من يدعم ’داعش’ في مُخطّط تغيير خارطة حدود العراق وسوريا؟

لماذا تحولت «داعش» الى قوة اقليمية تسيطر على مساحة واسعة في العراق وسوريا، ومن الذي يدعمها ويمولها؟

كيف صار هذا التنظيم الارهابي المتطرف نواة دويلة تمتد اليوم من الموصل العراقية الى دير الزور السورية؟ ولماذا يتجاهل بعض الدول العربية والغربية خطرها، رغم انها تعتبر من اولى الجماعات المصنفة في جدول الارهاب؟

بعد التطورات الاخيرة المتسارعة في العراق والتمدد الداعشي في الموصل والانبار ومناطق اخرى، تحول هذا التنظيم الارهابي الى حديث الساعة في لبنان، وصار احد ابرز مصادر الخلايا الارهابية التي تحركت في الايام الاخيرة لتوجيه ضربات ضد اهداف سياسية وحيوية وامنية، في اطار السعي الى زعزعة الاستقرار العام وخلق حالة او ظروف مشابهة لتلك التي تشهدها العراق وقبلها سوريا.

ووفقاً لمراجع لبنانية مسؤولة فان المعلومات التي توافرت عن تحرّك هذه الخلايا، تستند الى تقارير الاجهزة الامنية والى جهات مخابراتية خارجية لا سيما من الادارة الاميركية، التي ابلغت السلطات الرسمية اللبنانية ووزارة الداخلية عن وجود انتحاريين «ملغمين» وسيارات مفخخة معدة للتحرك بواسطة انتحاريين ينتمون الى تنظيمات ارهابية ومنها «داعش».

واذا كانت معظم الخلايا والشبكات الارهابية التي ضبطها واوقفها الجيش والقوى الامنية في السابق تنتمي الى «جبهة النصرة» او مجموعات تدور في فلك تنظيم «القاعدة»، فان الذين جرى توقيفهم في الايام الماضية تضيف المراجع ينتمي عدد منهم ايضا الى «داعش»، الامر الذي يعزز الاعتقاد بأن جبهة اقليمية او دولية اعطت الاوامر بتحرك هذه الخلايا الارهابية في لبنان والقيام بعمليات تفجيرية تترافق مع ما يجري في العراق وسوريا.

ما الذي حصل عشية يوم الجمعة الماضي الذي شهد التفجير الانتحاري عند حاجز قوى الامن الداخلي في ظهر البيدر، والغاء احتفال الاونسكو الذي كان سيلقي خلاله الرئيس بري كلمة امام مؤتمر المخاتير؟

تقول المعلومات انه قبل حوالى الاربع وعشرين ساعة من موعد الاحتفال رصدت مخابرات الجيش والاجهزة الامنية الاخرى حركة غير عادية لخلايا وافراد ارهابية، واستطاعت ضبط وتوقيف بعض العناصر الذين ادلوا بمعلومات مفيدة عن هذه الخلايا وهذا التحرك.

وفي هذا الوقت تلقت السلطات المختصة ووزارة الداخلية معلومات من المخابرات الاميركية عن طريق السفارة في بيروت بان هناك عددا من الانتحاريين والسيارات المفخخة موجودة في لبنان، وجرى الاعداد من اجل توجيه ضربات ضد بعض الاهداف السياسية والامنية والتجمعات ايضا.

وعليه تضيف المعلومات، فقد سارع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان سيلقي كلمة الى جانب الرئيس بري في مؤتمر الاونيسكو امام ما لا يقل عن 1300 مختار اكدوا حضورهم، الى الاتصال في الصباح الباكر بالرئيس بري بعد الاتصال بمسؤول البلديات في حركة «امل» بسام طليس وابلغه هذه المعلومات، مشيرا الى ان هذه السيارات والافراد معّدة لاستهداف التجمعات من دون تحديد هدف معين.

وباعتبار ان مؤتمر الاونيسكو كان التجمع الابرز او الوحيد في ذلك اليوم. كان لا بد من الغائه وتأجيله تحسبا لخطر اي هجوم محتمل لا سيما بواسطة الافراد الارهابية المزنرة باحزمة ناسفة يمكن ان تتسر الى مكان الاحتفال، مع العلم ان اجراءات امنية وقائية مشددة كانت قد جرت قبل ايام من هذه المناسبة من قبل الجيش والقوى الامنية وجهاز حرس وامن الرئيس بري.

ووفق المعلومات ايضا فإن من بين ما افيد عنه هو وجود 3 سيارات مفخخة جاهزة لتحريكها بواسطة انتحاريين، بالاضافة الى نصف شاحنة «بيك اب» محملة بما يقارب الثلاثة اطنان من المواد شديدة الانفجار، وكذلك وجود عدد من العناصر الارهابية المزودة بأحزمة ناسفة.

وعلى ضوء ذلك تقرر تأجيل المؤتمر تفاديا لأية كارثة مع الاشارة الى ان صحيفة «النيويورك تايمز» تحدثت في تقرير لها عن كارثة في المنطقة كان يمكن وقوعها اذا ما جرى استهداف المؤتمر والرئىس بري.

وحسب المعلومات ايضا فان الجيش والقوى الامنية الاخرى استطاعت من الجمعة الماضي وحتى امس توقيف عدد غير قليل من الارهابيين اللبنانيين والسوريين والاجانب بينهم من له صلة بتنظيم «داعش». وما زالت تتعقب اخرين وفق التقارير والمعلومات التي حصلت عليها من التحقيقات او عمليات الرصد المستمرة.

وفي مجال الحديث عن «داعش» يقول مرجع لبناني بارز ان هذا التنظيم الارهابي يتلقى دعما مباشرا من بعض الجهات والدول في المنطقة ومن اوروبية ايضا التي تشتري النفط الذي يصدّره من دير الزور وغيرها عن طريق تركيا.

ويضيف بأن هذا الدعم المستمر جعل «داعش» تنحو بهذا الشكل المتسارع لتصبح قوة عسكرية توازي موازنتها موازنة الدول مع العلم ان هناك عمليات دعم وتزويد بالسلاح والمعدات لهذا التنظيم بشكل مباشر.

ويرى المرجع انه منذ الدولة العثمانية وحتى اليوم تجري لأول مرة محاولة تغيير في الخارطة والحدود وهذا ما قصده الرئيس بري في كلامه امام روابط المخاتير امس عندما قال «ان ما يجري في المنطقة هو ترسيم حدود اين منها سايكس بيكو.

ويضيف بأن هناك معالم دويلة اليوم خاضعة لسيطرة «داعش» تمتد من الموصل والانبار في العراق الى دير الزور في سوريا ملاحظا ايضا ان هناك مخططا يجري العمل عليه لتقسيم العراق وجعله ثلاث دويلات على الاقل منها دويلة «داعش» الممتدة الى داخل سوريا، واخرى للشيعة التي تضم البصرة الغنية بالنفط الى بغداد، وثالثة للاكراد بعد السيطرة كاملا على كركوك الغنية بالنفط ايضا.

وفي معرض حديثه عن تزايد سطوة وقوة «داعش» يقول المرجع اللبناني البارز انها استفادت الى جانب الدعم الخارجي ايضا من بيئة حاضنة هي بمثابة «البحيرة» التي تسبح فيها ومكونة من بقايا نظام صدام حسين بقيادة عزت الدوري، ومن عشائر محلية، واشار المرجع الى ان المستفيد الاول مما يجري هو اسرائيل التي عملت وتعمل على تفتيت الدول المجاورة وتقسيمها واضعافها وان الرد الطبيعي والوحيد هو الحفاظ على وحدة العراق كما جاء في دعوة اية الله السيد علي السيستاني بعد الاحداث الاخيرة وقبلها.

وحول تداعيات هذه التطورات الخطيرة يقول المرجع ان التجارب السابقة اثبتت ان لبنان افشل مخطط تقسيمه الى دويلات طائفية او مذهبية، مشيرا الى ان الفضل الاساسي في ذلك يعود الى المقاومة التي استطاعت ان تنتصر على اسرائيل وجيشها الذي قيل انه لا يقهر، في كل الحروب والاعتداءات التي شنتها واخرها عدوان العام 2006.

السابق
الحريري يلتقي سليمان في باريس
التالي
الوزير سليمان فرنجية: ثمة تغيير ديمغرافي في المنطقة