قراءتان في خطاب سعد الحريري المعتدل

حارث سليمان
مرة بعد مرة يثبت الحريري الابن ان الشارع السنّي خرج من تحت سيطرته، خصوصا بعد الخطاب الذي وجّهه الى الجمهور العام ليؤكّد أنّ "السنّة لم يكونوا يوما ضد الدولة او النظام، بل هم من أسس الدولة كانوا ولا يزالون". كيف فسر كل من الدكتور رضوان السيد والدكتور حارث سليمان خلفيات خطاب سعد الحريري لـ"جنوبية"؟

أكد الرئيس سعد الحريري، في بيان أصدره تعليقا على احداث طرابلس الاخيرة والدعوات الى الانشقاق عن الجش اللبناني ان هذه الاحداث سببها: “استخدام الممانعة كل الوسائل لمنع سقوط الرئيس السوري، حتى لو تطلب الامر تدمير نصف سوريا وتهجير الملايين من الشعب السوري وإشعال المنطقة بالحروب الأهلية، وتسهيل السبل أمام التنظيمات الإرهابية لإنشاء إمارات أصبحت هدفا لنقمة العالم وخططه العسكرية”. وشدد في رسالته التي نقلتها وسائل الاعلام اللبنانية كافة: “هناك من الأخطار والتحديات التي تستوجب حماية السلم الأهلي والتضامن حول الدولة وقواها الشرعية، والتفتيش عن الطرق والوسائل التي تسد منافذ الفتنة وتقي اللبنانيين شرور الوقوع في الصراعات الأهلية”.

وفي تعليق للباحث في الشؤون الاسلامية د. رضوان السيد حول الخطاب قال لـ”جنوبية”: “فيما يتعلق بكلمة الرئيس سعد الحريري هناك امور ثلاثة:
النقطة الاولى: يتعلق بموقفه وهو موقف الكثرة الساحقة من اهل السنّة في الدولة ومؤسساتها وهو الحفاظ على الجيش ووحدته فهذا امر ثابت وهو ركيزة من ركائز الموقف السني الاسلامي والعام، ولا يحتاج الى تأكيد. ولذلك جاء متلائما مع هذه المواريث عند المسلمين اللبنانيين وعند الرئيس رفيق الحريري وسيرته السياسية وتجربته في هذا التيار المدني الذي ثبّت اساسه. والذي بقي منضويا ضمن الموقف الاسلامي العام، وهو ما اكده الرئيس سعد الحريري ايضا.

وجاء الموقف لنفي التشكيك الذي يتعرض هذا الموقف الاسلامي العام في السنوات الاخيرة من جانب حزب الله ومناصروه، وهمّ هؤلاء ايقاظنا من موقع الاستفزاز والدفاع تارة، حين اتهام السنة انهم مع التطرف، وتارة اننا طائفة خاضعة للتطرف. ولذلك هذا الموقف لا يحتاج الى تأكيد ويدخل في عملية الصراع السياسي والهجمة الايرانية وما يمثلهم في ايران والعراق واليمن وسوريا.
النقطة الثانية في هذا الخطاب هي ما حدث في الاشهر الاخيرة بسبب الانهماك والاستنزاف في النزاع السوري ومشكلة اللاجئين وظهور مجموعة من الشباب الضائعين حيث صارت تخرج نداءات مشبوهة ضد الجيش وضد التيار تدعو الى الانشقاق، وتبيّن ان موقع (احرار السنّة) يقف حزب الله وراءه. وهذا ما اكد عليه الرئيس الحريري.
والنقطة الثالثة تتعلق بالموقف الاسلامي العام. وهو ما تعرّض له السيد حسن نصرالله باتهامه السعودية، وهو اننا عندنا كطائفة سنية انشقاقات في الدين وعندنا متطرفون، ولكن أقول له انه لا جهة رسمية ترعى هذا الانشقاق ولا غير رسمية، لا سعودية ولا غير سعودية. بعكس الايرانيين حيث الانشقاق هو في صلب المذهب الشيعي. ومن امثال ذلك ولاية الفقيه الذي أنشأ حزب الله الذي اشترك بحربه ضد السوريين، وهو انشقاق سيطر على رأس المذهب الشيعي بينما المتطرفون عند السنّة لم يسيطروا على اي منصب، وليس هناك اي جهة رسمية تدعم التطرف. بينما الايرانيون يقولون ويتزعمون التطرف. وهم الانشقاقيون الذين يسيطرون على المذهب الشيعي”.
وختم السيد بالقول: “عندنا لا انشقاق ولا وجود له على رأس الطائفة، وليس هناك جهة رسمية سنية تتبنى داعش او القاعدة، ونحن منذ 20 عاما نحاربهم. وايران تستغل التطرف لقتل المسلمين، وهي تستغل وتدعم التطرف عندما تقصف المدن والقرى نصرة لبشار دون اي تمييز بين المواطنين”.

حارث سليمان
من جهته، اعتبر الدكتور حارث سليمان عضو تجمع لبنان المدني ان :”ثمة غضب سني حيث لا يمكن ان القبول باستمرارية تصرفات الجيش بحجة وجود عدة “زعران” فيطوّق المنطقة ويقوم باعتقالات بحجة مقاتلة الجيش. فلا يمكن القبول بسياسة الجيش التي بممارساته يشعل الغضب السني. فالتاريخ لا يعيد نفسه بل ينحو نحو الاسوأ”.
وبحسب الدكتور حارث سليمان ان “عزل الفكر التكفيري لا يتم بقطع صلة الرحم معه، بل باستيعاب هذا الغضب ومعالجته معالجة استيعابية. فسعد الحريري يسحب من رصيده، ويغطي الجيش عندما يصدر هكذا بيان. وليس معنى ذلك ان الشارع راض عن ذلك. ولكن يوما عن يوم سينقلب الشارع السني على سعد الحريري متهما اياه بتقديم تنازلات غير مبررة”.
وتتم، بحسب، حارث سليمان معالجة هذه الامور الارهابية امنيا كجزء من كل. فلا يجوز لي ان اعمل سياسة كيدية كمؤسسة عسكرية امنية وطنية. لان قيادات الجهاز الامني اللبناني، لازالت كما كانت، جزء من النظام الامني السوري، ولا يمكن للبلد ان يستمر دون تغييرات حقيقية. ويجب ان يشتغل الجيش والدولة، وليس للطوائف، لا حليفا لسوريا”.

وردا على سؤال ان وزارة العدل والداخلية هما بيد تيار المستقبل اضافة الى رئاسة الحكومة، قال حارث سليمان: “ان قيادات الاجهزة الامنية تحتاج الى قرار مجلس وزراء مجتمعا، لكن مخابرات الجيش تحتاج الى قرار من وزارة الدفاع وقائد الجيش فقط. فالبلد ذاهب الى ابعد من موقف سعد الحريري لان حزب الله يمكنه اكمال حربه في سوريا. فالحزب بمعزل عن المكابرة مدرك ان القلمون وضعته في ازمة عميقة”.
وعن ازمة الانشقاقات التي تحصل في الجيش قال: “اذا قررت السعودية تقسيم الجيش يمكنها فعل ذلك، واي دولة تملك رصيدا ماليا يمكنها شق الجيش. لان المسيحيين ونبيه بري لا يمكنهم التكملة في ظل هذا الجو، فالبلد على شفير الهاوية”.
وفجّر حارث سليمان مفاجأة باعلانه ان :”أغلبية المقاتلين في طرابلس كانوا من السوريين. فليس هناك جسم لبناني كبير للقتال بين السنّة، فاذا احتسبنا عدد اللاجئين في لبنان البالغ مليون ونصف يشكل رسمي، وقد تجدين بينهم 120 ألف مقاتل سوري “.
وتابع: “من هنا أدرك سعد الحريري هذه المخاطر، مخاطر انفلات الوضع داخل الطائفة السنية، كونها غير خاضعة له. لذا فانه يدفع من رصيده”.
ويختم حارث سليمان بالقول: “هذا البيان هو أقل الممكن، وهو يبرّئ ذمته من الكارثة، ويحاول جرّ الاطراف الى سلوك مماثل حتى اذا وقعت الكارثة يكون ضميره مرتاحا”.

السابق
توقيف المطلوب عبد الرحمن ح. في صيدا
التالي
فاعليات شبعا تؤكد استحالة تحويلها الى عرسال ثانية