نكبة أشدّ وأدهى

المفاتيح ظلت في الايدي... تحولت الى اصابع... ففي كل يد فلسطينية ستة اصابع... خمسة، ومفتاح منذ 66 عاما... والآن، اليوم، في ذكرى النكبة هذه كما كل عام... تحضر من جديد كل الاغاني... وتُنصَب المنابر... وتُرفَع رايات النصر الكاذبة... لكن تغيب فلسطين ... لتتحول ذكرى النكبة المشؤومة... الى نكبة أشدّ وأدهى.

عام جديد يضاف الى رزنامة الاعوام العتيقة: صاروا ستة وستون… ولمن لا يعرف عن هذه الذكرى، سأحدّثه عنها…

أنا مأساة شعب أثخنوه بالجراح، معاناة شعب كان يوما ما يعيش على ارضه، ينتظر بفارغ الصبر مواسم الزيتون كل عام… يلاعب حبات الليمون في حيفا… يتراقص كل صباح على انغام الاجراس في القدس.

يراقب فلاحو جنين الشمس الطالعة من غور الاردن… يتسابق صيادو يافا مع اقرانهم في صور الى البحر وعلى كواهلهم شباك العمر… وهكذا كانت عصافير فلسطين تداعب نسمات الفجر ولا تعرف معنىً للترحال، حتّى جاءت الغربان السود، وحل لونها القاتم، فأكلت كل اطياف الحياة … ما عاد في فلسطين مكانا للورود… والفراشات راحت تبكي حزينة تراقب الزهرات تسحق تحت جنازير الدبابات.

فجأة عمّ الظلام فوق بيت المقدس الذي باركنا حوله… ستة وستون عاما، والشعب الفلسطيني جاحظ بعينيه، يرمي ببصره اقصى القوم، يترقب قدوم الخيّالة، وجيوش التحرير، ومقاومة وعدته بالضوء…

ستة وستون عاما والشعب الفلسطيني شعب بلا فلسطين… وعود… ووعود… ووعود فلسطين هذه كانت من البحر الى البحر… ترابها كان يُعّد بالحبة… وتقاس ارضها بالشبر… وغبارها اغلى من التبر… قدسها كانت عروس المدائن، ومن اجل عينيها نُظِمَت عيون القصائد، وقيل فيها اروع الخطابات … لكن تحت اقدامها ذبلت كل الوعود فلا العودة عودة… والمفاتيح ظلت في الايدي… تحولت الى اصابع… ففي كل يد فلسطينية ستة اصابع… خمسة، ومفتاح منذ 66 عاما.

والآن، اليوم، في ذكرى النكبة هذه كما كل عام… تحضر من جديد كل الاغاني… وتُنصَب المنابر… وتُرفَع رايات النصر الكاذبة… لكن تغيب فلسطين … لتتحول ذكرى النكبة المشؤومة… الى نكبة اشد وادهى.

السابق
هل ستصحّ توقّعات الساحر المكسيكي الأكبر لكأس العالم 2014؟
التالي
«نحن» تحاول ترميم حديقة صور العامة