72 ساعة أخيرة… قبل عهد الفراغ

الرئيس ميشال سليمان

 

 

72 ساعة أخيرة من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الثالث عشر، لكن الذي سيحل محل الرئيس ميشال سليمان هو الفراغ الرئاسي .

لم يعد ثمة امكان للرهان على ربع الساعة الاخير لتدارك الفراغ ولو اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الانتخابية الخامسة التي ستعقد اليوم جلسة مفتوحة حتى منتصف ليل السبت – الاحد. ذلك ان الوقائع التي يعرفها الجميع صارت عصية على أي خرق مفاجئ في الايام الثلاثة المتبقية، ووحده الفراغ يشكل التطور شبه الحتمي الذي باتت البلاد ترزح تحته من الآن باعتبار ان الجلسة الانتخابية المفتوحة لن يتوافر لها نصاب الثلثين اسوة بالجلسات السابقة. ولم يكن أدل على “البداية” الواقعية لعهد الفراغ المطل على البلاد من ان كل الحسابات والتقديرات السياسية بدأت تتركز على مرحلة ما بعد 25 أيار وافاقها الغامضة. كما ان حركة استعدادات واسعة حكومياً وأمنياً وادارياً تتكثف لمواكبة انتقال الصلاحيات الرئاسية الى مجلس الوزراء مجتمعاً .
وسط هذه الاجواء الملبدة بهاجس اقتراب ساعة الفراغ، كان لـ”النهار” أمس حديث “مسك الختام” مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في ذروة انشغاله بالتحضيرات للاستقبال الوداعي الذي سيقيمه ظهر السبت في قصر بعبدا والذي سيلقي خلاله خطاب الوداع رئيساً للجمهورية ولكن من غير ان يتقاعد عن العمل السياسي العام بعد انتهاء ولايته، على ما توحي كل المؤشرات. وإذ أبدى أسفه وألمه للاحتمال الكبير لعدم حصول تسليم وتسلم بينه وبين خلفه، على ما كان يطمح اليه تتويجاً لانجازات تحققت في عهده، أكد لـ”النهار” انه بعد انتهاء ولايته يزمع “متابعة الودائع التي وضعتها” خلال هذه الولاية. ولم يخف انه يرغب في وصول رئيس للجمهورية “يكمل ما بدأته”، معدداً بصورة خاصة “اعلان بعبدا والاستراتيجية الدفاعية وانشاء مجموعة الدعم الدولية والهبة السعودية المهمة لدعم الجيش والمحافظة على السياسة الخارجية وفق القسم ًعلى الدستور”. واذ يبدو ان الرئيس سليمان أعد خطاباً وداعيا، يتسم بأهمية خاصة من حيث تشكيله “خريطة طريق” لخلفه، فهو لم يخف اعتزازه بالتزامه منذ ما قبل سنتين رفض تمديد ولايته، راغباً “في تحرير نفسه والمحيطين به من مستشارين ومساعدين وفي تحرير عائلته”. أما سعي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى التمديد، فأدرجه في اطار حرص البطريرك على تجنب الفراغ والحض على انتخاب رئيس جديد. ورد على متهميه بالاخلال بالعهود والوعود، لافتاً ان “أكثر ما آذاه خلال ولايته هو عدم الاقتناع بالديموقراطية وممارساتها الطوعية”، وقال: “غيروا مفهوم الانتخاب حين قالوا إن التعطيل حق ديموقراطي” .

لا نصاب
في غضون ذلك، قالت مصادر نيابية لـ”النهار” إن جلسة مجلس النواب اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لن يتوافر لها نصاب الثلثين نتيجة مقاطعة “حزب الله” وتكتل النائب ميشال عون. واوضحت ان فكرة الحضور وتأمين النصاب والاقتراع باوراق بيض لم تعد واردة، بعدما تبيّن ان مشروع تجميع 65 نائباً لمصلحة العماد عون ليس واقعياً.
وعلمت “النهار” ان ما اعلنه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أمس بعد لقائه البطريرك الراعي عن فكرة تمديد ولاية الرئيس سليمان باقتراح من البطريرك كان أيضاً مدار بحث بين الراعي والمرشح الرئاسي النائب هنري حلو. وفي معلومات متصلة بالاقتراح انه حظي بقبول معظم القيادات المسيحية والسنية وسفراء دول كبرى بينها روسيا. حتى ان السفير الاميركي ديفيد هيل زار قبل أيام قصر بعبدا لهذه الغاية. الا ان هذا الاقتراح لم يبصر النور لاصرار الرئيس سليمان على رفض التمديد وكذلك لمعارضة “حزب الله” والعماد ميشال عون إياه. وعليه، تراجع كل ما له علاقة ليس فقط بالتمديد وانما أيضاً باختيار شخصية من الصف الثاني ووضع البلاد على مسار الشغور الذي قد يتطور الى الفراغ وفقا للمعطيات الاقليمية والدولية.
أما الجلسة التي عقدها مجلس النواب أمس وناقش خلالها رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس مطالبا اياه بالعمل على تأمين كل الاجراءات الآيلة الى انتخاب رئيس جديد للبلاد، فتحولت سجالات حول النصاب وتعطيل الجلسات الانتخابية، ورسم الحضور النيابي فيها صورة الازمة السياسية التي حالت حتى الساعة دون انتخاب رئيس جديد وقد مثّل فيها “تكتل التغيير والاصلاح” ثمانية نواب فقط.

جنبلاط

وأطلق رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط خلال الجلسة موقفاً لافتاً حرص فيه على الاشادة تكراراً بالرئيس سليمان، فوصفه “بالشجاع وهو من القلائل الذين يتمتعون بدماثة الاخلاق”، وأضاف ان سليمان “رجل تليق به الرئاسة، أما التجارب مع غيره فكانت مريرة والله يستر من الجايي عالميلتين”.
ودقت بكركي تكراراً جرس الانذار حيال الفراغ من خلال الاجتماع الموسع للمؤسسات المارونية الذي انعقد أمس برئاسة البطريرك الراعي وضم الرابطة المارونية والمؤسسة المارونية للانتشار والمجلس العام الماروني والذي علم ان الراعي اطلع اعضاءها باسهاب على مجمل الوقائع التي حصلت في حضوره مع الافرقاء السياسيين في شأن الاستحقاق الرئاسي. وصدر بيان عن المجتمعين حذروا فيه “من ان تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري يخالف الدستور نصاً وروحاً والميثاق الوطني ويهدد الكيان ومن شأنه ان يضرب رأس هرم السلطات ويؤدي الى شلّ عمل المؤسسات الدستورية”.
وتحدث العماد عون أمس الى قناة “المنار” عشية الذكرى الرابعة عشرة للتحرير الذي وصفه بأنه “أهم حدث في تاريخ لبنان الحديث”، فقال إنه في ظل وجود المقاومة “من الطبيعي ان يتم تطبيق شعار الجيش والشعب والمقاومة عملياً”. وأضاف أن وصف الرئيس سليمان لهذه المعادلة بأنها خشبية “خطأ بكل تأكيد ونأمل أن يكون خطأ لفظياً فقط”. واعتبر عون أن “ثلاثة أقطاب يمكن أن يشكلوا مثلثاً متساوي الاضلاع أي السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري وأنا بحيث لا نستطيع أن نفكك هذا المثلث ونرمي كل قطعة جانباً، بل يجب أن نكون مترابطين بعضنا بالبعض”.

مجلس الوزراء
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد عصر اليوم في السرايا ستليها غداً جلسة مماثلة في قصر بعبدا حيث ستكون الأخيرة برئاسة الرئيس سليمان وعلى جدول الأعمال الذي تسلمه الوزراء مساء أمس 41 بنداً وليس بينها تعيينات. وأبرز البنود ما يتعلق بتحويلات مالية على القاعدة الإثني عشرية لدفع رواتب. وسيلي الجلسة عشاء يقيمه سليمان وقرينته على شرف رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام والوزراء وقريناتهم.

السابق
صرخة مارونية ضد الفراغ وبري يفتح الجلسات
التالي
صفقة غاز بـ 400 مليار بين الصين وروسيا