قطر وتمويل داعش: المقاربة الأميركية

ترى الولايات المتحدة في حليفتها المقرّبة قطر بؤرةً لتمويل الإرهاب، إلى حد أن واشنطن وصفت هذه الدولة الخليجية الصغيرة بأنها بيئة متساهلة مع تمويل الجماعات الإرهابية.

وتقول الولايات المتحدة إنها لا تملك أدلة على أن الحكومة القطرية تموّل الجماعة الإرهابية المعروفة الآن باسم «الدولة الإسلامية أو «الدولة الإسلامية في العراق والشام-»داعش». وتعتقد أن أفراداً في قطر يساهمون على المستوى الشخصي في تمويل هذا التنظيم وغيره من أمثاله، لا بل تعتبر أن الدولة الخليجية لا تبذل جهوداً كافية لوضع حد لهذه الظاهرة. وفي سبيل التأثير في السياسات القطرية، انتهجت الولايات المتحدة مقاربة العصا والجزرة مع حليفتها القطرية، بحيث انهالت عليها بالثناء على الأنظمة الجديدة التي وضعتها لمكافحة تمويل الإرهاب، فيما عمدت إلى ردعها في السر عن دعم التنظيمات الإرهابية وأحياناً لومها علناً على ذلك. لكن المشكلة الجوهرية هي أن الأجندة الأميركية لمكافحة الإرهاب تتعارض أحياناً مع ما تعتبره قطر مصالحها السياسية الخاصة. فقد اقتضت الإستراتيجية الأمنية القطرية أن تدعم عدداً كبيراً من التنظيمات الإقليمية والدولية بهدف ردّ التهديدات عن البلاد. وقد تضمنت هذه الإستراتيجية تقديم المساعدات السخية للمنظمات الإسلامية. ويشكل السماح بجمع التبرعات المحلية والخاصة لمصلحة جماعات إسلامية في الخارج جزءاً من هذا النهج. لذلك فإن إغلاق قنوات الدعم للمسلحين الإسلاميين – وهو ما تريده واشنطن من الدوحة – يتنافى مع المقاربة الأساسية التي تعتمدها قطر إزاء أمنها الخاص.
لقد ثبت أن الضغط الأميركي والدولي قادر على التأثير في سياسات مكافحة تمويل الإرهاب لدى دول الخليج، وأحدث مثال على ذلك هو الكويت. فقد عمدت الكويت تحت ضغط كبير هذا العام إلى تعزيز أنظمتها المتراخية حول مكافحة تمويل الإرهاب، وثمة دلائل على أن بعض القوانين الجديدة على الأقل ستنفذ بصرامة، وهذه مشكلة كبيرة عندما يتعلق الأمر بدول الخليج.
ويجدر بالولايات المتحدة أن تنظر إلى علاقتها الوطيدة مع قطر كسبيلٍ لحثّ حليفتها على المضيّ في اتجاه أفضل. والمكاسب المقلقة التي حققها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا تمثل فرصة خاصة أمام واشنطن للعمل مع قطر على تطبيق إجراءات مكافحة تمويل الإرهاب.
وقد تُوطّد قطر عزمها على تضييق الخناق على القنوات الخاصة لجمع الأموال إذا ما شعرت بتهديد مباشر من «داعش» أو من الجماعات الإرهابية الأخرى التي تدعمها الأطراف المانحة المحلية، أو إذا اعتبرت أن «الجهاديين» القطريين العائدين إلى ديارهم من العراق وسوريا يشكلون خطراً أمنياً عليها.
وفي الواقع إن الإشارات التي تظهر أن «انتصارات داعش» ربما تقود إلى رفع مستوى التبرعات الخاصة التي تأتي من الخليج إلى غيرها من الجماعات السنية المسلحة، تضفي أهمية أكبر على الحاجة إلى اتخاذ تدابير مؤاتية لمكافحة تمويل الإرهاب.
وفي الوقت ذاته، فإن إضعاف «داعش» مالياً يتطلب مقاربةً لا ترتكز على الهبات الخليجية الخاصة. وتكسب «الدولة الإسلامية» النسبة الكبرى من دخلها بشكل مستقل من تهريب النفط والابتزاز وغيرها من الجرائم في العراق وسوريا. لذلك، فإن تقويض القاعدة المالية لهذا التنظيم يستوجب دحر قدرته على النفاذ إلى موارد الدخل المحلية هذه.

السابق
أهالي العسكريين المخطوفين يعتصمون امام السرايا الحكومية
التالي
هل تستغني 14 آذار عن جعجع وترشّح الجميّل؟