كتبت “الحياة ” : أخذت ارتدادات الشغور الرئاسي في لبنان تنعكس على سائر المؤسسات الدستورية، كما ظهر في اليوم الثاني لانتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان من دون أن تتمكن الطبقة السياسية من صوغ تسوية على انتخاب بديله في المجلس النيابي، فاتجهت القيادات المسيحية نحو ربط التشريع في المجلس النيابي بمقياس الضرورة، وبمعيارَي “إعادة تكوين السلطة ومصلحة الدولة العليا” وفق ما قال زعيم “تكتل التغيير والإصلاح” النيابي العماد ميشال عون، الذي اعتبر أن “شغور موقع الرئاسة يعني غياب الميثاقية ويجعل من شرعية أي سلطة منتقصة”.
وبينما اعتبر عون أن “هدف موقفه هذا هو إنهاء الشغور الرئاسي في اسرع وقت”، وضع هذا الموقف، انضمت “مجموعة الدعم الدولية للبنان” الى الدعوة لتكثيف العمل من أجل ضمان انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت وتجنب شغور مطوّل، كما جاء في بيان أصدره باسمها منسق الأمم المتحدة في لبنان السفير ديريك بلامبلي. ووجه رئيس البرلمان نبيه بري أمس الدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس في 9 حزيران (يونيو) المقبل، وسط استمرار انسداد الأفق أمام جهود التوصل الى رئيس تسوية بين الفرقاء.
وأجاب عون أمس رداً على سؤال عن سبب عدم تسميته من قبل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله بالقول: “لست أعلم”. وأضاف: “لا يستطيع أحد أن يسبقني في التسمية فعندما تصبح المعركة جدية ومن دون مناورات، عندها نرى إذا كنا سنترشح أو نترك الآخرين يصلون الى سدة الرئاسة”. وحدد مواصفات الرئيس بالقول إن عليه “أولاً أن يكون ممثلاً لطائفته ومقبولاً منها وقوياً فيها ولا يجوز أن يكون مقبولاً من الآخرين ومرفوضاً من طائفته”.
وأوضح أن التفاوض مع تيار “المستقبل” سيستمر، وأن طرحه التعاون بينه وبين زعيم “المستقبل” سعد الحريري والسيد نصرالله “لا يمس المناصفة بل يقوي الوحدة الوطنية، ونحن نتحدث عمن بينهم خلاف، أي السنّة والشيعة”.
وعقدت قوى “14 آذار” مساء أمس اجتماعاً لتقويم موقف القوى السياسية المسيحية عدم حضور جلسات التشريع النيابية، بما فيها القوى المسيحية المنضوية في إطار التحالف، ومن أجل وضع خطة عمل لما بعد الشغور الرئاسي وسبل التعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية. وترى قيادات في “14 آذار” أن إقرار سلسلة الرتب والرواتب من الضرورات التي تجيز التشريع في ظل الشغور الرئاسي، لكنها تدعو الى التوافق النهائي على أرقام كلفتها وتمويلها من أجل إقرارها في مادة وحيدة، بدل الدخول في سجال ومزايدات في شأنها.
وفي انتظار أن تتضح خريطة المواقف حول مسألة التشريع واستمرار أعمال مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، خصوصاً أن الأطراف المسيحية تعتبر أن على الحكومة أن تتجنب القرارات المهمة، فإن المخاوف من امتداد الفراغ الرئاسي الى المؤسسات دفعت سفراء الدول الكبرى الى التحذير “من التطبيع مع الفراغ” كما قال السفير الأميركي ديفيد هيل. وذكرت مصادر نيابية أن الوضع السياسي المعقد الذي يرافق الشغور الرئاسي جعل الرئيس بري يدرس إمكان الدعوة الى الحوار الوطني في هذه المرحلة حول كيفية الخروج من المأزق.
من جهة أخرى، أعلن “الإئتلاف الوطني السوري” في رسالة موجهة الى الشعب اللبناني أمس، أنه عازم “بالتوافق مع الحكومة الشرعية المستقلة، على إعادة النظر بالاتفاقات والمواثيق الموقعة إبان الوصاية البغيضة على لبنان”. وشدد على “احترام استقلال لبنان واعتماد سياسة واحدة قائمة على عدم التدخل من قبل أي منا في الشؤون الداخلية للآخر”.
ولفت الائتلاف، في الرسالة التي نشرها على موقعه الرسمي، الى أنه “سيعمل على إقامة علاقات ديبلوماسية سوية بين البلدين، وترسيم الحدود، كما سيحقق جدياً في ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين كي نطويه على وضوح وعدالة ورضا”.
وعن النزوح السوري الى لبنان، اعتبره الائتلاف من “أخطر الوقائع الراهنة”، وأضاف: “اننا ندرك تماماً ما يرتبه النزوح من أعباء تفوق قدرة لبنان على الاحتمال، ديموغرافياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، ما لم يتم وضع حد للجريمة المتمادية على أرض سورية، وفي مطلق الأحوال فإنه قهريّ وموقت، ومحكوم بعودة أهلنا الكاملة الى ديارهم ريثما تنجلي الغُمّة، لذلك لا داعي لأي خطابات تحذيرية من توطين افتراضي”.
وإذ دان قتال “حزب الله” في سورية، رفض الائتلاف السوري “أي ردّ فعل انتقامي ضد إخوتنا الآمنين في لبنان لأي طائفة انتموا”. وطمأن اللبنانيين الى أن “ثورة الشعب السوري ليست بحاجة الى استخدام الأرض اللبنانية في معركتها، وهي لا تستخدمها بالفعل”، متهماً النظام السوري “المجرم” بأنه “يحاول جاهداً أن يخلط الأوراق ويكسب وقتاً لن يجديه نفعاً”. ورفض الائتلاف “ربط لبنان بمسار أزمة نظام الأسد”.
وفي سياق متصل، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهر أمس بنبأ مقتل المتهم بالضلوع في محاولة اغتيال الوزير بطرس حرب عام 2012، محمود حايك، المنتمي الى “حزب الله”، في القتال بسورية، وهو من بلدة عدشيت القصير الجنوبية (قضاء مرجعيون). وتردد أنه قضى في كمين نصب لمجموعة من الحزب في محيط مدينة حلب، وأن المجموعة كانت بقيادة القيادي العسكري في الحزب فوزي محمد أيوب الذي قتل أيضاً. وأفادت معلومات مراسلين ومحطات تلفزة في الجنوب، بأن الحزب نعى أيوب (بلدة عين قانا) في الجنوب. كما أفادت هذه المعلومات بأن الحزب نعى أيضاً مصطفى حسين أيوب من بلدة حاروف وحيدر عمرو من بلدة الحصين في بلاد جبيل “أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي”.