من بيروت إلى نيويورك: تسليح الجيش

سمير جعجع

كتبت صحيفة “النهار” تقول : مع ان التمديد للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” غالبا ما لا يكتسب دلالة استثنائية، فان خطوة مجلس الامن امس التمديد لها 12 شهرا اضافيا اتخذت بعدا بارزا من منطلق مزدوج: الاول لتزامن التمديد مع عودة مناخات التوتر الى المنطقة الحدودية التي عاشت في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة آخر فصول اطلاق الصواريخ والردود الاسرائيلية عليها. والثاني لاشادة المجلس القوية بالجيش باعتباره “الركيزة المحورية لاستقرار لبنان”.

وصدر الموقف الدولي الداعم للجيش، فيما يكتنف الغموض والقلق قضية الاسرى العسكريين لدى التنظيمات الاصولية المتطرفة عقب مواجهة عرسال والتي تزيدها تعقيدا الممارسات الدعائية الضاغطة للجهات الخاطفة بقصد ابتزاز السلطات الرسمية والضغط عليها وترهيبها، الامر الذي ظهر بوضوح في الايام الاخيرة عبر وتيرة متسارعة لتوزيع الاشرطة المصورة للاسرى لدى كل من تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” ومن ثم لجوء التنظيم الاخير امس الى التهديد بالشروع في قتل الاسرى. ومع ان الجهات المعنية بملف الاسرى لا تستخف بأي تهديد يصدر عن الجهات الخاطفة، فانها لا تستبعد ان يكون التهديد وسيلة تخويف وابتزاز علما ان ثمة معطيات تشير الى ان تصعيد الضغط يتصل ببعض النواحي العملانية في عرسال، مما يشتم منه ان الخاطفين يستعجلون صفقة معهم استنادا الى أوضاع ميدانية تمتد من القلمون الى جرود عرسال. وقد تناقلت مساء امس مواقع التواصل الاجتماعي بيانا منسوبا الى “داعش” يهدد بتصفية العسكريين اللبنانيين تباعا وكل ثلاثة أيام اذا لم يتم تحييد “حزب الله” عن المفاوضات ولم تعمل الحكومة جديا لحل الازمة. وصرح الناطق باسم “هيئة العلماء المسلمين” الشيخ عدنان امامة لـ”النهار” تعليقا على البيان المزعوم: “لا يمكننا ان نؤكد البيان أو ان ننفيه من موقع أننا أعلنا تعليق الوساطة”.

في غضون ذلك، شرح رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره مساء امس دوافع عقده اجتماعا مع سفراء الدول الخمس زائد واحد، باعتبار السفير ديريك بلامبلي يمثل الامم المتحدة لحضهم على الإسراع في تسليح الجيش. وخاطبهم في البداية: “ان ثمة مواضيع عدة مهمة يمكن البحث والنقاش فيها وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي واللاجئون السوريون وينابيع المياه الحلوة والنفط في المياه الاقليمية اللبنانية في البحر، وعلى أهميتها سأكتفي اليوم بموضوع واحد وعاجل هو ضرورة تسليح الجيش اللبناني استنادا الى اللوائح والحاجات التي قدمها قائد الجيش العماد جان قهوجي في هذا الخصوص. ولا يعرف لبنان دينا معلقا في ذمته ويجب تجاوز الاجراءات الروتينية لايصال السلاح الى الجيش”.

وطالب بري السفراء بـ”تأمين جسر جوي للجيش لانه يخوض معركة ضد الارهاب. وهذا هو أساس طلبي لهذا الاجتماع” مشددا على “تجاوز بعض الاجراءات والشكليات الروتينية بغية توفير حاجات المؤسسة العسكرية بالسلاح المطلوب ومن دون وضع شروط”.
وأدلى السفراء بآرائهم وأجمعوا على دعم الجيش ومده بالسلاح. وهذا ما قاله السفير الاميركي ديفيد هيل وسائر السفراء.

وبعد هذا اللقاء أجرى بري اتصالا مع الرئيس سعد الحريري وأطلعه على أجوائه “واستعجله السعي والعمل على وضع ملفي المليار دولار المقدم من السعودية زائد الثلاثة مليارات موضع التنفيذ لتسليم الجيش الاسلحة والعتاد المطلوبين”.

ويعول بري على الزيارة المقررة لولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز لباريس في الايام المقبلة لتحريك هبة الـ3 مليارات دولار مع السلطات الفرنسية.

وسط هذه الاجواء لفت تحذير كتلة “المستقبل” امس من “مغبة العمل على توريط الجيش في معارك يخوضها حزب الله لحسابه وحساب النظام السوري من شأنها اطاحة الاستقرار”. كما حملت بشدة على “الدعوات الرائجة على ألسنة بعض المتطرفين المتعصبين للتشجيع على حمل السلاح بحجة الدفاع عن النفس في وجه الارهاب”، مشددة على ان “لا سلاح للدفاع عن اللبنانيين إلا سلاح الشرعية”.

جعجع
وفي سياق سياسي آخر، أبلغ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “النهار” أنه في صدد العمل على إعادة إحياء مبادرته في شأن الانتخابات الرئاسية بالتنسيق مع حلفائه في قوى 14 آذار لمواجهة مرحلة الجمود التي يمر بها الاستحقاق حاليا. وأوضح ان هذه المبادرة قد تستكشف إمكان أن يكون هناك مرشح توافقي، فإذا ما تعذر ذلك فيكون هو مرشح 14 آذار لهذا المنصب. واعتبر ان حسم الموقف يكون في جلسة يعقدها مجلس النواب لاختيار الرئيس المقبل. وأشار الى أن التحرك في اتجاه هذا الاستحقاق يأتي قبل الموعد الجديد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في الثاني من أيلول المقبل.

وعلمت “النهار” ان رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط أجرى قبل مغادرته أمس بيروت في إجازة خاصة اتصالات هاتفية مع قيادات مسيحية لمعرفة إمكان القيام بتحرك بعد عودته الى لبنان لاستكشاف احتمال بروز موقف مسيحي جديد مختلف عما هو اليوم من الاستحقاق الرئاسي، علما أن الانتقادات التي وجهها بعض الجهات الى موقفه الاخير جعلته يتريّث في مبادرته الرئاسية.

بكركي
وعلمت “النهار” أن اجتماع بطاركة الشرق في حضور سفراء الدول الكبرى اليوم في بكركي له هدف يتصل بالمهمة التي قام بها البطاركة سابقا في اتجاه العراق لحماية المسيحيين هناك. وستكون للبطاركة رسالة بواسطة السفراء الى الدول الكبرى للحفاظ على المكونات الاساسية للشرق وتعدديته من طريق حماية المسيحيين فيه. وستعتبر الرسالة أن الاعذار التي تعطى لعدم التدخل غير مقنعة. وفي الوقت نفسه يرى البطاركة ان ضرب الوجود المسيحي البشري في الشرق يماثله ضرب الوجود السياسي المسيحي في لبنان من خلال تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وإذا كانت هناك من مسؤولية لبنانية عن هذا التعطيل، فهناك أيضا مسؤولية دولية نظرا الى التأثيرات الخارجية في هذا الاستحقاق.

ويأتي اجتماع بكركي عشية سفر البطريرك الراعي الى الفاتيكان على أن يعود الى بيروت في الثاني من أيلول موعد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي المعلومات أن الفاتيكان يدرس إمكان ارسال موفد رفيع المستوى الى لبنان لكن هذا الامر لم يحسم بعد في انتظار اتصالات يجريها مع دول في المنطقة والعالم المعنية بهذا الاستحقاق.

 

السابق
اللقاء السعودي ـ الإيراني: بداية إيجابية.. ولبنان حاضر
التالي
محادثات سعودية – إيرانية في شأن ’مواجهة التطرّف والإرهاب’