عنف الإسلاميين في مصر

لم يفاجئ أحداً فوز المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية في مصر. تطابقت الوقائع مع كل التكهنات الا من حيث نسبة المقترعين ونسبة من صوتوا لهذا المرشح أو لحمدين صباحي. الـ90 في المئة وما فوق تفيد ان لا ربيع عربياً ولا من يربّعون. تؤكد لجماعة “الاخوان المسلمين” ان الديموقراطية محض هراء. تثبت نظرية المتطرفين بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة لوصول الاسلاميين الى الحكم ولمشاركتهم في بناء الدولة.

ثمة من يقول: أهلاً وسهلاً بالرئيس الجديد الذي جاء بسلطانع عسكري ليوجه بانتخابه صفعة اضافية الى “الاخوان المسلمين”. لم يستوعب هؤلاء حجم الاخطاء الفادحة التي ارتكبوها في حق مصر. حاولوا الحكم بعقلية الثأر والاستئثار. كأنهم أرادوا الانتقام لتاريخ طويل من الاضطهاد، قتلاً وتنكيلاً وسجناً طاول جميع زعمائهم بدءاً من حسن البنا وليس انتهاء بالسيد قطب. جلس محمد مرسي على كرسي الرئاسة لأنه فاز في انتخابات أقر العالم بشرعيتها ونزاهتها، لا لأنه مكلف من الله “اخونة” مصر غصباً عن اهلها من المسلمين العرب والمسيحيين الاقباط. كأنه لم يدرك ان الحكم تداول ومشاركة. جاء عزله بانقلاب عسكري مدعوم شعبياً ليذكر العالم بان وطأة العسكريين المصريين لا تخفف بخفة دم المصريين.
حكم طغاة العرب شعوبهم بالحديد والنار باسم المحافظة على الاستقرار وباسم الاستنفار الدائم لمواجهة العدو الاسرائيلي الغاشم. صعد الارهاب المرتبط بالجماعات الاسلامية نتيجة لهذه المعادلة وسواها من العوامل الاخرى. غير “الربيع العربي”، أو كاد يغير، هذه الثابتة في الدول العربية التي نشأت مع نهاية الاستعمار. رفع الغطاء عن الهياكل البالية لنظام بدا كأنه يتهاوى. لم يصمد في مصر ما بعد “ثورة 25 يناير” سوى “الاخوان المسلمين”: الجماعة المنظمة جيداً، والجيش: العمود الرئيسي للدولة العميقة. انتهى الجميع بخيار لا ثالث له بين أحلى الأمرين. كان يساريو القرن الحادي والعشرين يتبنون مقولة زعيم الثورة البلشفية فلاديمير ايليتش لينين عن “العنف الثوري” والرد “على طبيعة المرحلة” وجشع رأس المال. يتماثل اسلاميو القرن الحادي والعشرين في ذلك مع اعدائهم السابقين في هذه النظرية التي جلبت الخراب على امم كثيرة في اوروبا الشرقية واميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا والشرق الاوسط.
انتصرت الديكتاتورية العسكرية على ما كان ينبغي ان يكون اسلاماً معتدلاً. غير ان هذا الامر لن يتوقف على الارجح عند هذا الحد. يخشى ان تستفيد تنظيمات متطرفة مثل “القاعدة” من ضرب الاخوة في مصر، لتسعى الى ضخ دماء جديدة. لم يفوت أيمن الظواهري هذه الفرصة كي يعبر عن تضامنه مع “الاخوان” الذين “لهم الحق في استخدام القوة ضد الظلم الذي يواجهونه”.
هذا هو الخطر الأكبر على مستقبل مصر الآن.

السابق
سمير قصير… و’الثورتان’!
التالي
’ربيع العسكر’.. البائس