إسرائيل والتحذير من حزب الله: تهويل من اقتحام الجليل لدعم ميزانية الجيش

أثارت تصريحات أدلى بها ضابط كبير في قيادة الجبهة الشمالية حول احتمالات تعرض مستوطنات الجليل لعمليات اقتحام واحتلال من جانب «حزب الله» في أي حرب مقبلة، ردود فعل متضاربة بين المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة.

وفيما أثارت هذه التصريحات مخاوف لدى البعض خصوصا بعد أداء الجيش الإسرائيلي الضعيف في الحرب الأخيرة على غزة، قال رؤساء سلطات محلية إن التصريحات لا تتعدى كونها جزءا من المعركة لزيادة ميزانية الدفاع. وتشهد معارك ميزانية الدفاع في كل عام تقريباً ميل قيادات الجيش لتضخيم المخاطر أو إعادة إحيائها.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية عدة، إلى أن كثيرين فوجئوا بالطريقة التي تحدث بها الضابط الكبير أمام مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام الإسرائيلية وفي هذه الفترة الحساسة؛ فرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشي يعلون زادا مؤخرا من وتيرة الضغط لزيادة ميزانية الدفاع عبر الحديث عن تعاظم المخاطر وتزايد كلفة الاستعدادات لمواجهتها. كما أن الجيش الإسرائيلي صار يعلن أن عدم تلبية مطالبه بزيادة الميزانية يعني تقليص التدريبات وضعف الاستعدادات لمواجهة الخطر المقبل الذي يقولون إنه يتزايد.
وبرغم كثرة الحديث في العالم عموما وفي إسرائيل عن «داعش»، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تحاول تركيز الاهتمام بشكل أساسي على أعدائها المعروفين: «حزب الله» في الشمال، وحماس والجهاد في الجنوب. وفي هذا الإطار تقع التصريحات التي تشدد على ملموسية المخاطر وعدم إبقائها في مجال الاحتمال.
وفي كل حال، قال رئيس مجلس «مفؤوت حرمون» بني بن موفحار: «إننا لا نخاف لا من حزب الله ولا من أي جهة أخرى. على الجيش أن يصدر لنا تعليمات ونحن سنكون جاهزين لكل شيء». وأضاف: «نحن شعب قوي وجيش قوي ونعرف عندما يحين الوقت كيف نواجه كل مسألة تحل علينا».
وأشار بن موفخار إلى أن كلام الضابط الذي تحدث عن خطط لدى «حزب الله» لاحتلال مواضع في شمال فلسطين وعدم الاكتفاء بالدفاع عن حدود لبنان في أي حرب مقبلة بأنه «ليس مفاجئاً». ومع ذلك قال إن هذا الكلام معد كأداة في الصراع على ميزانية الدفاع، التي اعتبر أن تقليصها يضر بكل المستويات بالدولة.
وكشف رئيس بلدية معلوت ترشيحا، شلومو بوحبوط النقاب عن أنه حضر قبل شهر «اجتماعات جرت بقصد طمأنتنا تجاه المخاطر في الشمال… وهذا الكلام يشتم منه رائحة اقتراب إقرار الميزانية».
وشدد بوحبوط على أن الإحساس بالأمن في المنطقة لم يتغير وأن «منطقة الجليل منطقة هادئة وسكانها وزوارها يشعرون بالأمن». واستدرك كلامه وقال: «مع ذلك نحن نفتح أبصارنا طوال الوقت ومن المؤكد أن من الصواب والحيوي أن يكون الجيش يقظاً ومستعداً لمواجهة مخاطر الشمال».
من جهته، انتقد سيفان يحيئيل، رئيس «منتدى مستوطنات خط المواجهة»، بشدة تصريحات الضابط الكبير، وقال إن «المعلومات التي أعلنها ليست جديدة. وقد سمعناها من قبل. وليس جديداً أن هناك توتراً في الشمال. وهم لا يزعمون أن حزب الله سوف يحتل صباح الغد وإنما يتحدثون فقط عن ذلك. إن الخطر المركزي هو احتلال مستوطنات… وكل ما قيل للصحافيين قديم يعرفه المراسلون في الشمال ونعرفه نحن. الآن فقط يكشفون الأمر للمراسلين العسكريين، وهذا ليس جديداً».
ولكن رئيس «مجلس مستوطنات الجليل الأعلى» جيورا زيلتس، قال: «نحن نتحدث عن هذا الموضوع منذ ثلاث سنوات. لماذا أخرجوا الأمر الآن بهذا الشكل؟ لقد تحدثت مع قائد الجبهة وقلت له إن هذا الكلام مريب. لماذا يفعلون ذلك هكذا؟».
وحمل زيلتس بشدة على وسائل الإعلام التي غطت هذا الكلام «وكأنها تسمعه للمرة الأولى، فيما هي تعرفه منذ ثلاث سنوات. أنا أتلقى مكالمات من أناس يسألونني ما العمل وهم خائفون. الناس يشاهدون التلفزيون والبث الحي من الحدود الشمالية وصورا حمقاء لا أحد يعرف متى تم تصويرها لأناس من حزب الله».
تجدر الإشارة إلى أن كل وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت مع كلام الضابط صوراً قيل إنها لرجال من «حزب الله» بلباس مدني وعسكري وبعضهم يحملون أسلحة قرب الحدود.
وصاغ المراسلون العسكريون كلام الضابط الكبير بشكل مثير، أوحى وكأن المواجهة على الأبواب وأن الخطط جاهزة. وإذ أشار المراسل العسكري لـ«القناة العاشرة» أوري هيلر، مثلاً، إلى أنه إذا كان البعض في لبنان منذ حرب لبنان الثانية يخشى من المواجهة مع إسرائيل، فإن «الفرقة 91» (فرقة الجليل) تلحظ في الشهور الأخيرة تغييراً في نمط عمل «حزب الله»، يتجلي بشكل متزايد في النشاط المسلح قرب الحدود.
ونقل المراسل الصور التي عرضها الضابط الكبير لناشطين من «حزب الله» مسلحين يجمعون معلومات استخبارية عن الجيش الإسرائيلي ودورياته. وحذر الضابط من أن «حزب الله» يخطط للتغلغل بمئات من المقاتلين إلى داخل إسرائيل في المواجهة المقبلة، في محاولة للسيطرة على مستوطنة لساعات عدة.
عموماً، تحدث الضابط وقال إنه «برغم أن (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله غير معني بتسخين الجبهة، إلا أن حادثاً صغيراً، عملية صغيرة، يمكن أن تجر الجميع». وشدد على أنه «بشكل عام الوضع في الشمال هادئ. هناك سياحة وبالوسع التنزه. نحن لا نوجد في وضع بأننا نقترب من حرب».
وأضاف أن لا معلومات لدى الجيش عن وجود أنفاق لـ«حزب الله» تمتد إلى داخل إسرائيل، كما حدث في غزة. لكن نمط قتال «حزب الله»، وفق الضابط، تغير، حيث بدلاً من وحدات بعشرة مقاتلين صار يمكنه الهجوم بوحدات من مئة مقاتل على الأقل، بهدف احتلال موقع في إسرائيل لبضع ساعات.
وأشار الضابط إلى «أننا في الأسابيع الأخيرة نشهد تغييراً مثيراً في خطة الدفاع عن الحدود في زمن الطوارئ. وبين أمور مختلفة، نحن نبلور أيضاً خطط إدراج احتمال إخلاء سكان المناطق القريبة للحدود في حال قرر المستوى السياسي ذلك. إن لدى حزب الله 30 ألف مقاتل، نصفهم في الخدمة الاحتياطية تدربوا فقط لخمسة أيام. ينبغي أخذ الأمور في سياقها. أحد الاحتمالات لدينا هو منع هجوم بري لحزب الله على أراضينا عن طريق استباقه واحتلال منطقة لبنانية مجاورة. وخلافاً لقطاع غزة، قسم من مستوطنات الحدود مع لبنان قريبة جداً للقرى اللبنانية، بحيث لا يوجد تقريباً هامش حماية».

السابق
لماذا رفضت إيران محاربة داعش؟
التالي
إقبال كثيف للنازحين السوريين على مركز الامن العام في طرابلس