ماذا يُخبِّئ النظام السوري للمسيحيّين؟

لطالما اعتادَ المسيحيّون الرسائل المرمّزة للنظام السوري وحلفائه. فباتَ تهديد المنظمات الإرهابية، الوهمية منها وغير الوهمية، بضربِ الكنائس ودُور العبادة، تقليداً قديماً جديداً.

مَن لا يذكر موجة الترهيب التي سبَقت وأعقَبت تفجير كنيسة سيّدة النجاة، حيث رُوِّعت الأديرة والكنائس بسلسلة عبوات حقيقية ووهميّة، وأُغرق الإعلام بالبيانات التهديدية. ومن لا يذكر السابع من آب الشهير الذي أراد النظام الأمني من خلاله إرهاب المسيحيّين بعد مصالحة الجبل، ويومَها وُضع الناشطون في السجون بتهمة العمالة لإسرائيل.

من لا يذكر موجة التفجيرات في المناطق المسيحية، والتي أعقبَت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكان القصد منها شقَّ «14 آذار»، وإشعارَ المسيحيّين بأنّ زمن الوصاية كان أكثرَ أمناً.

من لا يذكر «فتح الإسلام» التي صُنِّعت في مطابخ اللواء آصف شوكت، وأُرسلت الى نهر البارد، وكُلِّفت بتفجير عين علق، قبل يوم واحد من احتفال 14 شباط. هذه المنظّمة كانت جزءاً من عدّة شغل مخابرات النظام الذي استعمل التكفيريّين لخدمة سياساته في العراق، وصدَّر جزءاً منهم إلى الشمال اللبناني لإقامة إمارة جهادية، أفشلَهتا جهود فرع المعلومات، وقضى عليها الجيش اللبناني في نهر البارد.

من لا يذكر المناشير التي رُميت على أبواب كنائس عكّار قبل زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، والتي تُهدِّد بإسم «القاعدة»، فإذا بقوى الأمن تقبض على ميشال سماحة، متلبّساً بمخطّط فتنة طائفية مُعلّبة في مكتب اللواء السوري علي مملوك، كان مقرّراً لها لو نجَحت أن تؤدّي إلى حالِ رعبٍ مسيحية من إرهاب يُحرّكه النظام السوري، ويصنع أدواته. بصدور تهديدات ما يسمّى «لواء أحرار السنّة»، عادت المخاوف مجدّداً من خطورة تكرار السيناريو ذاته في المناطق المسيحية.

ويعكس اختيار اسم المنظمة الوهميّة خطورةَ ما يُخطّط له… «أحرار السنّة» يُقصَد منها زَجّ الطائفة السنّية في لبنان في أيّ عمل إرهابي يُرتكب، خصوصاً في المناطق المسيحية التي خصَّصتها هذه المنظمة ببيان مفَبرك يُهدِّد الكنائس في البقاع وغيرها من المناطق، وأريدَ منه أن يكون توطئة لاعتداء يتخوَّف أكثرُ من مرجعٍ سياسي وديني مسيحي من حصوله.

نشَط «لواء أحرار السنّة» في نشر بياناته دوريّاً بعد كلّ حادثة إرهابية في الضاحية الجنوبية وغيرها. في إحدى المرّات تبنّى تفجيراً حصل في إيران، وهذا ما حدا بالقوى الأمنية الى رصد ما يصدر عنه وتعقّب المصادر. تبيَّنَ عام 2013 أنّ بيانات المنظمة عبر «تويتر» تأتي من خارج لبنان، فقد التُقطِت عبر جهاز «بلاكبيري»، وبمساعدة من شركتي الخلوي تمّ التأكّد أنّها خارج لبنان.

في الفترة الماضية، عادَت التحرّيات لتتابع نشاط المنظمة الوهمية، وثمَّة افتراض ضعيف الاحتمال بأن يكون هواةٌ وراء هذه البيانات، لكن ثمّة مخاوف أكثر جدّية بأن يكون من يُصدِّر هذه البيانات مرتبطاً بجهاز مخابراتي يهمّه إيصال رسائل فتنة، خدمةً لمنطق ما يسمّى النزاع ضدّ الإرهاب، بدليل أنّ وتيرة إصدار البيانات خفَّت جدّاً بعد بدء التحقيقات لكشفِ المصدر.

ويقول مرجع سياسي مسيحي إنّ «لواء أحرار السنّة» لا علاقة له لا بالأحرار ولا بالسنّة. ويضيف: كلّ المؤشرات تقود الى النظام السوري وحلفائه الذين يُجنّدون كلّ طاقتهم لدعم نظرية تحالف الأقلّيات.

يريدون ترهيب المسيحيين وتخويفَهم، وتصوير أنفسهم على أنّهم حماتهم، ومن هنا لا نستبعد، كما عرفناهم دائماً، أن يتورّطوا في عمل تخريبي في إحدى المناطق المسيحية، مثل الذي كانوا ينوون فعلَه من خلال مخطّط سماحة – المملوك.

السابق
المواجهة الحادّة بين برّي والمستقبل: ما الخلفيات؟
التالي
.. وَشَرُّ الطُغاةٍ ما يُضحك!