عرسال وطرابلس وقبلهما في صيدا ومناطق سنية أخرى، وهو ما دفع نصر الله وطهران إلى “تبنّي” قهوجي إذا طرح جدياً للرئاسة”.

وقد انعكس الموقف السلبي لعون وكتلته من مسألة التمديد للمجلس النيابي وعدم حضوره جلستها الاسبوع الفائت على أنّه “إطلاق نار” على “القوات اللبنانية” لإحراجها في الشارع المسيحي. وقوبل من الرئيس برّي بموقف سلبي مماثل من عدم حضور الجلسة النيابية. فقد أعلن برّي أمام الصحافيين قبل أيام أنّه لا يحتاج إلى دروس وتنظير من أحد، وأنّه “مستعدّ للتمديد ثلاثين سنة أخرى خدمة لتيار الاعتدال السنّي”، الممثل بـ”المستقبل”، الذي لولاه لما حسمت عسكريا في طرابلس ضدّ المسلحين المتطرفين، منهيا كلامه بأنّه لم يعد موافقا على قانون الانتخاب الأورثوذكسي، وهو القانون الذي كان قد اقترحه ميشال عون قبل عامين ووافقت عليه قوى 8 آذار وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي.

لا شكّ بأنّ هذه المواقف المتشنجة للعماد ميشال عون، التي تخطت الخصوم لتطال بعض من يفترض انّهم حلفاء، والتي اتخذها الجنرال في وقت غير مناسب بتاتا، و في ظلّ أجواء من التهدئة أعلن عنها حليفه القويّ السيد حسن نصرالله من أجل البدء بعملية التقارب بين معسكري 8 و 14 آذار تمهيدا لانتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد، هذا الاتجاه بعكس السير انما يعكس حالة من انعدام الرؤية السياسية لدى التيار البرتقالي.وهذا يعكس “غضب” الجنرال ا من كلام نصر الله. رغم أنّ صهره وزير الخارجية جبران باسيل كان يؤكّد من بلدة مشغرة البقاعية أنّ “خيار المقاومة استراتيجي”. تماما كما فعل عون في حديث الى “السفير”.

فنحن هنا أمام إطلاق نار على الخصوم والحلفاء، واختباء بعباءة “المقاومة”. تلك العباءة التي اقتنع عون أخيرا، هو وكل مسيحيّ آخر في لبنان، بأنّها لن تنفع المدثرين بها، وستمنعهم من الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية.

السابق
لماذا يغيب نصرالله عن ذكرى يوم الشهيد؟
التالي
محطات في حياة ياسر عرفات