سلام يُكرّم عسيري في السراي

علي عواض عسيري

أقام رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مادبة غداء تكريمية لسفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري حضرها الرؤساء امين الجميل، ميشال سليمان، حسين الحسيني، ميشال عون، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل والوزراء بطرس حرب، اكرم شهيب، غازي زعيتر، ارثيور نظريان ،ميشال فرعون، علي حسن خليل، وائل ابو فاعور، نهاد المشنوق ،نبيل دوفريج ، رمزي جريج، رشيد درباس ، محمد المشنوق، اليس شبطيني، عبد المطلب حناوي، سجعان قزي، اشرف ريفي، ريمون عريجي، الياس ابو صعب، وعدد من السفراء العرب والاجانب، ونواب وقادة الاجهزة الامنية ، والامين العام لمجلس الوزراء الدكتور سهيل بوجي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ونقيبي الصحافة والمحررين ،واعضاء السفارة السعودية في لبنان .

والقى الرئيس سلام في بداية الحفل الكلمة التالية :
“أصحابَ الفخامة
أصحابَ الدولة
أصحابَ المعالي والسعادة والسماحة والغبطة
السادةَ الكرام
نجتمعُ اليومَ في لقاءٍ حولَ أخٍ عربيٍّ كريمْ، يُفارِقُنا خلال أيام، بعدما عاشَ بيننا خمسَ سنواتٍ ونَيِّف، وذاقَ معَنا خلالَها الحُلوَ والمُرّْ.. والمرُّ في بلادِنا ليس بقليلٍ للأسف.. عَنَيْتُ معالي سفيرِ خادمِ الحرمين الشريفين في لبنان الدكتور علي عوّاض عسيري.
حلَّ بيننا في منتصف العام ألفين وتسعة، حاملاً تجرِبةً غنيّةً في العمل الدبلوماسي، ليُكْمِلَ في بيروت مسيرةَ من سبقوهُ في خدمةِ مصالِحِ المملكةِ العربيّةِ السُّعودية، ورعايةِ العلاقات الأخوية بين البلدين.
بسرعةٍ فائقةْ.. تَرَبًعَ السفير عسيري في المكانَةِ العاليةِ التي يستَحِقْ..صَنَعَها بحِنكةٍ كبيرة، وذكاءٍ وَقَّادْ، ولَباقَةٍ دبلوماسية رفيعةْ، وهِمَّةٍ عالِية، وفَوْقَها جميعاً معرفةٌ وثقافةٌ وقدرةٌ واسعةٌ على التواصل.
وإذا أُضيفَ الى كلِّ ذلك حُسْنُ المَقْصَدْ.. أيّْ النيّةُ الطيّبةُ الأخويّةُ السُعوديّة تجاه لبنان.. اكتمَلَتِ الصورةُ المُضيئةُ لسفيرٍ ناجِحٍ، مُحِبّْ، كان خيْرَ أمينٍ على العلاقات اللبنانية-السعودية، وجَهِدَ بصَمْتٍ.. لتقديم كل ما مِنْ شأنِه إبقاءَ بلدِنا عزيزاً معافىً.

السادَةَ الكرام

لن تمُرَّ مناسبةٌ كهذه، من دونِ توجيهِ تحيّةٍ صادقةٍ إلى كبير العرب والمسلمين، خادمِ الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدِ الله بن عبد العزيز، الذي مافَتيء يؤكّدُ يوماً بعد يوم، المكانَةَ الغالِيَةَ التي يتمتَّعُ بها لبنانُ في قلبِه ووجدانِه.
إنّ الهِبَةَ الأخيرة التي قّدمها جلالتُه الى لبنان بقيمة مليار دولار، لتأمين الحاجات المُلِحَّةِ للجيش والقوى الأمنية، هي رسالةٌ… تؤكِّدُ المؤكَّد، وهو أنَّ المملكةَ العربيةَ السعودية، في سياستِها إِزاءَ لبنانْ، معنِيَّةٌ فقط، بتعزيزِ الدولةِ ومؤسساتِها الدستورية، وقِواها المسلّحة الشرعية، وتدعيمِ أمْنِها واستقرارِها، في مواجهةِ كلِّ أنواعِ المخاطرِ.. وأوّلُها التطرّفُ والإرهاب.

السادةَ الكرام

ما شهِدَه لبنانُ في الأسبوع الماضي في عرسال، كان انتهاكاً خطيراً لسيادتِنا، واعتداءً سافراً على جيشِنا وقواتِنا الأمنية، وأفتراءً على بلدة لبنانية آمِنة، من قِبَلِ قوّةٍ إرهابية.. مشبوهةِ التكوين والمَسْلَكْ.. أرادَت إِلحاقَ لبنان بمسرحِ الفوضى والعَبَث الذي أقامتْهُ في بلادٍ أخرى، مع ما يعنيه ذلك من تبعاتٍ خطيرةٍ على النسيجِ الوطنيِّ، بلْ على الكيانِ برُمَّتِه.
تمكنّا.. بفضلِ قرارِنا السياسيِّ الحاسِم..وبسالَةِ جيشِنا.. وصمودِ أهلِنا في عرسال.. من تخطّي هذه المِحْنَة، التي لم تصِلْ إلى خواتيمِها بعدْ، بسبب وجودِ عددٍ من ابنائنا العسكريين في الأَسْر.
إنني.. باسم دماء الشهداء التي سالت في معارك الشرف.. أدعو إلى البناءِ على وَقفةِ الإجماع الوطنيّ، التي تجلّت في أحداث عرسال.. للإنطلاق.. في معالجةٍ جِدّيةٍ، للانشطارِ القائم على مستوى الوطن.
إننا مطالبون.. بإعادةِ التبايُنات بيننا إلى سَوِيَّةٍ طبيعيّة، بحيث تكونُ مصدرَ غِنىً لحياتنا الوطنية، وليسَ مَآزِقَ سياسيةً لا تكُفُّ عن التوالُد.
لا حلَّ إلّا بالحوار القادرِ وحدَه على إنتاج التسويات. وأيُّ مشروعِ غَلَبَةٍ.. هو مغامرةٌ تهدِّدُ تماسُكَ البُنيانِ الوطنيّ.
لا حَلَّ إلّا بالتمسُّكِ بالدولة.. دولةِ القانون.. والتشبُّثِ بنظامنا البرلمانيّ الديموقراطيّ.. عبرَ التزامِ الدستور، والحفاظِ على المؤسسات السياسية وتنشيطِها.

لا حَلَّ.. إلّا بتحصينِ لبنان، وإبعادِه عن كلِّ معادلةٍ أكبرَ من قُدرَتِه على التحَمُّل.
لا حَلَّ.. إلّا بالالتفافِ حول الجيش وجميع القوى الأمنية، التي تشَكِّل السياجَ الشرعيَّ الحامي للوطن، والضمانَةَ الوحيدةَ لأمْنِ اللبنانيين.
هكذا فقط، يُمكنُ أن نفتحَ أمام أبنائنا، باباً لأمَلٍ مُتجدِّدٍ بلبنان.

السادةَ الكرام
يغادِرُ معالي السفير علي عوّاض عسيري لبنان، وقد ترك بصمةً عميقةً طيبةً في ذاكرتِنا، وفي وجدانِ مُحبّيه، وما أكثرُهم.
أبا فيصل.. سترْبَحُكَ بلادُ السِّنْدْ.. ولن تخسَرَكَ بلادُ الأرز..
باسمي، وباسم اللبنانيين.. شكراً لك.. وفقك الله في الحِلِّ والتَرْحالْ.
وقدم الرئيس سلام للسفير درعا تذكاريا في المناسبة .

عسيري

والقى السفير علي عواض عسيري الكلمة التالية :
قبل ان اباشر مهمتي في لبنان قبل خمس سنوات ، سألت نفسي : بماذا اخاطب الأشقاء اللبنانيين حين أصل الى بلادهم ، وماذا اقول لهم ؟ فإذا بهم يغمروني بالترحاب والمحبة ، ما جعلني اتكلم معهم لغة المحبة واتفادى لغة الرسميات .
والآن ، وانا اهمّ بمغادرة لبنان ، سألت نفسي : ماذا اقول لاشقائي ؟ وقبل ان اشرع بالبحث عن الكلمات ، فإذا بهم يغمروني بمزيد من المحبة ويلتفون حولي عبر هذه الدعوة العزيزة ، فوضعت قلمي ، وطويت اوراقي ، وتأكدت مرة جديدة مما هو مؤكد لدي ان ليس بيني كسعودي ، وبين شقيقي اللبناني سوى المحبة لغة ، والأخوّة والوفاء والاخلاص ، نهجا نسير عليه .
دولة رئيس الحكومة اللبنانية الاستاذ تمام سلام
اصحاب المعالي والسعادة والسيادة والسماحة
ايها السيدات والسادة

وددت ان اتكلم من القلب بعيدا عن لغة السياسة والرسميات لأنني اشعر انني بين اهلي واصدقائي ، وكما ان المملكة العربية السعودية موطني وأرضي وكياني ، فإن لبنان سيبقى جزءا مني لأنني نشأت على احترام الأخوّة وتقدير الصداقة ومبادلة المحبة بالمحبة والوفاء بالوفاء ، وسيبقى هذا دأبي ما حييت بإذن الله .
خلال فترة عملي كسفير للمملكة العربية السعودية في لبنان ، سعيت مخلصا الى تمثيل المملكة ورعاية مصالحها ومصالح مواطنيها ، وبنفس القدر سفيرا للبنان في المملكة من خلال الحرص على تنمية علاقات المملكة وشعبها بهذا البلد الشقيق وشعبه، منطلقا في ذلك من العلاقات الانسانية التاريخية التي تجمع قيادتينا وشعبينا ومن المحبة التي يكنها كل مواطن سعودي لهذا البلد العزيز وشعبه الطيب ومن الحرص الذي يبديه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله في الوقوف الى جانب لبنان وتقديم كل دعم او مساعدة ممكنة له على كافة الصعد .
وإنني وإن كنت اهمّ للإنتقال الى مهمة جديدة كسفير للمملكة في باكستان فإن لبنان سيظل في قلبي وعقلي ، ومتابعة شؤونه وأحداثه سوف تبقى ضمن اهتماماتي ليس لأهميته السياسية والأمنية على مستوى المنطقة فحسب ، ولكن قبل ذلك انطلاقا من الحرص السعودي المستمر الذي أشرت اليه واهتمام قيادة بلادي الدائم بأن ينعم هذا البلد بالأمن والاستقرار ويحقق شعبه ما يصبو اليه من عيش رغيد وفاه وازدهار .
ايها السيدات والسادة ،
طالما ان الكلام نابع من القلب والحرص الأخوي ، فسوف اسمح لنفسي ان استودعكم كلمة من اخ لأشقائه ، وهي : أحبّوا لبنان . احرصوا على لبنان . تعالوا على خلافاتكم ، تحاوروا ، وتصارحوا ، وتصالحوا ، عززوا وحدتكم الوطنية، حصّنوا لبنان ، عمّروه ، طوّروه ، ازرعوا ارضه ، واجعلوا أرزه شامخا ، أمّنوا لأبنائكم مستقبلا جميلا زاهرا ، وسلموهم بلادا آمنة ، مزدهرة ، مستقرة ، لؤلؤة مشعّة في هذه المنطقة.
لا تورثوهم الخلافات والمشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية ، تمسكوا بهم واجعلوهم يؤمنون بأرضهم ووطنهم وأرزهم .
لست اقول هذا القول للمزايدة عليكم او ارشادكم لا سمح الله ، فأنتم اهل حكمة وتجربة وأقدر على تلمس هموم وطنكم وحلولها ، وانما هي صرخة تعتمل في نفسٍ محبة للبنان وتتألم حين تراه يتألم . فلبنان بلد الحضارة والتاريخ والعلم والثقافة وعضو فاعل في المجموعة العربية ، نال على الدوام محبة كل اشقائه .
خمس سنوات قضيتها في لبنان انا وعائلتي ، تنشقنا هواء هذا البلد ، وسرنا تحت شمسه ، وشربنا ماءه ، وأكلنا طعام اهله ومعهم ، فهذه الامور لا تهون علينا ، نحن من تربّى على الأصالة واحترام القيم والتقاليد ، كما لا تهون عليكـم ، فجميعنا ابناء هذه الارض العربية وهمومنا واحدة ، ومساعينا واحدة واهدافنا واحدة .
ايها السيدات والسادة

لقد شرفني دولة الرئيس تمام سلام بإقامة هذا الحفل التكريمي الوداعي الذي زينتموه وأنرتموه بحضوركم الكريم .
فدولة الرئيس بما يمثله على المستويين الشخصي والرسمي اراد ان يعبّر عن عمق العلاقات الاخوية التي تربط المملكة العربية السعودية ولبنان بكافة فئاته وطوائفه ولا عجب ، فهو ابن بيت وطني سياسي عريق استنشق الأصالة ولا يزال يعبّر عنها في كل افعاله ومواقفه . وانني منذ لقاءاتي الأولى به حين حضرت الى لبنان وصولا الى توليه رئاسة الحكومة قدّرت في دولته ما يبذله في سبيل مصلحة لبنان واللبنانيين ، وما يقوم به في رئاسة الحكومة وما يتخذه من قرارات خير دليل على ذلك .
اشكركم دولة الرئيس على هذا التكريم وعلى كل ما عبّرتم عنه واتمنى لكم النجاح ودوام التوفيق في المهام الجسام الموكلة اليكم .
واسمحوا لي ان اغتنم هذه المناسبة لأقدم التهنئة من هذا السراي بالذات للمسلمين بشكل خاص وكافة اللبنانيين بانتخاب سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان مفتيا جديدا للجمهورية اللبنانية مع تمنياتي بأن يكون توحيد كلمة المسلمين مقدمة وفأل خير لتوحيد كلمة كافة اللبنانيين ، وان يتحلّق كل مخلص للبنان مسلما كان او مسيحيا حول سماحته لمؤازرته في مهمته الجديدة .
كما يطيب لي ان اشكر كل فرد منكم على حضوركم وعاطفتكم ونبلكم لأن هذا الحفل سيبقى من اجمل ذكريات لبنان الراسخة في قلبي .
واذا كان لا بد من كلمة في الختام ، فإنني اقول : أدامكم الله ، وأدام المحبة والأخوّة والصداقة ، والعهد بيننا هو البقاء اشقاء واصدقاء ما حيينا بإذن الله وإن باعدت بيننا المسافات .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته “.

السابق
هيئة العلماء: الخاطفون لم يطالبوا بإسلاميي رومية
التالي
مقتل رئيس جمعية البشائر مع سبعة من رفاقه في القلمون السورية