القضاء على اسامة منصور عنوان معركة طرابلس المقبلة

لم يكن اسامة منصور يوماً أميراً بالصدفة، الاجهزة الامنية تسأل عن كيفية وضع حد للحالة الشاذة التي يمثلها منصور، فتأتي الاجابة معلقة بفترة زمنية لما بعد الاحداث الامنية في عرسال حيث ستُفتح معركة جديدة في التبانة عنوانها القضاء على اسامة منصور.

عندما اقتضت الخطة الامنية في الشمال تسوية تتعلق بانهاء المعارك القتالية بين باب التبانة وجبل محسن والقاء القبض على عدد من المتورطين وازاحة البعض الآخر عن الصورة، لم يدخل اسم اسامة منصور ضمن السيناريو، ظل الاخير طليقاً ليترفع عن مجرد كونه قائد محور الى قائد مجموعة متطرفة من اكثر من ثلاثين شاباً تجمعهم عقيدة “النصرة” و”داعش”. لم يعد خافياً على أحد في طرابلس انّ منصور يوالي “داعش” لا يحتاج الى الاعتراف جهاراً بعكس ذلك، فالتهمة موثقة بمزيد من مذكرات التوقيف الصادرة بحقه على خلفية معارك التبانة ومختلف الاعتداءات التي نفذها متطرفون في وجه الجيش، واكثر من ذلك، يؤكد عدد من سكان التبانة انّ منصور وعبر مجموعته ينفذ احكامه وعقوباته كما تلك الاحكام التي تنفذها “داعش” في حق كل من تجده “مرتداً”. أحكام جعلت تهمة قتل الشاب الشيعي من بنت جبيل فواز بزي والذي يسكن في التبانة منذ زمن طويل تلبسه، بالرغم من انكار منصور لها، معترفاً فقط بأنّه استدعاه ليحقق معه على خلفية تزويد اخيه وهو عنصر في “حزب الله” بمعلومات، ليُقتل فواز اثر التحقيق بطلقات نارية ويموت متأثراً بجراحه.

محكمة التطرف
ليس فواز فقط، شاب آخر من التبانة اُستدعي للتحقيق، الاخير تناول مشروباً روحياً، ووفق عقيدة منصور ومن يواليه فالعقاب أصبح جائزاً… حكمت محكمة التطرف والارهاب بطلقة نارية في رجل الشاب.

في طرابلس بات الموت رخيصاً، بات حلالاً في ثقافة الارهابيين، وعصياً على الحل في ثقافة دولة فشلت عن ايجاد مخارج لكل الحالات الشاذة التي تحكم عاصمة الشمال، فالساعة لم تحن بعد. ينتظر الامنيون انتهاء الاحداث العرسالية وملف المخطوفين العسكريين لدى المجموعات الارهابية في الجرود ليتم تطهير التبانة من منصور واخوته. تفيد معلومات امنية خاصة لـ”البلد” بذلك، فمنصور أصبح تحت المرصاد، وأسوأ ما يمكن تصوره من ضمن الخطة التي يُعمل عليها لالقاء القبض على منصور هو التخوف من حالة “تهجير لابناء التبانة”، فالمواجهة لن تكون سهلة لاسباب عدّة، أولها انّ منصور يسكن في حي سكني شعبوي مكتظ بالسكان والمحال، ما يسمح لمنصور بالتحرك بشكل اسهل مقارنة بحركة العناصر الامنيين، أضف الى ذلك انّ منصور وبعضا من رفاقه ينامون في مسجد عبدالله ابن مسعود، ما قد يشكل حالة مشابهة لمعركة عبرا التي اُستخدم فيها احد المساجد مدرعاً وقائياً للارهابي احمد الاسير. امّا السبب الثاني فمرده الى انّ الدخول في معركة مع منصور سيكلف مزيداً من الضحايا، ما يعني انّ التبانة ستشهد حالة استنفار حيث من المتوقع أن يشارك بعض الموالين لفكر “داعش” في القتال الى جانب منصور، وبخاصة انّ “الجيش مكروه” في طرابلس حسب تعبير مصدر أمني يعي تماماً تكلفة المعركة المرتقبة. ويؤكد المصدر الامني انّ تعميماً خاصاً صدر مؤخراً للاستقصاء عن كل المجموعة، “سيتم احصاء كل الاسماء المنضوية تحت راية منصور، بحيث سيكون الدور مقبلاً لالقاء القبض عليهم بعد الانتهاء من عرسال، وذلك دون اي تسويات”. وذلك حتماً سيقابل بردة فعل شعبوية منددة بقتال اي شخص من طرابلس، وبخاصة لناحية تحول الشارع الطرابلسي الى مدافع شرس عن ابن المدينة “نصرة لاهل السنة ورفع المظلومية عنهم” الذي يشاركهم العداء لابناء جبل محسن، النظام السوري و”حزب الله”.

خوات وعقوبات
تتحدث المعلومات عن جدية في العمل، حيث لن يكون هناك اي تسويات تُذكر، فالخطر أصبح معمماً حسبما يجمع عدد كبير من ابناء التبانة الذين نقلوا شكواهم من توسع سلطة منصور ورفاقه، هم انفسهم وآخرون ساهموا بشكل او بآخر بتكبير حجم اسامة منصور ليتحول وحشاً كاسراً يصبح القضاء عليه في ما بعد مسألة بطولية. اذاً، الامر جدي، بانتظار انّ تُعد العدة النهائية للمعركة كما يسميها المصدر، وفي المقابل فانّ عدة منصور جاهزة. ينقل شخص مقرب عنه انّه يعمد القول مراراً بأنّ باستطاعته شراء كل السلاح الموجود في طرابلس. امّا بالنسبة الى الدعم المعنوي فمنصور لا يتلقاه من شخصيات سياسية أو حزبية لبنانية كما جرت العادة ابان الجولات القتالية بين التبانة والجبل، فتمويله قطري الهوى عبر أكثر من شخصية قطرية من الجماعات المعروفة بدعمها لجبهتي النصرة” و”داعش” على حد سواء. ومنصور شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره، استطاع ان يخرج عن المألوف من حركة قادة المحاور الذين اشتهروا مؤخراً، فاسامة يمثل حالة خاصة، شارك في المعارك القتالية وكان من بين ابرز الاسماء التي استهدفت الجيش بأكثر من ضربة موجعة، لديه مجموعة من التسجيلات الصوتية المحرضة على الجيش ايضاً وعلى كل مرتد عن الدين الاسلامي، يفرض الخوات كما العقوبات، ويبرز نفسه حاكما شرعيا على سياسة وأمن العباد، اما مجموعته فتتألف مما يزيد عن الثلاثين شاباً، من بينهم الارهابي شادي المولوي، شقيقه جلال منصور، عمر الدندشي، ويحيى الجاسم، وآخرون.

تجاوزات منصور ورفاقه أصبحت كثيرة في الآونة الاخيرة، وتحديداً بعد مرحلة تنفيذ الخطة الامنية، يبرر منصور فعلته بأن “هدفنا دفع الظلم عن انفسنا”، ولا يعترف بمبايعة “داعش” بل بقربه من “النصرة كمنهج عمل على الارض”، مؤكداً بأنّه سيرفع سلاحه بوجه اخيه ان اعتدى عليه.

بالنسبة الى المصدر الامني فانّه لا يخفي حقيقة ضرورة توافر الغطاء السياسي لمثل هذه الخطوة، “فكل السياسيين والامنيين اليوم يجمعون على أفضلية ضرب كل الحركات المتطرفة، فهم لا يريدون نموذجاً لعبرا ثانية أو عرسال ثانية”. هنا يتساءل المعترضون على وجود منصور ورفاقه من اهالي طرابلس وتحديداً التبانة، عن كيفية قبول المسؤولين السياسيين بوجود هذه الحالة وخصوصاً اثر اجماع مختلف الافرقاء على ضرورة ضرب التحركات الاصولية، فأين هو دور الوزير اشرف ريفي ابن البيئة الشمالية، وأين تيار “المستقبل” مما يحصل، أين هم ارباب الخطة الامنية التي حيدت منصور عن تسويتها، أين هو وزير الداخلية مما يحصل وسيحصل، وكل النواب والامنيين معنيون ايضاً بالسؤال.

اسامة منصور حالة خارجة عن القانون، متفلتة عن كل الضوابط… لا يمكن التعاطي معها باستخفاف، وحتماً المواجهة لن تكون سهلة، فمتى يحين موعد القصاص؟.

السابق
تنصيب المفتي دريان اليوم: عهد جديد لخدمة الإفتاء ولبنان
التالي
التسوية الحكومية الأمنية تتمدَّد ديبلوماسياً والترشيحات لمنع المفاجآت