ميشال عون… شهيدا!

ميشال عون
مشكلة الاستحقاق الرئاسي في لبنان ليس فقط انه يعبر عن حجم التجاذبات الداخلية، وانما انه يعكس ايضا صعوبة التداخلات والصراعات الخارجية، وهذه المرة يأتي الاستحقاق في لحظة تحولات كبرى ما يعني ان السينريوهات كلها مفتوحة وفي كل الاتجاهات. فهل يكون ميشال عون رئيسا توافقبا.. أو شهيدا ﻷنه خرج عن الدور المرسوم له؟

اقلقني ما جاء منذ أيام في مانشيت جريدة “الاخبار” المحسوبة على حزب الله بعنوان: “حزب الله: عون او لا احد “.
فرغم ان “الاخبار” ليست الناطق الرسمي باسم الحزب، الا انه معروف أنها تلعب دور العاكس للتوجهات الضمنية عنده والمكنونات المستورة التي يفكر فيها حزب الله. ولطالما عبّرت “الاخبار” ليس فقط عن الموقف السياسي للحزب بل اكثر من ذلك عن سيكولوجيا الدوائر الضيقة فيه، مثل الموقف من المحكمة الدولية. وهذا الأسلوب الإعلامي المتبع من قبل الحزب يهدف إلى عدم تحمل أي تبعات قد تنجم عبر الإعلان بالوسائل الرسمية التابعة مباشرة له.
وهذا يعني ان الإفصاح عن اسم الجنرال ميشال عون كمرشح وحيد للحزب جاء ليعاكس التلميحات المعتمدة الى اللحظة من قبل مسؤوليه. وبشكل تفصيلي جاء في الخبر من العدد نفسه من الجريدة المذكورة: “ليس لدى حزب الله مرشح آخر غير النائب ميشال عون، وفي حال الفراغ يمكن للحكومة الحالية ان تؤمن الاستقرار “.

فهذا المانشيت المفاجئ، وفي لحظة مقصودة، هدفه مزدوج: اما يكون بمثابة اعلان استباقي بعد كمية التسريبات التي تتحدث عن احراز تقدم كبير بين جنرال الرابية وبين تيار المستقبل، وبالتالي تحول ميشال عون الى المرشح الأكثر حظا ان لم نقل المرشح الفائز حتما، فيأتي الإعلان من طرف حزب الله للقول في المرحلة الآتية أن “الرئيس” ميشال عون انما وصل الى قصر بعبدا بصفته مرشح حزب الله،  ما يعني أن وصوله ما هو الا انتصار الهي جديد يضاف الى الانتصارات السابقة…
أو يكون المقصود من هذا الإفصاح وهذا الإعلان وبهذه الطريقة الا رسالة شديدة اللهجة إلى النائب ميشال عون من اجل تذكيره بان أي تقارب مع تيار المستقبل يجب ان يكون فقط من ضمن الهامش الذي سُمح له به من قبل الحزب، وبان عليه الا ينسى بأنه مرشح  حزب الله أولا وأخيرا وعليه التصرف ضمن هذا المسار المرسوم له، مع الاخذ بعين الاعتبار ما يمكن ان يشكله هذا “التذكير”  من ضغط مبطّن يمكن ان يؤدّي الى نسف كل ذلك  التقارب الرائجة أخباره بين عون والرئيس سعد الحريري. هذا بعد تحويل ميشال عون الى مرشح طرف.. ما يفقده صفة التوافق الذي عمل جاهدا من اجلها.
وعلى كل التقديرات، فإن نجاح الجنرال ميشال عون بتسويق نفسه يحوّله حتما الى نقطة ارتكاز أساسية من جهة، والى محطة تجاذب لكل الأطراف ولكل الاتجاهات من جهة أخرى، مع ما تحمله هذه المحطة من خطورة كبيرة خاصة في ظل ما تعيشه المنطقة من براكين مشتعلة، وما تقف عليه الأوضاع من صفيح ساخن جدا لم يبرّد بعد بأي من كمية المياه التسووية التي يمكن ان تساهم في تخفيض درجة السخونة. ما يجعل من الجنرال عون اما رئيسا يبشر معه بقدوم غيوما محملة بالامطار تعيد لبنان واحة خضراء تقف في وجه موجة التصحّر التي تجتاح المنطقة ، واما (لا سمح الله) شهيدا… وهذا ما يقلقني.

السابق
جعجع التقى الحريري: طيّ ترشيح عون واتفاق على كلّ شيء
التالي
رحمة: نريد رئيسي جمهورية وحكومة من جهتين لا من جهة واحدة