علي كفرا

كفرا

يتأخر الصديق علي، الذي التصق اسمه باسم قريته الجنوبية كفرا، في بدء رحلة شتائه.. في تفكيك خيمته البحرية على الشاطئ الجنوبي لمدينة صور، ليحشر خشبها ومحتوياتها في بيك أب مستأجر.
يستثمر علي مع زملائه الثمانية والأربعين الخيم البحرية. تتحول تلك البقعة من الشاطئ مطلع كل صيف إلى مدينة عامرة بالحياة لنحو مئة يوم. يعمل فيها البنّاء والنجار والسمكري والكهربائي والعتّال وأصحاب شاحنات النقل.. وتستورد موادها من فبارك الخشب وشركات البلاستيك والأدوات المنزلية والصحية والتعاونيات. ثم تحيي أسواق الأسماك واللحوم والخضار في المدينة. وتشكل دورة اقتصادية كاملة.
تزخر برواد البحر وممارسي هواياته، بالحفلات والسهرات، بكثير من الأحلام وأشعة الشمس. ومع النصف الثاني من تشرين الأول، تسترد الطبيعة ما لها.. وتلفظ الناس عنها.
تزول تلك المدينة شتاء.. يختفي جابي رسم دخول السيارات، والموقف والخيم، وشباب بلدية المدينة، والإنقاذ البحري والمسعفون، وصوت مذياع يعلن عن طفل ضائع أو عن انتهاء الدوام، وبائعو الترمس وغزل البنات، وألعاب الأطفال.. تنام معالمها تحت أطنان من الرمــال الزاحفة باتجاه الطريق. تعشوشب الأرض هنا وهناك، وكأن شيئاً لم يكن.
علي كفرا، المناضل المتفاني كما عرفته خلال فترة في عدوان تموز، المتطوع الناشط في برنامج الطوارئ.. طوّر مهاراته منذ كان فتى ليصهرها في مهنة موسمية تكفيه قوت سنته. طوّع المكان لاستقبال الضيوف والأصدقاء والسهر على راحتهم، لينهموا أجمل لحظات الصيف.
يقف على شاطئ صور اليوم، يطوي صيفيته الشاطئية الثانية والعـــشرين بابتســـامة لا تفارق محياه. يلقي نظرة أخيرة على رمال غادرتها الخيمة.. ويعدها بأنه سيعود، وسيعيد إحياءها بعد مرور الشتاء.

السابق
مقلب مجنون بطله بلا أطراف
التالي
أوغلو: تركيا تريد منطقة عازلة في سوريا لدواع «محض انسانية»