هل يغيِّر الاقتراح المفصّل الذي قدمه “الجنرال” قبل ثلاثة أيام والشامل الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية رأي حلفائه في دقة حساباته؟
العارفون والمطلعون والقريبون في وقت واحد يستبعدون ذلك. فهو يعتقد أن انتخاب الرئيس على مرحلتين، تقتصر الأولى على المسيحيين وتشمل الثانية اللبنانيين كلهم، وأن إحياء مشروع قانون “اللقاء الأرثوذكسي” للانتخابات النيابية الذي يحصر انتخاب النواب بالذين يماثلونهم من “الشعوب” في الدين لا بل في المذهب أيضاً، يعتقد أن ذلك كله سيعيده ممثلاً شبه وحيد للمسيحيين، وسيوصله إلى بعبدا إمّا بانتخابات رئاسية في مجلس النواب وإمّا بانتخابات “شعبية”. لكن هؤلاء لا يوافقونه الرأي. فالانتخاب الرئاسي على مرحلتين طائفية ووطنية يلزمه تعديل للدستور ليس محدوداً على الإطلاق كما يقول. ولا بد أن يفتح ذلك شهية الطوائف والمذاهب الأخرى على تعديلات جذرية أخرى. وما الحديث عن “المؤتمر التأسيسي” الذي تكاثر في الأسابيع الأخيرة إعلامياً وسياسياً وشعبياً إلا دليل على ذلك. وهذا أمر يخيف المسيحيين ولذلك يرفضونه. فهل سيبقون متمسكين بزعامة عون وتالياً برئاسته في حال كهذه؟ وهل يكفي أن يكون هو الزعيم وتالياً الرئيس كي يكون المسيحيون في خير في لبنان؟ وهل يصبحون في الويل إذا أخفق في تحقيق حلمه الرئاسي؟ وهل يحق لـ”الجنرال” أو لأي زعيم مسيحي آخر أن يستعمل القلق المسيحي المشروع لتحقيق أهدافه السياسية، وأن يدفع الدور المسيحي في البلاد إلى الزوال إذا أخفق في تحقيقها؟
طبعاً، لا ينطلق هذا الكلام من موقف سلبي “مُسبق” من “الجنرال”، بل من تحليل واقعي الهدف منه المحافظة على دور المسيحيين في لبنان على رغم ما لحقه من تقليص “بفضلهم” كما “بفضل” الآخرين وذلك من أجل الحؤول، إذا كان ذلك ممكناً، دون خسارة “شعوبه” كلها ليس الدور فقط بل الكيان. فالمنطقة انطلقت من التفجُّر إلى التفسُّخ، ودولها مهددة من أكبرها إلى اصغرها بتغييرات من داخلها وفي جغرافياتها. والعالم الفاعل حائر ماذا يفعل أو متواطئ أو عاجز.