حديث قاسم عن «التنازلات المؤلمة» والتحذيرات الامنية مؤشر للخطة «ب»

الفراغ الرئاسي

توقفت مصادر سياسية مراقبة بكثير من الاهتمام عند زيارة المبعوث الاممي الخاص لسوريا ستيفان دو ميستورا لنائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ليس لطبيعة الزيارة فحسب باعتبار الحزب جزءا اساسيا مما يجري في سوريا من زاوية مشاركته الميدانية في الحرب الى جانب النظام، بل لما اعقبها من مواقف من جانب قاسم نفسه وتحديدا باشارته الى “ان الحل السياسي وحده ينقذ سوريا وعلى الجميع ان يتوقعوا تنازلات مؤلمة في هذا الاطار”. وسألت المصادر عما اذا كانت التنازلات المشار اليها تشكل رسالة واضحة للمعنيين بمن فيهم الحزب نفسه بوجوب الاستعداد للحل السياسي او بمعنى آخر بدء الانسحاب من سوريا لتعبيد طريق هذا الحل. وذهبت، مستندة الى مقولة الشيخ قاسم الى حدود الربط بين هذا الموقف والملف الرئاسي اللبناني الذي على ما يبدو بات متصلا بالازمة السورية واوراق الضغط التي توظفها جهات اقليمية في الصراع، بحيث ان تسريع الحل السوري من شأنه ان يفرج عن الاستحقاق الرئاسي بسرعة.

واذا ما اضيف موقف قاسم الى المواقف الدبلوماسية الصادرة عن اكثر من سفير في بيروت في الايام الاخيرة، من دوميستورا الى المنسق الخاص للامم المتحدة ديريك بلامبلي والسفير الاميركي ديفيد هيل والتي عكست بمجملها اتجاها خارجيا للضغط على القوى السياسية اللبنانية للاضطلاع بدورها الوطني وتحمل مسؤولياتها في الملف الرئاسي والاسراع الى التوافق على مرشح تلافيا للخطر الارهابي، يمكن الوصول الى خلاصة مفادها ان هذا الاستحقاق دخل مرحلة جديدة عنوانها الانتقال الى المرحلة “ب” من الاستحقاق والمتمثلة بطي صفحة ترشح القادة السياسيين تمهيدا لاتفاق الحد الادنى على مرشح غير استفزازي يحظى بقبول جميع القوى في الداخل ولا يعترض عليه الخارج، يعمل على تحصين الساحة اللبنانية المهتز استقرارها بفعل ارتدادات الازمة السورية وتفعيل دور وعمل المؤسسات الدستورية لتأمين الغطاء السياسي المطلوب لمهام الجيش والاجهزة الامنية وتعزيز مناخ الالتفاف حولها.

وقال مصدر دبلوماسي غربي واكب حركة الاتصالات التي جرت اخيرا في الداخل والخارج لـ”المركزية” واجرى مشاورات في عواصم غربية معنية بالازمة، انه جمد حراكه الخارجي الهادف الى المساعدة على انتخاب رئيس للبنان بعدما لمس انعدام أفق الحل في اعقاب بلوغ منسوب الاتهامات بين الدول المؤثرة على الاستحقاق لا سيما المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية حدها الاقصى والبرودة المتحكمة بالعلاقات الاميركية – الروسية وهي عوامل بددت كل الاجواء الايجابية التي اشيعت في اعقاب لقاء نيويورك الايراني – السعودي الشهير وبات صعبا اذا لم يكن شبه مستحيل الرهان على امكان حصول تفاهم خارجي على الرئيس اللبناني، إضافة ان ايران لم تبد تجاوبا مع الطلب الفرنسي المنسق مع الولايات المتحدة الاميركية والفاتيكان بتسهيل انتخاب رئيس جمهورية بحسب المصدر.

وتبعا لذلك اكد المصدر ان الرهان الوحيد يبقى على الحراك الداخلي الذي ينسق خطوطه العريضة الرئيس سعد الحريري بالتشاور مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد مجموعة لقاءات واتصالات اجراها مع قيادات قوى 14 اذار والنائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري مباشرة او عبر مدير مكتبه نادر الحريري بعدما تشاور في الملف مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يشير المصدر الى انه يتابع اتصالاته مع الفاتيكان في هذا الاتجاه، واوضح ان الرئيسين بري والحريري والنائب وليد جنبلاط عازمون على ولوج الحل في اسرع وقت ويبذلون كل ما يلزم من اجل اقناع سائر الافرقاء بتسهيل الخطوات لانتخاب رئيس توافقي من خارج النادي الآذاري.

واوضح المصدر ان اكثر من دبلوماسي تواصل اخيرا مع القادة اللبنانيين وابلغهم رسالة تعكس رغبة حكومات بلدانهم بتسهيل الاستحقاق وتتضمن نصحا بالاسراع في الخطوة ليحظى لبنان بفرصة دعمه خارجيا على المستويات كافة وخصوصا عبء النزوح السوري وتسليح الجيش.

وختم بالاشارة الى ان البحث ما زال جاريا بين الفاتيكان وفرنسا لايجاد الالية التي تساعد على تسهيل انتخاب الرئيس واقناع جميع الاطراف بضرورة الانتقال الى المرحلة “ب” في الخطة الرئاسية والتي مهد لها بري والحريري باعلان الثاني استعداد 14 اذار للانتقال الى هذه المرحلة وتأكيده ان 8 اذار لا تسعى الى الفراغ بل الى ملء الشغور والأول باعلانه من جنيف عن ضرورة السعي الى الرئيس التوافقي. ولم تستبعد ان تكون حركة جنبلاط الذي حط رحاله اليوم في معراب مندرجة في اطار الاستعداد لهذه المرحلة.

السابق
كبارة: الاعتداء على الجيش يهدد لبنان كله لانه الضامن للوحدة والسلم الأهلي
التالي
درباس: لبنان لم يعد رسميا يستقبل اي نازح سوري