ميل غيبسون واليهود: وراك وراك!

هذا الأميركي الغاضب الذي هاجر مع عائلته الى سيدني عندما كان في الثانية عشرة، الحائز “أوسكارين”، الذي يؤمن بأن “لا خلاص لمن هم خارج الكنيسة”، لم يرحب به اللوبي اليهودي في جمهورية تشيكيا، فعبّر عن قلقه من تكريم رجل “معروفٌ بكراهيته لليهود وتصويره لهم في “آلام المسيح” باعتبارهم برابرة متوحشين للدم والعنف”. بعد مرور عشر سنين على عرض هذا الفيلم، لا تزال الجماعات اليهودية تعترض على عمل سقط في النسيان ولن يعرضه المهرجان، لأنه لا يندرج أصلاً في اطار العروض الاستعادية لأفلام غيبسون. ادارة كارلوفي فاري ردّت على البيان قائلة ان الجائزة تذهب الى النجم الذي يجسده غيبسون والى أعماله ولا علاقة للمهرجان بأيّ شيء آخر مرتبط به.

وأصدر إتحّاد الجماعات اليهودية في تشيكيا بياناً قال فيه ان مهرجان كارلوفي فاري “يتحول بعد منحه مل غيبسون جائزة، الى منبر مشكوك في أمره، يساهم في تحويل البلاد من جوّ تقليدي ومتسامح نسبياً الى بيئة لإمرار الأفكار الكارهة للساميين والأجانب”. نتيجة هذه المهاترات، امتنع غيبسون عن عقد مؤتمر صحافي ولم يدل بأي تصريح في هذا الخصوص، واكتفى بإطلالة مباشرة مع الجمهور في احد عروض الهواء الطلق، حيث تردد انه أخذ صور “سلفي” مع المعجبين. وعندما سأله مندوب “هوليوود ريبورتر” عن الموضوع، قال انه لم يعد يريد الكلام في هذا الشأن، ذلك انه سدد كل حساباته واعترف عن خطاياه وفعل ما يجب أن يفعله لكي يصبح هذا الموضوع من الماضي.
ويأتي تكريم غيبسون في جوّ مشحون: ففي الخامس عشر من شباط هذه السنة، خرج عدد من النازيين الجدد من ألمانيا وتشيكيا ومعهم بعض الأطراف المحسوبين على تيارات اليمين الراديكالي في تظاهرة رفعوا خلالها الأعلام والرموز النازية، “تكريماً للشهداء الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الاولى”. حاول عضو مجلس المدينة ييري كوتيك تفريق المتظاهرين ايماناً منه بضرورة التصدي لتنامي ظاهرة “الفاشية” في المدينة الهادئة. بيد ان الشرطة لم تستطع منعهم من ان يجوبوا المدينة كلها، على الرغم من ان عددهم لم يتجاوز المئة. وجاءت حادثة أخرى لتصب الزيت على النار: فالممثل الانكليزي غاري اولدمان قال في مقابلة لمجلة “بلايبوي” دفاعاً عن مواقف زميله غيبسون إن الأخير يقيم في مدينة يسيطر عليها اليهود، الأمر الذي جعله يضيق ذرعاً بهم، مؤكداً ان “الاستقامة السياسية” قضت على مسيرته الفنية وان كثراً من الناس يفكرون مثل غيبسون ولكن قلة منهم تتجرأ على الاعلان عن رأيه. ولكن، مرة اخرى عندما يتعلق الأمر بهذا النوع من التصريحات (وربما أمام ابتزاز بعض الجماعات اليهودية المتطرفة)، اضطر أولدمان الى الاعتذار قائلاً إنه عندما قرأ المقابلة المنشورة، شعر ان كلامه قد يساهم في تكريس الكليشيهات المغلوطة حول اليهود”.
وفعلاً، اذا كان هناك شخصية عامة تراجعت شعبيتها بسبب التصريحات غير المستقيمة، فغيبسون هو النموذج الأبلغ: فمن نجم كبير في الثمانينات قادر على استقطاب كلّ الأعمار بأيّ كلام، ومروّج لسينما غير جدية يغلب عليها الأكشن من خلال أدوار باهتة واعلان فارغ للوطنية (“الوطني” لرولان ايميريك ــ 2000)، سقط غيبسون اليوم الى مستوى سينما سيلفستر ستالوني. لم يعط الرجل أيّ اشارة لولادة ثانية منذ مطلع هذه العشرية، وها انه يشارك في الجزء الثالث من “اكسبندبلز”، بعد مشاريع لم تقنع كثيراً. مجموع ايرادات أفلامه بلغ الخمسة مليارات دولار، واليوم لم يعد يهم أحداً، سوى حفنة من اليهود الذين طاردوه بتصريحاتهم الى مدينة الاستجمام الشهير. وفي هذا، لن يستعين غيبسون بقلبه الشجاع!
السابق
هل نصدّق «رامز قرش البحر»؟
التالي
هرمونات منعت انتخاب رئيس للجمهورية