إيلي كفوري.. ذلك ’الآدمي’ ضحيّة الفلتان

إيلي كفوري

ككل يوم، غادر ايلي كفوري منزله في منطقة غابة بولونيا مودعًا والدته، ذهب الى عمله في منطقة جل الديب حيث يمتلك متجرًا للأدوات الكهربائية. لم يكن يعلم حينها أنه لن يعود إلا محمولا بالنعش على أيدي اخوته وأبناء اخوته. قال وداعًا للمرة الاخيرة ولفظ نفسه الاخير بعدما خرقت رصاصة غدر جسده. فعند الساعة العاشرة والنصف صباحا، أخرج صوت رصاص وصراخ ايلي من متجره ليعرف ما يجري، فوقع أرضا مصابا برصاصة أطلقها مجهول يستقل دراجة نارية.

وفي التفاصيل، أن شابين من سكان منطقة جل الديب اشتبها في شخصين على متن دراجة نارية، خصوصا أن المنطقة تعرضت سابقًا لأعمال سرقة. وعند الاشتباه فيهما، سألهما الشابان عن سبب وجودهما في المحلة، فشهر أحدهما سكينًا وحاول طعنهما تمكنا من انتزاعه منه، عندها شهر مسدسًا حربيًا وبادر الى اطلاق النار فحصل تعارك وتضارب.

خلال الاشتباك، تمكن أحد الشابين من طعن أحد السارقين بواسطة السكين دفاعًا عن النفس. حينها قام المشتبه فيه الثاني بإطلاق النار في اتجاه الشابين لإبعادهما عن شريكه ولاذا بالفرار مطلقين النار منعًا للحاق بهما، زارعين الهلع في قلوب قاطني المنطقة الذين كانوا يهربون من الرصاص. وأصيب خلال اطلاق النار أحد المشتبه فيهما ونقل الى مستشفى في برج البراجنة حيث ألقي القبض عليه.

ويروي شهود لـ”النهار” كيف توجه “المجرمان” من مكان الاشتباك مطلقين النار عشوائيًا على المارة، وأطلقا النار على احدى السيارات التي وقفت أمامهما عائقا، لتجبرهما على الالتفاف والدخول في أحد المفارق حيث كان ايلي كفوري يقف أمام متجره. قتل كفوري في حين أصيب الشابان اللذان اشتبها في السارقين برضوض وبعض الشظايا.

كثير من البكاء…
في بلدته غابة بولونيا حيث يسكن ووالدته، قرب اخوته الثلاثة، تسود حالة من الهدوء. في منزل العائلة، تجلس الوالدة والى جانبها حفيداتها على الشرفة، تنتظر خبرًا يطمئن قلبها عن ابنها الصغير الذي لا يزال في المستشفى وهو مصاب برجله، كما أخبرتها العائلة. قلب الأم التي رفض ايلي أن يتركها وصمم على الاهتمام بها رافضًا إلحاح أقربائه على الزواج، ينبهها أن صغيرها بخطر، رغم كل تطمينات العائلة.

في كنيسة السيدة حيث تجتمع بقية العائلة، يختلف الوضع تمامًا، الجميع يعلم بمقتل ابن آل كفوري. يخيم اللون الأسود على الحاضرين، الجميع في حالة من الصدمة. الاقارب والاحباء، يحيطون بأشقاء الفقيد، يجلس سامي وأخوه جورج في صدر صالون الكنيسة، يتقبلون التعازي بشقيقهم الاصغر، اما شقيقته هيام، فتخفي وجهها بيدها، تراقب بحزن الموجودين والدمع يغرق عينيها.

أول من علم بالحادث الاليم، كان شقيقه سامي الذي كان متوجهًا لرؤية ايلي في متجره، عندما فوجئ برؤية شقيقه الصغير ممددًا على الارض، تحيط به عناصر الصليب الاحمر، والقوى الامنية تطوق المكان. “شو بدي طالب الدولة؟ ليش وين في دولة؟…”.

يحاول سامي المفجوع أن ينهي جميع المعاملات، وعلامات الصدمة بادية على وجهه “همي الوحيد كيف بدي قول لأمي… عمرها 92 سنة هادية على صوص ونقطة”. وكان أمله الوحيد أن تلقي الدولة القبض على قاتل أخيه. وحصل ذلك لاحقا.

ويشير أحد أقرباء العائلة لـ”النهار” الى أن الرصاصة التي أصابت كفوري، خرقت جسده من اليمين لتخرج من الجهة اليسرى. ويردد قريبه: “الناس الابرياء والاوادم عم تدفع ثمن الفلتان الامني”. ابنة أخته تشاهد صوره، ودموعها تنهمر على ذكرى خالها الذي غادر هذه الدنيا من دون سابق انذار وفرصة كي تودعه. تأثرها برحيله أنساها الكلمات، حبها الكبير له جعلها تنطق بصفات يتحلى بها ايلي، “شو بدي قول عنو ما في أحسن من هيك شخص، ما بيجي صوب حدا، لا يؤذي أحد، كريم…”، وتكمل بكاءها وهي تتذكر أجمل اللحظات التي قضتها مع خالها. أما ابن أخيه فلم يستطع الا أن يتذكر صفات عمه الحميدة “هادئ ومهذب”، ويخبر عنه بكل عنفوان وصلابة، “ما بيحكي مع حدا، ولا بحياته تعدى على أحد”.

كل ذلك الحزن تسبب به شخصان كانا يخططان لدخول أحد المحال التجارية بهدف السرقة، وربما ما كانا ليقدمان على فعلتهما لو شعرا بخوف من أمن يفترض أن يحمي حياة الناس، فلا تخطف حياتهم في شوارع سكنية وتجارية وفي وضح النهار!

السابق
هل انسحب حزب الله من سوريا ؟
التالي
رسالة ديبلوماسية لمسيحيّي لبنان