إنقسام داخل ’الإشتراكي’ على خلفية 7 أيار 2008

على الرغم من مرور ست سنوات على الأحداث التي حصلت في شهر أيار من العام 2008، لم ينجح الحزب “التقدمي الإشتراكي” بإقناع أنصاره بسياسة الإنفتاح التي قرر رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط إعتمادها في المرحلة اللاحقة، ما أدى إلى بروز تيارين مختلفين في صفوف مناصري الحزب في مدينة الشويفات، التي شهدت أعنف المعارك في ذلك الوقت، وبرز هذا الأمر بشكل لافت في نهاية الإسبوع المنصرم من خلال المسيرة التي أقيمت إحياء لضحايا تلك الأحداث، والتي تحولت إلى مسيرتين في نهاية المطاف.

وفي هذا السياق، توضح مصادر مطلعة على ما يحصل، أن هناك خلافاً داخل “الإشتراكي” منذ شهر أيار 2008 لا يزال مستمراً حتى اليوم، على خلفية الطريقة التي إنتهت فيها تلك الأحداث التي سقط فيها 15 شخصاً من أعضاء الحزب والمقربين منه، وتشير إلى أن في ذلك الوقت قرر جنبلاط تعيين خالد صعب المعروف بمعارضته لكل الحركات “الميلشياوية” مسؤولاً في المنطقة، الأمر الذي أثار إمتعاض بعض كوادر الحزب، وهو إستمر في منصبه “عملياً” حتى العام الماضي بالرغم من تقديمه إستقالته، وتوضح المصادر أن ذلك يعود إلى غياب أي شخصية قيادية من أبناء المنطقة قادرة على مواكبة سياسة الإنفتاح التي يعتمدها رئيس جبهة “النضال الوطني” في المرحلة الحالية.

وتلفت المصادر المطلعة، عبر “النشرة”، إلى أنه بعد ذلك تم تعيين جلال الجردي مسؤولاً في الشويفات، مع العلم أن الأخير لم يكن من سكان البلدة بالرغم من أنه من العائلات الكبيرة فيها، وتشير إلى أنه يعمل منذ توليه منصبه على محاولة إستيعاب الأمور، إلا أنه لم ينجح حتى الساعة في وضع حد نهائي لها.
وفي هذا الإطار، توضح مصادر مدينة الشويفات أن السبب الرئيسي في هذا الخلاف يعود إلى طريقة التعاطي التي يعتمدها الحزب مع القوى السياسية الأخرى في المدينة، حيث تشهد الشويفات تداخلاً كبيراً لأكثر من حزب وتيار، ولدى كل منها حضور مميز، وبالتالي هناك منافسة كبيرة في ما بينها، كما أن الإنتقال من جهة إلى أخرى، لا سيما بين “الإشتراكي” و”الديمقراطي اللبناني” أمر طبيعي.
وتشير هذه المصادر، لـ”النشرة”، إلى أن جنبلاط يحرص على عدم حصول أي إشكال في المدينة من قبل مناصريه، وتؤكد أن هناك تعليمات صارمة بهذا الشأن لدى مسؤولي “الإشتراكي”، لكنها توضح أن هناك من يعارض هذا التوجه، لا سيما الفريق الذي لم يستوعب حتى الساعة أجواء الإنفتاح القائمة مع “حزب الله”، خصوصاً بعد سقوط ضحايا خلال المواجهات بين الجانبين، وتضيف: “هؤلاء يجدون تعاطفاً معهم من قبل بعض المحازبين والمناصرين، بالإضافة إلى عدد من المشايخ الذين يدورون في فلك ما يسمى بجماعة الداعي عمار”.
وبالعودة إلى ما حصل في نهاية الإسبوع المنصرم، تكشف المصادر أن وكالة داخلية الشويفات-خلده في “الإشتراكي” كانت قد وزعت دعوة لحضور الذكرى السنوية لـ”شهداء” الحادي عشر من أيار، الذين قضوا “دفاعاً عن الأرض والحرية والكرامة”، في ساحة كمال جنبلاط في الشويفات عند الساعة السادسة مساء من نهار الأحد، على أن تختتم الذكرى بمسيرة لإضاءة الشموع عند النصب التذكاري لـ”الشهداء”، لكنها تشير إلى أن المفارقة كانت أن الفاعليات التي دعيت كانت حتى يوم الأحد لا تعرف فعلياً ما هو برنامج الذكرى، في ظل إنتشار معلومات عن حالة إعتراض على هذا البرنامج بسبب طلب رئيس جبهة “النضال الوطني” أن لا يكون هناك كلمات في المناسبة، وإصراره على أن تكون رمزية لا أكثر، في حين كانت الذكرى في السنوات الماضية تتميز بكلمة لعضو الجبهة النائب أكرم شهيب.
وتشير هذه المصادر إلى أن الإنقسام ظهر بشكل جلي في يوم الذكرى من خلال حصول مسيرتين، الأولى رسمية برعاية وكالة داخلية الشويفات-خلده في الحزب، في حين نُظمت الثانية من قبل مجموعة من المناصرين والمشايخ في البلدة، وألقيت فيها كلمة لأحد المشايخ وصفت بأنها تعكس حالة من “التعصب”، وتؤكد أن جزءاً مهماً من القاعدة “الإشتراكية” في المدينة لم يستطع أن يتجاوز حتى الساعة المرحلة السابقة.
في الختام، تؤكد المصادر أن هذا لا يعني أن المعترضين سيقفون بوجه “البيك” في المستقبل القريب، لكنها تشير إلى أنهم باتوا يشكلون حالة مزعجة لا تخضع إلى قراراته.

السابق
القوات: التمديد طعنة قوية للدستور
التالي
توقيف أشخاص في عملية ضد شبكات جهادية بفرنسا