الخطيئة.. والسكوت عن تداعياتها

كم من الخطايا ترتكب اليوم في مجتمعنا، وتطالعنا وسائل الإعلام بصورها البشعة التي تهز كل كيان ووجدان لا تزال تتحرك فيه جذوة الإنسانية وشعلة الضمير الحي، خطايا من العيار الثقيل من عنف منزلي إلى اغتصاب للطفولة وغير ذلك، ولسنا في وارد عرض هذه الحوادث التي إن كشفت عن شيء فإنها تكشف عن خلل كبير في بنية المجتمع ومن يعتبر نفسه موجها لحركته وبوجه خاص المؤسسة الدينية والكم الهائل من أصحاب العمائم والتوجهات ، ونحن هنا في معرض اللوم والعتب لهؤلاء من منطلق ألم المعاناة الت يتعتصر القلوب وتخدش الأخلاق العامة، فلماذا هذا الصمت المدوي من قبل رجال الدين ومؤسساتهم تجاه قضايا حساسة وملحة تختص بحياة الناس في الصميم ، فمن صلب رسالتهم الخوض بقضايا الناس الاجتماعية والتحرك بفاعلية في الإضاءة عليها والنزول إلى الواقع وإطلاق الصوت العالي والموقف الجدي لحلحلة العقد والمشاكل ، فإذا كان هذا ليس عملهم فما عملهم يا ترى!
فهل فقدت المؤسسة الدينية  أهميتها وغائيتها الحقيقية في مواكبة شؤون الناس، المسألة اليوم في غاية الخطورة ، فعندما يسقط الهيكل الاجتماعي ، فإنه سيسقط على رؤوس الجميع ، فلا يجوز والحال هذه تكريس فعل الخطيئة عبر تدمير الحس الفردي والعام بتجاهل مثل هذه القضايا ، وهنا اللوم ليس فقط على المؤسسة الدينية بل على كل من يشعر أنه يستطيع المساهمة في تسليط الضوء وتحفيز الهمم للتخفيف على الأقل من تكرار هذه الحوادث التي هي في في ازدياد مطرد ، فأين يا ترى مقاومة الخطيئة كي لا نكون من المشاركين في قتل الروح الجماعية الرافضة لهذه الجرائم؟
إن إحياء الشعور بالمسؤولية وما يترتب على ذلك من تحرك عملي بالموقف والسلوك يعني مقاومة فعل الخطيئة الذي يتم السكوت عنه ويمر مرور الكرام وكأنه شيء مألوف وطبيعي .
فالذي هو في موضع القرا ر ولا يتجرأ على اتخاذ قرار المبادرة بالتحرك ، إنما هو بشكل أو بآخر يساهم في قتل الآخر ، وإمعان القتل أيضا في الذات الجماعية القائمة على الإدراك العام لسوء الخطيئة في السكوت عنها وعن نتائجها .
ألا تكفي هذه الحوادث لتنبيه المؤسسات الدينية والاعلامية والتربوية إلى حجم الكارثة وخطورتها تحفيزاً لهم على التواصل والتنسيق مع الجهات العامة للتصدي لجذورها ومعالجتها قبل استفحالها!
وكما أنه في الشرع يحرم على الإنسان ممارسة أي عنف ضد أي إنسان آخر سيما المرأة ، يحرم بالدرجة ذاتها السكوت والتغاضي عن كل ذلك ، وكأن الانشداد والركون إلى الواقع البشع بات قدرا للكثيرين بدل التحرك بسرعة ودينامية لمعالجة ما يجري ، وهو ما يحدث حالة من اللا توازن الاجتماعي التي تنعكس يوميا مشاهد من الجرائم البشعة التي تلوث الحياة.
فهل المطلوب أمام هذا المشهد السلبي الصامت بوجه عام تجاه ما يجري على المرأة من عنف أن ترد العدوان  عن نفسها بيدها على قاعدة آخر الدوا الكي  ؟. هذا ما ينبىء به الواقع للأسف والذي بات محاصرا بكثير من الهموم والمشاكل .

السابق
إيران ضحية استثمارها الدموي بـ: داعش!
التالي
مايكل شوماخار يستيقظ