عملية عاصون: الجيش في هجوم استباقي

اكتسبت التطورات الداخلية أمس أهمية استثنائية لجهة مشهدين امني وسياسي رسما معالم حزم عسكري تصاعدي في مواجهة خلايا الارهاب في الداخل اسوة بالمواجهة المفتوحة على الحدود في مقابل تبني مجلس الوزراء خطة وقف النزوح السوري الى لبنان، الامر الذي ابرز منحى لبنانيا متشددا في الاطلالة على المرحلة الطالعة اقله في ما يتعلق بالاخطار الامنية التي تواجهها البلاد.

وقد استقطبت العملية النوعية التي نفذتها قوة خاصة من الجيش فجر أمس في بلدة عاصون بقضاء الضنية الاهتمامات نظرا الى ما شكلته من دلالة على تقدم الاداء العسكري والاستخباري للجيش في تعقب الخلايا الارهابية في الداخل ومطاردتها وتوقيف افرادها وقت تشهد خطوط المواجهة على الحدود الشرقية مزيدا من التعزيزات والاجراءات المتواصلة. وقد نجح الجيش في هذه العملية في توقيف رأس مطلوب خطير اعتبر صيدا سمينا هو احمد سليم ميقاتي المتورط مع تنظيم “داعش”، كما كشف نجاح العملية احدى اخطر الخلايا المرتبطة بالتنظيم التي كانت تخطط لعمليات تفجير بدليل مصادرة كمية كبيرة من المتفجرات والعبوات والاسلحة والذخائر. وكشف الجيش ان ميقاتي الملقب “أبا بكر” انشأ خلايا مرتبطة بـ”داعش” في المنطقة وكان يخطط لتنفيذ عمل ارهابي كبير بالتنسيق مع ابنه عمر الذي يقاتل مع “داعش” في جرود عرسال علما ان ابن شقيقه بلال عمر ميقاتي متورط في ذبح الرقيب اول الشهيد علي السيد. وقتل في العملية ثلاثة مسلحين، فيما تبين ان الخلية كانت متورطة ايضا في ايواء عسكريين فارين اذ تبين ان العسكري الفار عبد القادر الاكومي كان مع الارهابيين وصودرت قلادته من المنزل الذي اقتحمه الجيش ويرجح ان يكون قد قتل اذ عثر على جثة متفحمة في المكان بعد اقتحامه.
واكد مصدر عسكري رفيع المستوى لـ”النهار” ان الجيش اوقف واحدا من اكبر رؤوس الارهابيين الخطرين بعد تعقب الخلية التي كان يديرها منذ فترة ونفذت العملية بعد التأكد تماما من وجوده في المنزل تجنبا لإي خطأ او تدراكا لاي مخاطرة بارواح مدنيين. واوضح المصدر ان ثمة ارهابيين آخرين تجري عمليات تعقب لهم بالطريقة نفسها مع الاشارة الى ان خلية عاصون كانت مهمتها احداث خضة كبيرة وعنيفة للجيش والتخفيف عن المسلحين في جرود عرسال. واشار الى العثور على براميل متفجرة وعبوات واكياس متفجرات وادوات تفخيخ وقذائف والغام، الامر الذي يكشف جسامة الاعمال الارهابية التي كانت تعدها الخلية.
واعتبرت اوساط معنية بانجازات الجيش ان من شأن هذه العملية النوعية ان تعزز ثقة الرأي العام اللبناني اكثر فاكثر بقدرة الجيش على مواجهة التحديات الارهابية فضلا عن تعزيز الثقة الدولية المتنامية بالجيش والتي تترجمها مختلف وجوه الدعم الذي تقدمه دول عدة له في مقدمها الولايات المتحدة التي دأبت منذ آب الماضي على ارسال شحنات شبه يومية اليه. أضف ان قائد الجيش العماد جان قهوجي عاين عن قرب مستوى الاهتمام الدولي بالاستقرار في لبنان لدى مشاركته في اجتماع القادة العسكريين لدول الائتلاف في واشنطن الاسبوع الماضي اذ كرر معظم المشاركين استعدادهم لدعم الجيش واثنوا على ادائه في مواجهة الارهاب، كما سمع قهوجي من عدد من المسؤولين الاميركيين الذين التقاهم تشديدا على اهتمام واشنطن بالاستقرار في لبنان والمضي في دعم الجيش لهذه الغاية.
وعلمت “النهار” ان قيادة الجيش تتجه الى فتح باب التطوع قريبا اذ ستطوع نحو الف عسكري اعتبارا من الاسبوع المقبل والفا اخر في كانون الثاني 2015.
وكانت قيادة الجيش اصدرت أمس نشرة توجيهية الى العسكريين اتسمت بنبرة متشددة عن قرارها “الثابت والحازم في عدم السماح للارهاب بايجاد اي محمية او بقعة امنة له في لبنان”، واكدت تمسكها بتحرير العسكريين المخطوفين “عبر استخدام كل السبل المتاحة مع رفضها الخضوع لاي ابتزاز”. واعلنت ان “ولاء العسكري لمؤسسته هو الترجمة الفعلية لولائه لوطنه وشعبه والجيش بغنى عن خدمات اي عسكري يتخاذل او يخون رسالته”، مشيرة الى اندفاع الاف الشباب الى التطوع في صفوف الجيش.

مجلس الوزراء
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان إقرار مجلس الوزراء أمس الورقة التي وضعتها اللجنة الوزارية المختصة عن سياسة النزوح السوري الى لبنان تم بالاجماع وبسرعة فائقة في مقابل استهلاك المجلس ثلاث ساعات لمناقشة العقدين مع شركتيّ الخليوي وثلاث ساعات أخرى لمناقشة عقديّ استيراد الفيول اويل والغاز اويل لزوم مؤسسة كهرباء لبنان من الجزائر والكويت، فيما بقيت ساعة لكل الملفات ومنها ورقة اللاجئين السوريين وملف المخطوفين العسكريين والاوضاع السياسية وباقي البنود على جدول الاعمال. وتزامن إقرار ورقة اللاجئين مع عرض قدمه رئيس الوزراء تمام سلام عن مشاركة لبنان في مؤتمر برلين الخاص باللاجئين السوريين والمواقف التي سيعلنها هناك، فتلقى سلام تأييد المجلس. ووصف وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار” اقرار المجلس السريع لورقة العمل بقوله: “إذا كان النظام السوري فرّق اللبنانيين فإن اللاجئين السوريين وحدوهم”. .. إن إقرار الورقة بسرعة فائقة عكس شعور كل اللبنانيين بخطر اللجوء الذي يفوق طاقة لبنان دولة وشعبا ومؤسسات”.
وعرض الرئيس سلام موضوع المخطوفين العسكريين، فأكد ان هناك تطورا معينا من الممكن أن يبعث على الطمأنينة هو ان المفاوضات مع الخاطفين لن تمضي تحت التهديد بالذبح والقتل لكن هذا الامر لا يعني ان النتائج ستكون غدا. وشدد على ان هذا الامر لن يثني الدولة عن المضي قدما في بذل كل الجهود لانهاء محنة المخطوفين. وتحدث عن اتصالات جارية. وعلم ان ثمة تحركا قطريا جديدا لكنه سيكون محدودا في إنتظار أن يزخّم اذا أثمر نتائج ملموسة.
وبثت “المؤسسة اللبنانية للارسال” ليلا ان الحكومة تسلمت لائحة من خاطفي العسكريين تتضمن 44 اسما لموقوفين في سجني رومية والريحانية بينهم نعيم عباس وعمر الاطرش وجمانة حميد وعمر بكري ومتهمين بتفجيري التل والبحصاص وخاطفي الاستونيين.

 درباس
وابلغ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس “النهار” ان لبنان والاردن سيقدمان ورقة موحدة الى مؤتمر برلين في 28 تشرين الاول الجاري إنطلاقا من ان البلدين يواجهان أوضاعا مشابهة في ما يتعلق بتحمل أعباء اللجوء السوري. وقال ان كلمة لبنان سليقيها امام المؤتمر الرئيس سلام وانه ستكون له هو مداخلة في جلسات العمل. واوضح ان حجم المساعدات التي يطلبها لبنان قدّرها مؤتمر أصدقاء لبنان بمليارين و200 مليون دولار وهي مخصصة لدعم الاقتصاد اللبناني وهذا المبلغ كان من المفروض ان يتلقاه لبنان قبل نهاية 2014 لكنه لم يصل حتى الان.

بري
وفي الشأن السياسي، ردد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره انه لن يحدد موعدا لجلسة التمديد لمجلس النواب قبل استكشافه مواقف جميع الافرقاء وخصوصاً القوى المسيحية.
وقال: “الان لا يمكننا ان نجاري الا التمديد، لان دخول المجلس في الفراغ يعني انه لا يمكننا ان  ننتخب رئيسا للبلد. ومن ينتخبه هو البرلمان فكيف سيكون الحال اذا لم يكن موجودا. من جهتي أصبحت ميالا الى السير والتصويت مع التمديد، خلافا لموقفي السابق المعارض للتمديد، ولا سيما بعد موقف الرئيس سعد الحريري وقوله انه لن يشارك في اي انتخابات قبل انتخاب رئيس للجمهورية. واذ قال انه مع اجراء الانتخابات النيابية، فان الأمر لن يتعدى تمديدا تقنيا لنحو شهر ونذهب  بعدها الى الانتخابات، وثمة قانون موجود لتعديل المهل”.
وسئل ماذا عن المسيحيين؟ أجاب بري: “ان غياب جميع الافرقاء المسيحيين يجعل اي جلسة غير ميثاقية، وهو سبب مشابه لحال المكون السني”.
واذا أصر”التيار الوطني الحر” على تقديم طعن التمديد الى المجلس الدستوري؟ أجاب: “من حق اي جهة ان تلجأ الى هذا الطعن لدى المجلس الدستوري وهنا تصبح المسؤولية مشتركة بين الطاعن والمجلس الدستوري، لأننا سنكون امام فراغ نيابي”.
وخلص الى القول: “اذا كان هناك من يريد اقتياد البلد واخذه الى الفراغ بغية الذهاب الى مؤتمر تأسيسي، من الان أقول وارد ان حركة أمل وحزب الله هما مع التمديد”.

السابق
«العلويون» يتخلون عن الأسد
التالي
الاستخبارات طلبت من والدة الاكومي اجراء فحص الـ DNA