كربلاء والتوظيف السلبي

إن الغاية من وجود العقيلة زينب (ع) – حسب فهمي القاصر– هو لضمان انتشار فكر النهضة الحسينية إلى أفـق الحقيقة الأوسع، ولضمان ديمومة هذا الفكر الخلاق، ولسد الأبواب أمام التخرصات التي يمكن أن يرسخها الطرف المنتصر على الصعيد العسكري في أذهان الناس، إيمانا من سيد الشهداء وأبي الأحرار بأن(التاريخ يكتبه المنتصرون)، فأراد سبط الرسول الأعظم أن يحقق انتصارا (إعلاميا) مقابل الانتصار اللوجستي والعسكري الذي حققه اللاإنسانيون في الطف، ولذا فليس من الغريب أن نطلق على عقيلة بني هاشم لقب (وزيرة إعلام الحسين ع) فقد أخذت دورها في شرح مفردات الثورة وأسبابها على طول الطريق بين الطف والكوفة والشام والمدينة المنورة، غير متناسين دور الإمام زين العابدين(ع) في ترسيخ الفكر الثوري الحسيني في العالم الإسلامي والإنساني، بعد أن مهدت وزيرة إعلام سيد شباب أهل الجنة لهذا الترسيخ، خشية أن تطال أيدي أزلام السلطة نفس الإمام السجاد بالقتل والتغييب، فكانت إستراتيجية رائعة، رسمها الإمام الحسين(ع) قبل استشهاده، لتستمر النهضة بالنمو والتجلي إلى أبد الأبد، وضد كل مواليد الزمن من الطواغيت، وبهذا فهو يريد – وأراد – لنهضته أن تستمر بشكلها الإنساني الرائع، بعيدا عن الإنجرار وراء استدرار العبرة وحدها، وبعيدا عن تضييق الأفق، ولـذا نحن نسمع دائما بأن نهضة الحسين( عبرة – بكسر العين، وليست عبرة – بفتح العين ). إن فكر النهضة الحسينية يجب أن تخضع لدراسات مستفيضة، وينبغي على الذين يدعون انتمائهم الفكري لنهضة أبـي الأحرار أن يقدموا الانموذج الحقيقي بأسلوب حديث منفتح، وأن يغيروا لغة الخطاب وأسلوبية الطرح، وأن يخرجوا عن دائرة الطرح العاطفي إلى آفاق أكثر اتساعا، وينبغي عليهم أن يتجنبوا آلية الاحتكار، وأن لا يجعلوا من طرحهم وسيلة لإظهار أن أعداء الحسين ما جاءوا إلا لطلب ثارات يوم بدر وحنين، بل ينبغي عليهم أن يرجعوا ليفهموا الناس أسباب طلب الآخر بثارات بدر وحنين من الحسين، وأن لا يألوا جهدا في استخدام لغة متزنة لإيصال الفكرة ونشر وعيها بين مختلف الأطياف في العالم، هذا إذا كنا نؤمن بأن سيد الشهداء عليه السلام هو إرث إنساني وليس إرثـا لمذهب أو طائفة معينة، كما يعتقد ويتوهم البعض ان عاشوراء هي وكالة حصرية لهم.

السابق
طرابلس: بداية نهاية إمارة أم محطة على طريق طويل؟
التالي
داعش تغير اسمها إلى إسم غريب جداً والسبب؟