العراق بين سليماني وشامخاني

قاسم سليماني

الجنرال قاسم سليماني كان” أقوى رجل في العراق”، باعتراف العراقيين، وحتى الأميركيين الذين تعاونوا معه سواء مباشرة أو مداورة. قوة سليماني من قوة ايران في العراق، منذ سقوط صدام حسين. أبرز قيادات “كتلة الأحرار” أمير الكناني، التي يتزعمها السيد مقتدى الصدر، قال ايران هي من تقرر، والحديث عن قرار عراقي غير وارد. سقوط الموصل وقيام “الدولة الاسلامية”، وتبلور إرادة انفصالية لدى مسعود البرزاني، شكلت مفاجأة كبيرة وصدمة أكبر في طهران. القيادة الإيرانية، وخاصة المرشد آية الله علي خامنئي، الذي يثق ثقة كاملة بالجنرال سليماني، أدراكا بسرعة قوة الزلزال الذي تهدد زلازله الارتدادية إيران نفسها. طهران كانت تقول دائماً إن العراق يشكل “خاصرتها الضعيفة”، فما العمل ورياح الاستقلال الكردية تهب عليها من العراق، وباكتمال هذا الخطر بتحول الإحباط السني العراقي إلى قنبلة متفجرة لا تهدد وجودها العراق، وإنما في تمدده إلى الداخل عبر سيستان بلوشستان وربما خوزستان، أو كما يطلق عليها عربستان التي تسكنها قبائل عربية متذمرة.
بالنسبة للقيادة الإيرانية، فإن الجنرال سليماني فشل فشلاً واضحاً، إذ كان عليه تقدير الموقف لأنه يعرف حركة كل عراقي خصوصاً في الجنوب العراقي الشيعي. ومما “زاد بالطين بلة”، أن سليماني فشل في إعادة الانضباط إلى التكتل الشيعي للمحافظة على نوري المالكي رئيساً للوزارة، على الرغم من كل الضغوط التي مارسها مباشرة من قلب بغداد.
في مواجهة هذا الفشل السليماني، سارعت القيادة الإيرانية إلى تكليف الأميرال علي شامخاني “أمين الجلسات الأعلى للأمن القومي”، بالتوجه فوراً إلى العراق، والعمل على صياغة حل ينقذ الوضع. شامخاني الذي شغل منصب قائد.البحرية بعد توليه مناصب قيادية في”الحرس الثوري”، من الأهواز في خوزستان ومن قبيلة عربية، ويحوز على ثقة الرئيس روحاني، وأيضاً المرشد الذي مانع تعيينه وزيرا للدفاع، ثم يبدو أنه كسب ثقته بعد ذلك.
بدأ شامخاني نشاطه في العراق من حيث يجب، والذي كما يبدو أن سليماني أهمل القيام به. بدلاً من بغداد، ذهب شامخاني إلى النجف، حيث زار أولاً المرجع الكبير السيد السيستاني، ومن ثم المراجع الثلاثة، وهم: آيات الله الحكيم، والنجفي وفياض. بسرعة فهم شامخاني أن لا أحد من المراجع يريد التجديد للمالكي، لذلك قال لدى لقائه آية الله الحكيم:”ضرورة تعاون القوى السياسية العراقية للخروج من الأزمة”. “تشكيل الحكومة من فريق كفؤ ومنسجم وقوي”.

وأكمل شامخاني مهمته في إطلاق رصاصة الرحمة على رئاسة المالكي، بقوله في منزل الجعفري لدى لقائه بمعظم مكونات القوى السياسية الشيعية: “طهران تدعم حكومة عراقية بالمالكي أو غيره”. لذلك قيل قبل مغادرته بغداد، إن المرشحين لخلافة المالكي من تكتله ثلاثة، هم: طارق نجم وهو مساعد المالكي، وحسين شهرستاني الذي كلفه المالكي وزارة الخارجية خلفاً لهوشيار زيباري، وهو معروف بالتصاقه بإيران، وهادي العامري مسؤول “قوات بدر” ويعتبر الأقرب إلى سليماني. بهذا يبقى المالكي أهون الشرور بالنسبة إلى “الموظفين الثلاثة لدى إيران” كما يصفهم العراقيون.

الطريف أنه وبعد وصول شامخاني إلى طهران، بلغ عدد المرشحين لرئاسة الوزراء رسمياً مائة مرشح.
في طهران يقال إن الملف العراقي قُسم إلى ملف أمني يتولاه الجنرال سليماني، وملف سياسي يتولاه الأميرال شامخاني. سواء كان ذلك صحيحاً، وهو الأرجح أمر مبالغ به، فإن الجنرال سليماني أصيب بنكسة خطيرة في العراق.. بانتظار ما سيحدث في سوريا.

السابق
سيرين عبد النور ومكسيم خليل معاً؟
التالي
يوم القدس وتحدّيات حزب الله الجديدة