حنّا غريب: انتهى الحلم..

حنا غريب
تحول "حناّ غريب" في الفترة الاخيرة الى اسم مرادف للتحركات العمالية والمطالب النقابية وأصبح نموذجا للقائد الاتي من خلفية يسارية الذي يحاول ان يجد له مكانا في بلد منقسم عاموديا وافقيا.. لكنه ومع الوقت تحولت صورة القائد الى نموذج كاريكاتوري عما يمكن ان يفعله البلد بهكذا نماذج.

“حنّا غريب” من أبرز الاسماء التي يرددها اللبنانيون منذ ثلاث سنوات.. قبل هيئة التنسيق النقابية كان هذا الاسم مجهولا ووجه حنّا المليء بالتجاعيد كان وجها غريبا عن أغلبية اللبنانيين..
بدأ اسم حنا يلمع مع بدء هيئة التنسيق النقابية عملها ومطالبتها باقرار سلسة الرتب والرواتب، علما ان بداية تحركات الهيئة كان المطلوب تحسين الاجور الا ان رئيس الحكومة وقتها نجيب ميقاتي طرح عليهم سلسلة الرتب التي تحولت الى عنوان للمعركة النقابية في لبنان بعد سنوات من غياب العمال عن الساحة.

كثيرون أحبوا شخصية “حناّ غريب”، اليساري العتيق صاحب الصوت القوي والتعابير الواضحة. وتحول في وقت قصير الى قائد يخطب بالجماهير وينطق باسمهم ويطالب بتحسين رواتبهم.. وهو أمر نسيه اللبنانيون منذ ان تحول العمل النقابي الى عمل سياسي وأصبح الاتحاد العمالي العام ورقة بيد حزب الله وحركة امل.

المشهد مع حنّا أصبح مختلفا. لكن كثيرين ايضا سخروا من هذا النموذج الكاريكاتوري من القادة الثوريين خصوصا اننا لم نعد في زمن الاتحاد السوفياتي ولم يعد شعار الطبقة العاملة والرأسمالية المتوحشة شعارا رنانا..
وعند أول مفصل او معركة حقيقة انسحب غريب.. فهو اعتذر سريعا من “حيتان المال” بعد تهديد رئيس مجلس النواب نبيه بري علما ان معركة غريب والهيئة هي مع هؤلاء تحديدا، أي مع الطبقة السياسية المتحالفة مع رجال الاعمال.. لكن اليساري القديم فضّل تجنب المعركة ورضخ..
لكنه تمسك بموقفه الرافض لتصحيح الامتحانات الرسمية، رغم مناشدات الطلاب وأهاليهم للهيئة بعدم معاقبة الطلاب على طريق تحقيق هيئة التنسيق مطالبها..لكن حنا لم يسمع.. ولم يرضخ.. استمر في معركته فخسرت هيئة التنسيق والطلاب والمستوى التعليمي في لبنان.. وبقي حنا على موقفه.. اما النواب و”حيتان المال” فلم يتأثروا..
خسر “حنا غريب” معركته..ولنكون منصفين يجب ان نعترف ان الجميع اراد ان يخسر حنا غريب ولو ان النموذج الذي شكله ليس مقنعا لاحد لكن وجود هية التنسيق ووحدتها مدة ثلاث سنوات مرفوضة من الجميع.. ولابد ان تُكسر وكُسرت.. ليبقى حنا وحده في معركة يعرف ان نهايتها لن تكون سعيدة.
وما تراجع هيئة التنسيق عن قرار عدم التصحيح الا اعتراف بهذا الواقع الذي فرضته الطبقة السياسية على الجميع..
ولم يبق من المعركة الا محاولة رجل ان يصبح قائدا.. بضحكة برئية وصوت قوي واحلام كبيرة لم يبق منها شيء..

السابق
نادي الدروب القديمة والمشي في الطبيعة
التالي
لماذا يعدّ سد الموصل الاخطر في العالم؟