مواقف إسرائيلية وفلسطينية متناقضة في القاهرة

تواصلت المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية غير المباشرة في القاهرة أمس سعياً الى تحويل الهدنة في غزة وقفاً دائما للنار وانهاء الحرب التي دمرت القطاع، الا أن كلا من الجانبين بدا متمسكاً بمطالبه، الامر الذي يؤذن بمرحلة طويلة من المناورات، وخصوصاً في شأن الحصار الذي يخنق الفلسطينيين.

وصمد وقف النار في غزة لليوم الثاني. وقال مسؤول اسرائيلي طلب عدم ذكر اسمه إن بلاده وافقت على تمديد الاتفاق الذي أمكن التوصل اليه بوساطة مصرية، الى ما بعد موعد انتهائه الجمعة المقبل.
ولم يفصح المسؤول عن مدة تمديد وقف النار، مكتفياً بالقول: “أبدت اسرائيل استعدادها لمد الهدنة بشروطها الحالية”.

المفاوضات غير المباشرة
وتنقل الوسطاء المصريون بين الوفدين الاسرائيلي والفلسطيني في القاهرة ، وأفاد مسؤول في مطار القاهرة أن الوفد الاسرائيلي عاد الى العاصمة المصرية مساء بعدما كان غادرها في وقت سابق .
ويضم الوفد الفلسطيني ممثلين للفصائل الرئيسية، بما فيها حركة المقاومة الاسلامية “حماس”، وهو يلتقي مسؤولين من المخابرات العامة المصرية للاستماع الى ايجازات للمطالب الاسرائيلية.
وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مؤتمر صحافي أن “الجانبين راجعا ما يعتبرانه أموراً خلافية”، واصفاً المسألة بأنها “معقدة وليست سهلة”.
وقال المفاوض الفلسطيني باسم صالحي إن “الامر الاهم بالنسبة الينا هو رفع الحصار والبدء باعادة اعمار غزة… لا يمكن التوصل الى اتفاق من دون ذلك”. وأضاف أن وقف النار الذي ينتهي الثامنة صباح الجمعة، سيمدد على الارجح، إذا كانت ثمة حاجة الى مزيد من المحادثات.
وأمل شكري في تمديد الاتفاق.
ولا تزال المفاوضات بين الجانبين في مراحلها الاولية، الا أن الخطوط العريضة لحل محتمل بدأت تظهر، ومنها تمويل دولي لاعادة اعمار غزة في اشراف حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفي خطوة في هذا المجال، تنظم نروج مؤتمرا للمانحين يتوقع عقده مطلع أيلول.
ولم تبد اسرائيل حتى الآن أية إشارات الى قبول مطالب الفلسطينيين بانهاء الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة والاجراءات المصرية المشددة على معبر رفح والافراج عن الأسرى، وبينهم من اعتقلتهم إسرائيل في حملة قمع في حزيران في الضفة الغربية بعد خطف ثلاثة طلاب إسرائيليين وقتلهم.
وتقاوم إسرائيل الاستجابة لهذه المطالب.
وصرّح الناطق باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي مارك ريغيف: “بالنسبة الى اسرائيل، أهم قضية هي نزع السلاح. يجب أن نمنع حماس من اعادة التسلح. يجب أن ننزع سلاح قطاع غزة”.
وفي مؤتمر صحافي عقده مساء، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن العملية العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة والجارية منذ شهر “مبررة ومتناسبة”.

كيري
وتحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري أيضا على شاشة هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” عن أهمية تخلي “حماس” عن ترسانتها من الصواريخ، قائلاً:”ما نريد أن نفعله هو دعم الفلسطينيين ورغبتهم في تحسين حياتهم والتمكن من فتح المعابر لادخال الطعام واعادة البناء والتمتع بحرية أكبر… ولكن يجب أن يتحقق ذلك بمسؤولية أكبر حيال إسرائيل وهو ما يعني التخلي عن الصواريخ”، و كل ذلك “سيتم التوصل إليه في نهاية الأمر” في إطار جهود أوسع لاحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفي ما خص المساعدات الانسانية، قال مسؤول إسرائيلي إن بلاده تريد أن تصل المساعدات إلى غزة، لكن تصدير الأسمنت، وهو أمر حيوي لاعمال اعادة البناء، سيعتمد على تقديم ضمانات ألا يستخدمه الناشطون لبناء مزيد من الأنفاق التي يتسللون عبرها إلى إسرائيل وتحصينات أخرى.
الى ذلك، جاء في بيان للمخابرات العامة المصرية ان هذه لن توافق على تغييرات كبيرة للاجراءات عند معبر رفح، وأن مسؤولية رفع الحصار عن المعبر تقع على عاتق اسرائيل. وقال إن “اسرائيل هي التي أقفلت كل المعابر ، وهي تمنع مرور السلع أو الافراد، من اجل محاصرة القطاع والقاء اللوم على مصر”.كذلك، انتقد البيان “حماس” ، قائلا إنها تمنع الجرحى الفلسطينيين من الانتقال الى مصر.
وفي برلين، أفاد مصدر ديبلوماسي ألماني أن برلين وباريس ولندن تقترح اعادة تنشيط بعثة من الاتحاد الاوروبي على حدود مصر وغزة للمساعدة في استقرار الأوضاع في القطاع الفلسطيني .

المجموعة العربية
وفي نيويورك، لجأت المجموعة العربية في الأمم المتحدة أمس الى الجمعية العمومية للمنظمة الدولية لنيل أفضل الممكن في موضوع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعدما ضاقت الخيارات أمامها في مجلس الأمن على رغم مشروع القرار المحدث الذي وزعه الأردن والذي لا يبدو أنه يحظى بفرصة لإقراره بصيغته الحالية وفي الوقت الراهن.
وخلال الجلسة غير الرسمية، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون مناشدة جديدة لإنهاء “هذه الدورة الحمقاء من المعاناة في غزة والضفة الغربية، وإسرائيل”، وتساءل: “هل يجب علينا أن نستمر على هذا النحو: نبني، ندمر، ونبني وندمر؟ سنعيد البناء من جديد، ولكن هذه المرة يجب أن تكون الأخيرة”.
كذلك تحدث عبر الأقمار الإصطناعية من مصر المبعوث الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، فقال: “سيكون من السخرية وعدم المسؤولية ان تودي بنا نتائج المحادثات، مرة أخرى، إلى الوضع الراهن السابق”، مضيفاً أن “المعادلة الأساسية هي إنهاء الحصار على غزة، وتلبية الحاجات الأمنية المشروعة لاسرائيل”.
وكرر المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مطلب الرئيس محمود عباس “تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني”.
أما المندوب الإسرائيلي رون بروسور فقال: “لقد تركنا من دون أي خيار. أرسلنا أبناءنا وبناتنا إلى غزة لسبب واحد وسبب واحد فقط، هو استعادة الهدوء المتواصل في اسرائيل”.
ونيابة عن المجموعة العربية، فندت نائبة المندوب اللبناني الدائم كارولين زيادة بالأرقام إدعاءات المندوب الإسرائيلي، مؤكدة أن “المطلوب اليوم من المجتمع الدولي التحرك وتحمل مسؤولياته من خلال مجلس الأمن للضغط على اسرائيل لوقف العنف واراقة دماء الأبرياء في فلسطين ورفع الحصار عن غزة واحياء عملية السلام”.
ونيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، قال المندوب السعودي عبد الله المعلمي إن “عدوان إسرائيل على غزة وصمة عار على جبين الإنسانية ما لم نقف معاً لنعلن رفضنا لهذا العدوان ولأسبابه وتبعاته”.

 

السابق
أوباما: قطاع غزة لا يمكن ان يبقى «معزولا عن العالم»
التالي
فتح جميع الطرقات في البقاع