الشهداء الشرفاء

لافتة
لا تخلو كلمة "شهيد" من التصنيف الانتقائي في مجتمعاتنا، لكن أن يصل الأمر إلى تصنيف الشهداء بين الشرفاء ومعدومي الشرف أمر عجيب. والأعجب منه استعمال "لافتة" الشهداء الشرفاء للتعدّي على الأملاك العامّة.

كلمة شهيد صفة تطلقها جماعة ما على أحد أعضائها ممن قضى في سبيل معتقداته و مبادئه أو دفاعاً عن وطنه و أرضه. و هذه الجماعة تكتفي بإستخدام الإسم “قتيل” على من قضى من خصومها أو منازعيها ممّن ينتمي إلى مجموعة أخرى.
و تتبادل الأدوار بين الجماعتين على إستخدام الصفة على من قضى في مكان واحد و زمن واحد. ولكن يبدو أن هذه الصفة تطلق على من تصرف بنبل و جرأة و إقدام. ومناسبة الحديث ما أخبرني به أحد الأصدقاء قائلا: “كنت أتجه من السفارة الكويتية نحو جسر المطار و بوصولي إلى محطة الرحاب لفت نظري أحدهم وقد إحتل بفانه الرصيف المجهز للاستخدام من قبل المشاة، ووضع قربه كرسيين وقد جهز فانه لبيع القهوة و ما شابهما. لقد إرتكب مخالفة بتعديه على الأملاك العامة، ولا يقدم على ذلك إلا من كان مدعوماً من طرف سياسي فاعل أو زعيم طائفي مميز أو جهاز أمني محلي شأنه بذلك شأن الكثيرين ممن إعتدوا على الأملاك العامة. لكن ما يميز هذا الفان أنه يرفع لافتة تحمل عنوان: إستراحة الشهداء الشرفاء”.
وأضاف: “عجيب أمر صاحب الفان، إنه يحمي نفسه بأشخاص يسّلم الجميع أنهم قضوا دفاعاً عن مبادئهم أو عن أرضهم ولكن هل أصبح هؤلاء القتلى ينقسمون إلى شهداء شرفاء وآخرين غير شرفاء. وهل صار من ينتهك القانون العام ولا يجد من يردعه بموقع من يحدد الشريف من غير الشريف. وهل يمكن أن يكون هناك شهيد غير شريف”.
سبقه من قسّم الناس وفق مسطرة إيديولوجية ، فهل إمتلك الأتباع المسطرة نفسها وقسّم الشهداء وإستخدم “شرفاءهم” لإنتهاك الحق العام؟

السابق
نكبة المعلمين…
التالي
الشريف: إتفاق طرابلس مبارك ولمصلحة مَن إبقاء المدينة على فوهة بركان