ما جديد منتدى بيروت الخامس للطاقة؟

للمرة الأولى في لبنان سيتم إطلاق مشروع لإنشاء محطة شمسية وتلزيم إنتاج 3 ميغاواط كهرباء من الشمس. ربما سيكون هذا الخبر الحدث الأبرز الذي سيعلن عنه في منتدى بيروت الخامس للطاقة الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة الذي سيعقد في ضبيه بين 17 و19 الجاري والذي ينظمه «المركز اللبناني لحفظ الطاقة». كما يأتي هذا الإعلان بعد مشروع بناء محطة شمسية على مجرى نهر بيروت بقدرة ميغاواط واحد، وهو المشروع الأول من نوعه في المنطقة (والعالم ربما) اذ يتم الاستفادة من سقف مجرى نهر لتوليد الطاقة الكهربائية… من المتوقع إنجازه وربطه على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان قبل آذار القادم. كذلك سيتحدث المنتدى عن المناقصة العالمية التي حصلت هذا العام في بيروت لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح (50 إلى 100 ميغاواط) والتي لا تزال قيد التلزيم. بالإضافة الى معلومات عن تقدم لبنان كثيرا في السنتين الأخيرتين في استخدام سخانات المياه الشمسية بشكل لافت، ونجاح مصرف لبنان في وضع آليات التمويل لتطوير المعايير الخضراء في السوق اللبناني حيث تجاوزت المبالغ المستثمرة في هذا القطاع حتى اليوم 160 مليون دولار أميركي. بالإضافة الى إعادة الاهتمام بتطوير الطاقة الكهرومائية التي تراجعت كثيرا في لبنان بعد ان تم الاعتماد على المعامل الحرارية بشكل شبه كلي.

جديد هذا العام أيضا، صدور قانون في مجلس النواب رقم 288 بتاريخ 30/4/2014، نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/5/2014، أضيفت بموجبه فقرة إلى المادة السابعة من القانون رقم 462 الصادر بتاريخ 2/9/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) بمادة وحيدة تنص على التالي: «بصورة موقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة واضطلاعها بمهماتها، تمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية». ويفترض ان يكون العمل بهذا القانون قد بدأ منذ أربعة أشهر تقريبا، والذي يسمح بإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة (وغير متجددة) وكسر احتكار مؤسسة كهرباء لبنان.
تجري التحضيرات اللازمة لتنظيم هذا المنتدى اذاً، الذي تمتد أعماله لمدة 3 أيّام على التوالي، برعاية وحضور وزير الطاقة والمياه ارثيور نظريان. وستكون نسخة هذا العام، بحسب رئيس «المركز اللبناني لحفظ الطاقة» بيار خوري «أكثر تطورا عن الأعوام السابقة، حيث سيشهد المنتدى أكبر حشد من الشركاء من لبنان والعالم ( حوالي 750 خبيرا ومختصا ومتابعا)، ويشكل فرصةً فريدة للفاعلين في قطاع الطاقة، إذ يسمح لهم بالتفاعل والتواصل والتحاور مع المستثمرين، أصحاب القرار، ومؤسسات التمويل».
اللافت والجديد هذا العام، بحسب خوري، الشراكة مع وزارة الصناعة وجمعية الصناعيين، حيث يتركز البحث عن حلول متقدمة في مجالي توفير الطاقة والبحث عن بدائل استراتيجية للطاقة التقليدية، هذا القطاع الذي يعتبر مستهلكا كبيرا للطاقة.

يحاضر في أعمال المنتدى، بحسب نائب رئيس المركز زياد الزين، خبراء محليون، عرب وأجانب، إضافة الى ممثلين عن جمعية الصناعيين، نقابة المهندسين، جامعة الدول العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي، الإسكوا، الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة RCREEE، مشروع كفاءة الطاقة في قطاع الأبنية MED-ENEC، الجامعات، الوزارات، الإدارات والمؤسسات العامة، المنظمات غير الحكومية، الجمعيات الأهلية، المؤسسات الدولية المانحة… كما يتضمن نماذج متقدمة من النقاشات تفتح الأفق أمام ملامسة الحلول المستدامة».
يشارك في المنتدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، الذي يدعم مشاريع توفير الطاقة، خاصة بعد توقيع شراكة جديدة مع وزارة الطاقة والمياه تتمثل بتأسيس مشروع دعم السوق اللامركزي للخلايا الفوتوفولطية في لبنان، بموازاة المشاريع التنفيذية النموذجية التي ينفذّها مشروع «سيدرو» في عدة مناطق لبنانية.
كما يشارك ممثلون عن الاتحاد الأوروبي نظرا للدعم الذي يقدمه لموضوعات التنمية المستدامة، ومنها برامج كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة والأبنية الخضراء، وارتباط هذا الدعم بالنتائج المباشرة. ويشكّل المنتدى فرصة هامة لإطلاق مشروع SISSAF في الحلقة الأولى التي تلي حفل الافتتاح مباشرة، والذي يهدف إلى تحسين كفاءة الخدمات المقدمة واستدامة التمويل في البنية التحتية للقطاعات التالية في لبنان (الطاقة، المياه والمواصلات).

تزايد الاستثمارات

إلى جانب قاعات المحاضرات يقام معرض كبير، لإحداث توأمة بين سياسات القطاع العام وقياس مدى تأثيرها في نمو السوق واستثمارات القطاع الخاص في هذا المجال، خاصة أن آليات التمويل التي وضعها مصرف لبنان نجحت في تطوير المعايير الخضراء في السوق اللبناني ودفعت باتجاه استثمارات كانت محجوبة أو مترددة، إذ تجاوزت المبالغ المستثمرة في هذا القطاع حتى اليوم 160 مليون دولار. ويتم البحث مع مصرف لبنان لتطوير واستدامة هذه الآلية ودخول شركاء تمويل جدد، ومنها بنوك الاستثمار الدولية، بعد موافقة مجلس الوزراء على طلب مجلس الإنماء والإعمار إبرام اتفاقية القرض مع البنك الأوروبي للتثمير لتمويل قروض للقطاع الخاص في مجال توفير الطاقة، والطاقة المتجددة، بانتظار المصادقة على الاتفاقية في مجلس النواب، كذلك يجدر الانتباه إلى التنسيق بين وزارتي الطاقة والمالية للاستفادة من قرض بقيمة 30 مليون دولار أميركي من البنك الدولي لتمويل مشاريع متعلقة بإعادة تأهيل الطاقة الكهرومائية وتنفيذ تطبيقات كفاءة الطاقة في المباني الحكومية.

استراتيجيا عربية

سيتم تنظيم أربع ورش عمل واجتماعات مركزية بموازاة قاعة المحاضرات الرئيسية، حيث يعقد المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة اجتماع الهيئة الاستشارية لتطوير موضوعات كفاءة الطاقة في حوض المتوسط بالتعاون مع البنك الدولي، كما يعقد مشروع التطوير المتوسّطي لبرامج الدعم لمبادرات الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة MED-DESIRE اجتماعي اللجنة التوجيهية واللجنة التقنية – العلمية، بالإضافة إلى اجتماع إقليمي بتنظيم من الإسكوا حول دور الطاقة المتجددة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية، ويركّز على دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في تقديم فرصة فريدة لتطوير الأعمال في مجالي الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتعزيز الأسواق وجذب الاستثمارات المحتملة من القطاع الخاص انسجاما مع الاستراتجيا العربية لتنمية الطاقة المتجددة 2010-2030 التي تضمنت أهدافا وطنية للطاقة المتجددة لكل دولة، حيث ستقوم إدارة الطاقة في جامعة الدول العربية بإطلاقها خلال المنتدى.

شبكة «شمسي»

أما ورشة العمل التي ينظمّها المركز الإقليمي أيضا فتخص شبكة «شمسي»، أي المشروع العربي لشهادات الأنظمة الشمسية الحرارية، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، حيث تم تأسيسه بتوصية من المجلس الوزاري العربي للكهرباء بجامعة الدول العربية، بهدف إيجاد أسلوب موحّد لمنح شهادات الجودة للسخانات الشمسية في العالم العربي، وقد أبدت خمس دول عربية (الأردن، تونس، لبنان، ليبيا ومصر) حتى الآن استعدادها للعمل وفق مشروع «شمسي» وتنفيذه على المستوى الوطني. ويعتبر لبنان الأكثر قدرة على المنافسة نظرا لامتلاكه مختبرا رئيسيا لقياس اداء أجهزة التسخين الشمسي تم إيداعه في مقر معهد البحوث الصناعية بموجب هبة يونانية.
كما أن الحكومة اللبنانية أقرّت المواصفات الإلزامية لأجهزة التسخين الشمسي لضبط جودة السوق، بالإضافة إلى نمو حركة التصنيع الداخلي بشكل واضح وليس الاعتماد فقط على التجميع والاستيراد. يذكر هنا أن لبنان من بين أفضل 10 دول في العالم في حجم سوق السخانات الشمسية للعام 2012، ويتم الدفع باتجاه المزيد من الحوافز والدعم لتطوير السوق، والعمل مع الإدارات والوزارات المختصة وخاصة المجلس الأعلى للتنظيم المدني على إلزامية السخانات الشمسية في رخص المباني الجديدة.

إنتاج 100 ميغا من الرياح

رغم كل الظروف المحيطة بلبنان والمنطقة، يستقطب المنتدى هذا العام، بحسب رئيس المركز بيار خوري، 150 خبيرا متخصصا من الدول العربية والخارج، عدا عن المشاركين اللبنانيين الذين يتجاوز عددهم 300 مشارك. وهذا يدلّ، بحسب رأيه، على مؤشرات تطوير اداء الخطط والبرامج في لبنان المتعلقة بكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، في ظلّ مشاريع تنفيذية يشهدها هذا العام وفي مقدمها مشروع بناء محطة شمسية على مجرى نهر بيروت بقدرة واحد ميغاواط، وهذا المشروع نموذجي وفريد لناحية استخدام سقف نهر لتوليد الكهرباء، من المتوقع إنجازه وربطه على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان قبل آذار القادم. وحول مصير المناقصة العالمية لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح (50 إلى 100 ميغاوات) والتي تأخر البت بها قليلا، يؤكد خوري «ان اللجنة الوطنية المشكلة من الوزارات والإدارات المعنية، أنجزت دراسة العروض إداريا وتنكب حاليا على دراسة وتقييم العروض التقنية بالاستعانة بخبير أجنبي مختص وإبداء الملاحظات والتوجيهات… تمهيدا للمرحلة الثانية المتمثلة بفضّ العروض المالية وتحديد النتائج، تمهيدا لرفعها إلى مجلس الوزراء من خلال وزير الطاقة والمياه».
فهل تدخل طاقة الرياح في مزيج الطاقة للعام القادم؟ هذا ما يتوقعه المركز والكثير من المراقبين، لا سيما ان الإطار القانوني أصبح جاهزا، كما اسلفنا.

ثقافة التوفير

خلال فعاليات المنتدى وفي محور خـاص، سيتم الإعلان عن مبادرة جديدة لبناء محطة شمسية على مرحلتين بقدرة 3 ميغاواط من تمويل الحكومة اللبنانية أيضا».
كما سيعلن ان المركز اللبناني لحفظ الطاقة قد وضع معايير لتأهيل الشركات العاملة في مجال السخانات الشمسية، وان العمل الحالي يتركز الآن على وضع آلية لتأهيل شركات التدقيق الطاقوي نظرا لحاجة السوق الماسة لخدماتها، ارتباطا بآلية القروض التي يمنحها مصرف لبنان، وهو سيكون موضوع نقاش علمي خلال محاور المنتدى.
لا يهمل منظمو المنتدى التفاعل مع وسائل الإعلام كشريك فعلي في نشر ثقافة توفير الطاقة والحد من الاستهلاك وفي تشجيع استخدامات الطاقة النظيفة والبديلة، وسيتم تخصيص محور خاص يوم الجمعة الموافق في 19 أيلول 2014 لمؤتمرات صحافية ومقابلات مع وسائل الإعلام، للشركاء المساهمين في دعم وتفعيل موضوعات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة والأبنية الخضراء.
يذكر أن حفل الافتتاح سيشهد الإعلان عن سفراء الطاقة للعام 2014.

السابق
اليوم الأخير لقباني في ’الدار’: أين المبادرة المصريّة؟
التالي
سليماني يتقدم في العراق.. ويتأهب لجولة في سوريا