صقر في شارع الماما

حسان الرفاعي

وأنا خارج من منزلي صباحاً سألت ناطور البناء وبعض سائقي الجيران ما هذا الذي نراه منذ يومين في الشارع (شارع الماما – تلة الخياط)؟؟ حواجز باطون تقطع الطريق، عواميد حديد تزرع في الزِفْت، فك أرصفة وتغيير وجهة السير؟؟ فردّوا بصوت واحد، “لم يتمكن جارنا العميد في البناية المقابلة من التصدي لتدخل وزير في الحكومة يرغب في مساعدة صاحب محل يريد تسهيل وصول زبائنه إليه…!!”

أَدَرْت محرك سيارتي ومَضَْيت متسائلاً كيف لهذا الوزير من الوقت كي يتدخل في تحديد وجهة سير شارع صغير وهو صاحب الهموم الأمنية الكبيرة؟؟ ثم إن جارنا صاحب المحل المحظي ليس تابعاً لسرايا المقاومة لكي يفرض رأيه على الوزير!

“والله صعبة تِنْبِلِع، كيف سَمِع الوزير لشخص ولم يكترث لرأي أهل الحي وغالبيتهم من البيارته ومن مؤيدي تيار المستقبل!! الأنكى من ذلك أن العميد المغلوب على أمره هو رئيس شرطة سير مدينة بيروت!!”

خِشيْتُ أن أرفع الصوت احتجاجاً على تدخل الوزير لئلا أسمعه يردّد جملته الشهيرة: “إنت عارف مع مين عم تحكي!”

مساءً عدت إلى منزلي عند الإفطار وعَرّجت على بيت عديلي البيروتي في نفس البناء الذي جمع العائلة على العشاء (الموجودون كلهم بيارته، سُنَّة ومؤيدين لتيار المستقبل وللرئيس الشهيد…) فالتفتوا نحوي وقالوا لي وكأنني أنا من ارتكب أو شارك في المعصية:”ما هذه الحالة لقد غَيَّروا وجهة السير كرمال صاحب المحل… معاليه عامل قبضاي علينا! ولَوْ! ما فيك تَعْمِل شي يا حسان؟ عِيْب هيك!”

وهنا تدخلت إحدى السيدات المدعوات للإفطار وقالت: ” لن أذهب لأنتخبه لا في الدائرة الثانية ولا في الثالثة فليستنجد معاليه بأصوات أصحابه في الحزب! وَصِّل يا حسان كلامنا للشيخ سعد!”

انكفأت إلى بيتي وكتبت هذه السطور ولكن لِمَن أرسلها؟ “معاليه ما بالوا بقضايا تافهة! معاليه صديق مع كل الصحافة من 14 و 8 آذار! معاليه احتفلت به مؤخراً العائلات البيروتية وقد حضر بلباس “السبور” وقميصو برّات البنطلون…!! كوّيس!” ما إلي إلا صديقي فارس خشان! منيح بعد في فارس ليوصّل صوت الناس”

راجعت نفسي قبل أن أرسل هذه الأسطر للنشر وقلت إنني ربما أتسرع في ظلم الوزير! ولكني بعد التدقيق علمت أن معاليه تخطى رأي البلدية!! وإن أعمال تغيير وجهة السير من حفر وتكسير ووضع عوائق وتركيب حواجز أرضية وأرصفة تمّت على حساب البلدية ورغماً عنها!

ولكن لا داعي لتكبير الأمور فقضية أهل الحيّ تهون إن قورنت بمصيبة أهل قرية الطّفيْل الذين “حركوا ضمير معاليه ذات يوم” فضمّ بالحاج وفيق كرمى الى اجتماع أمني شرعي برئاسته، لعيونهم ودعماً لصمودهم، فإذا بهم يُهَجَّرون ويُقْتَلون على أيدي رجال الحاج وفيق وميليشيات بشار…!

كما تذكّرت أن أهل البقاع وتحديداً أهل بعلبك وقراها الذين وعِدوا بخطة أمنية جالت عليهم حديثاً وبين بيوتهم عراضات مسلحة للحزب ورجاله دون أن يرّف للوزير جفن…!

عادت فيّ الذاكرة إلى اليوم الذي شاهدت “صقر المستقبل” على الشاشة الصغيرة وكان وقتها مرشحاً لانتخابات بيروت سنة 2009 يرّد على سؤالٍ عن رأيه في غزوة 7 أيار 2008 المجيدة للعاصمة والجبل إذ أجاب محتداً: إني أدعو لاعتبار 7 أيار يوماً كبقية أيام السنة…!!

نعم إنه صقر المستقبل الأبيّ يحكم سعيداً في حين أن الحمائم أمثال الشهيد محمد شطح ترقد تحت التراب!

رحم الله شهيدنا الغالي الرئيس رفيق الحريري وأعان الشيخ سعد على أحماله!

نيابةً عن بعض أهل الاعتدال في بيروت

المحامي حسان الرفاعي

ملاحظة: إن قاطني الشارع من أهالي بيروت سنة وشيعة ومسيحيون ودروز.

المحامي حسان الرفاعي أرسل هذا المقال لـ”يقال.نت”، ولكن في وقت لاحق، وردت اتصالات تشير الى أن المسؤول عن الحدث موضوع المقال هو ضابط رفيع في قوى الأمن الداخلي، لم يردعه الوزير المعني.

السابق
فستق حلبي عا حشيشة!
التالي
اﻹسرائيليون يشاهدون قصف غزّة من سينما سديروت