الطالب لأستاذه في كلية الإعلام: «أنا بفرجيك نحنا مين»

ليست الحادثة الأولى في كلية الإعلام – الفرع الأول، وقد لا تكون الأخيرة، بناءً على التجارب السابقة. ما جرى أمس في قاعات الامتحان في الطبقة السادسة يختصر أزمة عميقة تعانيها الكلية بسبب السيطرة «الميليشياوية» عليها.

«أنا بفرجيك نحنا مين»! أصرّ عليها «الطالب» مراراً، مخاطباً أستاذه في كلية الإعلام والتوثيق(الفرع الأول). يشير إليه الأخير بيده للخروج من قاعة الامتحان، لكن «الطالب» «انقضّ» على الأستاذ المراقب، محاولاً «تلقينه درساً».

في أروقة الكلية، حدث الذي حدث. «يلي بيطلع بإيدك بيطلع بإجرك»، هكذا واجه طالب الدراسات العليا في كلية الإعلام عباس عبد الكريم الدكتور علي رمال، لأنه لم يسمح بالغش. قال لأستاذه: «إنتَ رب الفساد، حسابك عنا».

أمس، صعد الطلاب إلى الطبقة السادسة من مبنى الكلية. توزعوا على الصفوف وبدأوا الامتحان. حالة فوضى تعهدها قاعات الكلية منذ زمن، في فترة ما قبل توزيع الأسئلة. لا يلتزم الطلاب الصفوف التي وزعوا عليها بحسب الاختصاص، فـ«تضيع الطاسة» بين طالب على حق وآخر آثر تغيير قاعته لأن «التنقيل أسهل هونيك».

بداية، سادت حالة هرج ومرج عندما اكتشف أعضاء في مجلس طلاب الفرع، الذي تسيطر عليه حركة أمل، أن طلاباً آخرين أخذوا أمكنتهم في الغرفة 603. استدعوا موظفين في الإدارة. أجبرت موظفة إدارية وأمينة السر الطلاب الطامعين «بفتات خبز» على تغيير الصف، لتعود الغرفة 603 إلى حضن المسيطرين على المجلس.

بدأ الامتحان. المراقبة متساهلة. هدوء يسيطر على الأجواء. أراد الدكتور رمال الإشراف بنفسه على سير الامتحان في المادة التي يدرسها، و«رابض» في «الغرفة الحلم». لم يعجب هذا التشدد الكثيرين. حاول طالب تشتيت نظر المراقب، فحول قاعة الامتحان إلى ما يشبه «السيرك»، حتى وقعت الواقعة.

اكتشف المراقب أن الطالب عبد الكريم يتصفح هاتفه «الذكي» علناً في قاعة الامتحان. سحب الأستاذ الهاتف منه، فثار الطالب غضباً ممزقاً ورقته، قائلاً: «شو جابك تراقب؟ هيدا مش صفك». انهال عليه بوابل من السباب، توعده الأستاذ بتقرير لعمادة الجامعة، فكان الرد: «بعطيك أنا رقم عدنان السيد حسين؟ فرجيني شو رح تساوي».

خرج الطالب وساد التوتر الأرجاء. مدير الكلية إياد عبيد رفض التعليق، قائلاً: «بدك تنشري غسيل الكلية؟» بعد هذه الواقعة، لم ييأس أعضاء مجلس الفرع من إعانة زميلهم المتعدد الصفات: مسؤول الشعبة، الموظف في الكلية، طالب الدراسات العليا. سُرِّبت ورقة امتحانات «محلولة مسبقاً» له. جرت العملية بنجاح. لم يكتفِ الطالب «القبضاي» بذلك. عاد ليطلب من الدكتور رمال استرجاع أوراق كان قد صادرها.

رفض المراقب إعادتها لاقتناعه بأنها دليل إدانة قد يقدمه مع «التقرير الموعود». بين الكلمة والأخرى، هجم «الطالب» على الأستاذ، محاولاً ضربه. تدخل الموجودون للحؤول دون ذلك. «جُنّ» الطالب: «أنا بعرف حسابي معك»، و«بدي فرجيك نحنا مين».

لم تنتهِ الأمور عند هذا الحد. بدأ الامتحان الثاني، وإذا بـ«شلة» من الطلاب تريد تغيير الغرفة 603، فكان لهم هذا. وجدت الإدارة «فتوى» تناسب أعضاء «المجلس». في القاعة الأخرى التي انتقلوا إليها، حصل «تلاسن» مع أستاذ آخر هو الدكتور أحمد زين الدين.

اعترض طالب على «إطالة النظر» نحوه خلال مراقبة الأستاذ له. هبّ صارخاً بوجهه: «أنا مريض بالأعصاب ما حدا يتعاطى معي». ما لبث أن حاول تكسير الطاولات والكراسي. امتدّ التوتر إلى الغرفة 603 مجدداً، إذ حاول هذا الطالب خلع باب الغرفة! كل ذلك يحصل والطلاب ما زالوا يُمتحنون، فيما يحاول «زملاء» لهم «تكسير راس المراقبين».

مدير الكلية إياد عبيد لم يكن حاضراً لمتابعة هذه التجاوزات، بقي في مكتبه حتى وصلت لجنة التفتيش المركزية التي استدعاها بعض الأساتذة. جال المدير مع لجنة التفتيش على الطبقة السادسة، وعاد إلى مكتبه مجدداً.

أما الطالب «القبضاي» فتفرغ لمحاسبة الطلاب في باحة الكلية: «بكرا شوفوا بالجرايد، يلي بدو ينشهر بيكتب عن الجامعة»، مضيفاً :«يلي مش معاجبو الله معه يفل». معظم أساتذة الكلية فضّلوا «عدم التعليق»، إلا أن الدكتور علي رمال قال في تصريح لـ«الأخبار» إن هذا الفرع تحديداً، أصبح «خارج القانون»، مشيراً إلى أن «هذا المشهد بات يتكرر، وأن لا ثقة أبداً بكل امتحانات هذا الفرع».

رمال طالب بتدخل جميع المعنيين الإداريين في الجامعة اللبنانية لتغيير هذا الواقع واستعادة سمعة كلية الإعلام، واستغرب «غياب التدخل الإداري على صعيد الكلية». ورأى أن واقع الكلية اليوم هو «مؤامرة على هذا الفرع لتدميره نهائياً».

بدوره، أكد الدكتور أحمد زين الدين تعرضه «للإهانة والألفاظ النابية، فضلاً عن التهديد»، مشيراً إلى أنه يحاول «الانتقال من الفرع الأول إلى أي فرع آخر ليبتعد عن هذه الأجواء».

رفضت الدكتورة أميرة الحسيني، التي شهدت أحداث «الطبقة السادسة» «أي تدخل من الطلاب ومجلسهم في الإشراف على الامتحانات»، معترضة على كل الإهانات التي تعرض لها «الأساتذة والطلاب».

كذلك رأى الدكتور جمال نون أن ما حدث «لم يكن جو امتحانات»، لافتاً إلى أنّ من المفترض أن «تتحقق إجراءات ردعية حقيقية من الإدارة لتنظيم عمل الجامعة». مدير الكلية الدكتور إياد عبيد، رفض التعليق، قائلاً: «بدك تنشري غسيل الكلية؟».

قد يجري تحقيق في «مهزلة» كلية الإعلام أمس، لكن ما زالت سابقة تعيين طالب، ضرب مراقباً في السابق، موظفاً في الكلية، ماثلة في أذهان الكثير من الطلاب والطالبات. السؤال الذي ساد أمس: هل يُكافأ «الطالب القبضاي» هذه المرة أيضاً، أم تلجأ إدارة الجامعة إلى إلغاء الامتحانات التي أجريت من أجل إعادتها؟ وبهذا، يدفع «الطالب غير المسنود»، الذي «لا حول له ولا قوة»، ثمن سنين طوال من التسيّب، ويعيد امتحانات أجراها وهو صائم؟

السابق
إرتفاع حظوظ شخصية ذات خلفية أمنية
التالي
الفاتيكان يُحمِّل عون مسؤولية «التعطيل»