أحمد الأسعد (2): أرنولدو الخرسا صرف أموال السعودية بملذّاته

أحمد الأسعد
يفتح موقع "جنوبية" اليوم ملف العائلات التاريخية السياسية في الجنوب. أين كانت وأين أصبحت. من عسيران إلى الخليل ودرويش وصولا إلى الأسعد وغيرها. ننشر اليوم الحلقة الثانية عن أحمد الأسعد، وفيها نروي بالأرقام والعناوين والتفاصيل كيف حوّل الدعم المادي لمحاربة القمع والترهيب للطائفة الشيعية من قبل حزب الله إلى مشاريع تجارية وعقارية حول لبنان والعالم.

قد يسأل البعض لماذا نتناول أحمد الأسعد اليوم. والإجابة: لأنّ خصم “حزب الله” وحركة “أمل” نسخة متلوّنة عنهم وعبر أسلوبه يقدّم إلى من يقمعون الرأي الآخر في الجنوب، الخدمة الأكبر. فهو ليس وحده من تاجر بأحلام مناصريه. هو فقط نسخة غير منقّحة من وجوه وزعماء الطبقة السياسية في لبنان والميليشيات الإجرامية في الجنوب، حزبية كانت أو حركية.

وقد علمت “جنوبية” أنّ أحمد الأسعد توجّه ليل الخميس – الجمعة (15 – 16 أيّار 2014) إلى ولاية نيويورك، وتحديدا إلى “برينستون كلوب” في منهاتن، حيث يعقد حفل عشاء وأكثر لجمع التبرعات بحجة “جمعية انقاذ الأجيال الصاعدة” كما تسميها زوجته عبير. وأكّدت مصادر “قريبة” منه، أنه يبحث عن المزيد من الدعم من ممولين وأفراد من الجالية اللبنانية حيث يقال أن بعض التسهيلات لتلك المشاريع يقوم بها أحد قناصلة الولايات المتحدة المقربة من زعيم حركة أمل

تتراوح أسعار البطاقات من 700 دولار وما فوق للشخص الواحد، كما سيعقد اجتماعات مع عدد من المموّلين المحتملين لتدريس هؤلاء الطلاب، ولتمويل جمعية “Saving The Next Generation” التي “لا تبغي الربح وتحمل مشروعا يهدف إلى تنشئة الشباب الشيعة ومرافقتهم من صفوف صغيرة إلى التعليم الجامعي عبر أنشطة ترفيهية”، بحسب كريستيان جميّل أبو زيد مستشارته “الاستراتيجية”، كما تسمّي نفسها. وتضيف في حديث لـ”جنوبية”: “النشاطات التي لا يستطيع فقراء الشيعة (لاحظوا تعبير “فقراء الشيعة”) القيام بها مثل رابّيل وقيادة ATV والسباحة، نؤمّنها لبعضهم مرّتين أو 3 مرّات في السنة عبر رحلات إلى أرض كبيرة (اشتراها “البيك”) في تنّورين وتكمل: “حاليا نعمل على تقديم 15 منحة في أحدث جامعات نيويورك، ومعها راتب شهري للطالب وتذكرة سفر لزيارتين في العام إلى لبنان وتتابع: “هو حاليا يموّل كلّ هذا. وبما انه لا يجد تمويلا في لبنان، ولأنّ الجامعات التي تعاقد معها في الولايات المتحدة الأميركية يضطرّ للسفر، للبحث عن تمويل من جمعيات غير سياسية ولا تبغي الربح”.

اتصلنا بأحد المقربين إليه وهو من أصدقاء والده الراحل رئيس مجلس النواب كامل الأسعد. رجل راسخ في الجنوب وجبل عامل. يرفض نشر اسمه ويقول بتواضع وأسف: “الأسس التي كنّا نتعامل فيها مع والده غير متوافرة لديه. ولا يوجد استراتيجية واضحة أو طريق واضح يسلكه. فآثرت الابتعاد عنه بدلا من الاصطدام معه، وذلك منذ 4 سنوات”. نسأله عن الطلاب فيجيب: “هم 10 طلاب على الأكثر، يجمع المال على ظهرهم. يسمّيهم عباقرة اختارهم ليكونوا نخبة أهل الجنوب مستقبلا. لكنّ خدماته التعليمية محصورة بهذا العدد الضئيل”.

ماذا عما فعله أحمد الأسعد حين طلب من المئات ترك وظائفهم الثابتة في الدولة أو في شركات مكرّسة، ليعملوا لديه برواتب تراوحت بين 300 و1000 دولار؟

في اليوم التالي للانتخابات النيابية في العام 2009 أوقف الرواتب وسحب السيّارات الجديدة من عشرات “المسؤولين” الذين عيّنهم في قرى الجنوب والبقاع ، وأوقف البطاقات الصحّية التي أوهم الآلاف أنّها ستقيهم عوز المستشفيات والميليشيات، وستحمي صحّة أولادهم.

“أحمد الخرسا”، كما يسمّيه من يعرفونه، نسبة إلى والدته غادة الخرسا، أو “أرنولدو الخرسا”، كما كان يسمّي نفسه في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، (يعلّق أحد المقرّبين منه) أنّه “خرب بيوت مئات العائلات، وهذا تعبير عن عدم استقامة طريقته في العمل وتناقضات في شخصيته ونفسيته. وتبيّن أنّه كان يعمل على مشروع الانتخابات كغطاء لمشاريعه التجارية والعقارية الخاصّة، وليس على تغيير حقيقي في واقع الجنوب المضطهّد والمقموع من الميليشيات على حساب كل من ساعده ودعمه واّمن به”

وفعلا كان أحمد الأسعد حصل على مبلغ لم يَعرِف أحد رقمه الحقيقي. لكنّه تراوح بين 35 و50 مليون دولار. ويقول الرجل الذي كان الأقرب إليه: “طالب المملكة العربية السعودية بأموال لدعم مشاريع تؤدّي إلى قيام خيار شيعي آخر. وأوهمهم بمشاريع اجتماعية وتعليمية وطبية للمناطق الشيعية لم تبصر النور بعد”.

فأين انتهت هذه الأموال؟

انتهت بشراء الأراضي في تنّورين وبعبدا واليزرة والجنوب وغيرها من المناطق اللبنانية: “ربما ليعزّز الوجود الشيعي في مختلف المناطق”، يقول ساخرا أحد الأصدقاء . اليوم يعمل أحمد الأسعد في العقارات فقد أنشأ عدة مباني في الحازمية مار تقلا حيث تبدأ الأسعار من 385 ألف دولار للشقة الواحدة وما فوق بحسب مساحتها. أحد المشاريع هو New Mar Takla Hills. ومكتب البيع العقاري هو نفسه مكتبه السياسي في الحازمية، مقابل السفارة التونسية. ربّما لأنّه “بزنس” واحد مع أرقام الهواتف نفسها.

أما بالنسبة إلى المال السياسي لدعم قضية “Saving The Next Generation ” فيروي مصدر مطّلع على نشاطاته التجارية أنّها ذهبت إلى المزاريب التالية:

العقارات التي تم شراؤها باسم “أحمد الأسعد وأولاده” في العام 2010 تحت اسم: Pride Investment

عقار رقم 5311 في بعبدا وعقار رقم 5313 في بعبدا وعقار رقم 5314

بعد عام 2007 أي مباشرة”بعد التمويل السعوديّ” سدد الأسعد ديونه الفائضة وبدأ بشراء العقارات والفيلات والشقق في مناطق خارج وداخل لبنان (في الجنوب والشمال).

تابع مهمته الاستثمارية في العام 2008، منها العقار رقم 1536 باسم أحمد الأسعد. والعقار رقم 5791 في بعبدا اليرزة. مساحتهما تقريبا 3600 متر. أي أنّ ثمنهما لا يقلّ عن 10 ملايين دولار.

وبالتالي فإنّ إنقاذ الأجيال الجديدة ومحاربة الميليشيات على طريقة أرنولدو الخرسا تتلخص بشراء الأراضي والعقارات ودفع المزيد من الشبّان إلى ترك دراستهم الجامعية بحجّة “المنحة”.

قضية لا وجود لها ووعود لأهالي الطلاب لم تنفذ كإبعاد اولادهم عن مشاكل البلد السياسية والارهابية عبر العلم والمعرفة. بل إنّ الوعود كانت إجبار هؤلاء ورميهم في تظاهرات طالبية وإلا يلحقون بسميح حمّودي، الشاب الطموح الذي قضي على مستقبله كمهندس جنوبيّ واعد كان سيتخرّج من إيطاليا

قد يقول البعض إن أحمد هو نقطة في بحر المال الفارسي الذي تسبح به الميليشيات المؤلهة نفسها وقد يقول البعض الآخر إنّه لا يستطيع أن يغبّر حتّى على عقارات وأموال زعماء التنمية والمحرومين. نعم هذا صحيح ونحن نؤكد عليه، لكنّ كلّ ذلك لا يمنعنا من القول إنّ أحمد الأسعد، بأفعاله، يقوم بضرب الثورة من داخلها والأنكى أنّه يضربها مدّعيا التحدّث باسمها، ووجوده أكبر هدية لمشروع أعداء الجنوب ولبنان.

السابق
الحرس الثوري الإيراني يقسم سوريا على قادته الميدانيين
التالي
موظفو الإدارة العامة يتجهون إلى التصعيد