المجموعة الدولية:دعم لفظي بلا تدابير عملية

جدّدت «المجموعة الدولية من أجل لبنان» في اجتماعها الثاني في نيويورك، فجر الجمعة الماضي، جرعة دعمها اللفظي للبنان من دون أن تقرّ أيّة تدابير عملية لدعم الجيش أو لتخفيض أعداد النازحين السوريين أو لتقوية الاقتصاد اللبناني الهش.

عمليّا، ما يزال لبنان يتلقّى «عصي» الأزمة السّورية النازفة في انتظار أن ترسم حكومته استراتيجية موحّدة تجمع وجهات نظر وزرائها المتناقضة حول ملفّ النزوح وقضية اقامة المخيمات في داخل لبنان، وهذا الانقسام يلعب على وتره المجتمع الدّولي برمّته وفي مقدّمته المنظمات الدّولية وأولاها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتّحدة التي تعمل بموجب مذكرة تفاهم.

تشير أوساط دبلوماسيّة متابعة لحيثيات اجتماع المجموعة الدّولية الثاني، إلى أنّه بات «يترتّب على لبنان تحديد إستراتيجية موحدة يحاكي بها المجتمع الدّولي، تعتمد الضغط على المنظمات الدولية لتنفّذ مطالبه بحسب المصلحة اللبنانية وليس مصالحها». وتلفت الانتباه إلى ضرورة إقرار هذه الإستراتيجية قبل اجتماع برلين المقرر في 28 تشرين الأول لدول الجوار السوري، من أجل معالجة مواضيع تتعلق بتواجد اللاجئين ومشاركة الأعباء، والذي سوف يسلط الضوء بصفة خاصة على حاجات لبنان بحسب ما ذكر في بيان المجموعة الدولية في نيويورك.

وتضيء الأوساط على نقاط معينة في البيان الذي لم يخرج من كلاسيكيته ومن تكرار نصوص سابقة، كاشفة أنّ المعنيين بالصياغة حاولوا تمرير عبارة تدعو إلى تشجيع الحكومة اللبنانية على التعاون مع المنظمات الدولية، فكان اعتراض من قبل ممثلي الحكومة اللبنانية بأن العبارة ينبغي أن تكون تشجيع الحكومة والمظمات الدولية معا على التنسيق عن قرب في موضوع النازحين، وجاءت النتيجة في نيويورك كالآتي: «وشجَعوا (أي الدول المجتمعة) الحكومة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على التعاون عن كثب لتعزيز الإدارة الفعَالة لتواجد اللاجئين ولتسهيل عودتهم الآمنة في أسرع وقت ممكن».

وتوضح الأوساط أنّ لبنان وانطلاقا من هذه الفقرة سوف يطلب من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتّحدة، تسليمه أسماء النازحين المسجّلين في قيودها تمهيدا لقيام وزارات الخارجية والشؤون الاجتماعية والداخلية بإعادة تقييم الملفات وفرز النازحين والتدقيق في ما إذا كانوا يستوفون معايير النزوح التي حدّدتها وزارة الشؤون الاجتماعية أم لا.

وتضيف الأوساط أن المفوضية «تتمنّع منذ بدء الأزمة السورية عن تسليم الأمن العام اللبناني أسماء النازحين بحجج واهية، وهي لا تحترم مذكرة التفاهم الموقعة مع الأمن العام اللبناني في شأن اللاجئين والتي تقضي ـ بحسب الأوساط الديبلوماسية أنّ تسلّم المفوضية أسبوعيا لوائح المسجلين لديها للأمن العام اللبناني الذي يسجّل بدوره اسماء النازحين الآتين عبر الحدود ولا يرصد من يدخلون الأراضي اللبنانية عبر الجرود والمسالك غير الشرعية وهم يتسجلون لدى المفوضية التي تتكتّم عن أسمائهم».

وتسأل الأوساط: «كيف يمكن للأجهزة الأمنية القيام بعملها في عرسال وملاحقة الإرهابيين من دون أن تعرف أسماءهم ومعظمهم مسجّلون مع عائلاتهم لدى المفوّضية التي تتكتّم عليهم؟».

تضيف «أنّ إرغام المفوضية على تسليم لوائحها يتطلّب توافقا حكوميا جامعا حول إستراتيجية موحدة لمعالجة ملف النازحين وبدء إعادة جزء كبير منهم إلى الأماكن الآمنة. وللاسف هذه الرؤية الموحدة غير موجودة حتى الآن، ما يسهّل التذاكي على لبنان».

النأي بالنفس وليس إعلان بعبدا

إلى ذلك، لفت الانتباه في بيان اجتماع نيويورك ورود العبارة الآتية: «أكد المجتمعون استمرار أهمية سياسة لبنان في النأي بالنفس من أجل الاستقرار والأمن. وأشار العديد منهم إلى نداءات مجلس الأمن في بياناته الرئاسية فيما يتعلق بالالتزام ببيان بعبدا».

وعلقت الأوساط الدبلوماسية لـ «السفير» بالقول: «إن هذه العبارة كانت مدعاة لأخذ وردّ من حيث إعادة إحياء إعلان بعبدا الذي سقط من البيان الوزاري للحكومة الحالية، لتبقى سياسة النأي بالنفس. وكانت عبارة، أشار العديد منهم (أي الدول)، إلى نداءات مجلس الأمن في بياناته الرئاسية في ما يتعلق بالالتزام بإعلان بعبدا، هي الصياغة المناسبة لعدم التوافق».

تتابع «أما بالنسبة إلى تكرار دعم الجيش فقد تمّ ذكر الولايات المتحدة الأميركية بالاسم لأنها الوحيدة التي قدمت أسلحة وذخائر للجيش لغاية اليوم في حين تبقى الهبة السعودية عبر الفرنسيين بقيمة الـ 3 مليارات دولار مجهولة المصير.

وقد وردت الفقرة الآتية في ما يخص الجيش: «ورحبوا (المجتمعون) بحرارة بتعهد المملكة العربية السعودية، عقب هذا الاعتداء، بتقديم دعم بقيمة مليار دولار إضافةً إلى تعهدها السابق بتقديم دعم بقيمة ثلاثة مليارات دولار بالتعاون مع فرنسا. ورحبوا بالتبرعات التي تقدم حالياً في هذا الإطار أو بشكل ثنائي من قبل الدول الأعضاء لزيادة تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية. وشدد المجتمعون على الحاجة الملحة لهذه المساعدات، ولاحظوا أن بعض المعدات المطلوبة بصورة عاجلة تصل من الولايات المتحدة وآخرين وشجعوا الدول الأعضاء الأخرى القادرة على تقديم المساعدات إلى القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية على وجه السرعة».

وكانت المجموعة الدولية من أجل لبنان عقدت اجتماعها الثاني على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الفائت برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس الحكومة تمام سلام. كما قدم مداخلات كل من: وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، نائب وزير الخارجية الأميركية بيل بيرنز، نائب وزير خارجية الاتحاد الروسي ميخائيل بوغدانوف، الممثل البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة مارك لايل غرانت، نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة وانغ مين، وزيرة خارجية ايطاليا فيديريكا موغيريني، وزير خارجية المانيا فرانك فالتر شتاينماير، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، مدير إدارة السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي كريستيان بيرجي.

كما تم تقديم ملاحظات من قبل كل من: رئيسة مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية هيلين كلارك، نائبة رئيس البنك الدولي السيدة إنجر أندرسون، نائب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الكساندر الينكوف. كما حضر الاجتماع كل من: المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، قائد قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان الجنرال لوتشيانو بورتولانو.

السابق
مكتب المجلس اليوم.. وبرّي والسنيورة يفتحان الأفق الرئاسي
التالي
«خطاب أحلام» نتنياهو