البطريرك صفير.. الصهيوني يزور إسرائيل؟

البطريرك
ماذا لو لم تكن هناك احداث في سوريا ولم يكن هناك معركة يخوضها "حزب الله" ضدّ الشعب السوري تحت لافتة حماية المسيحيين في الشرق؟ واستطرادا: ماذا لو لم يكن "حزب الله" في حاجة إلى عباء بكركي على اعتاب استحقاق رئاسي، وصولا إلى: ماذا لو يم يكن هناك تقارب إيراني – أميركي؟ ولم لم يكن هناك خلافات مذهبية في المنطقة ولم تبرز حاجة إلى أن يلعب "حزب الله" دور الاعتدال...

خبر زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى القدس المحتلّة، برفقة بابا الفاتيكان فرنسيس في 24 أيار المقبل، التي ستستمر الى 26 منه، كان يمكن أن يتسبّب بزوبعة استنكارية فقط لو…

زوبعة كان يمكن أن يرافقها توجيه كلّ سهام العروبة والنضال وخنجر الصمود والتصدي، وأن يعلن “حزب الله” وحلفائه الممانعون رفضها والتشكيك بصوابيتها واعتبارها صفعة لتاريخ من المقاطعة وأدبياتها، أو ربّما اعتبارها “تعاملا” و”تطبيعا” مع العدوّ الصهيوني الغاشم، فقط لو…

فكيف إذا أُضيف إليها ما أعلنه النائب البطريركي العام المطران بولس صباح، عن أنّ الزيارة ستشهد لقاء للراعي باللبنانيين اللاجئين إلى إسرائيل مع عائلاتهم، هربا من أحكام بسبب تعاملهم مع إسرائيل وخدمتهم جيش الاحتلال الاسرئيلي في جنوب لبنان. فقد أعلن صباح أنّه ” لا يمكن أن يصل البطريرك الراعي الى القدس ولا يزور اللبنانيين الموجودين هناك”. وأوضح برنامج اللقاء وتفاصيله وأنّ “الاجتماع بهم سيتم في الجليل”، معتبرا في التصريح نفسه أنّ “هؤلاء اللبنانيين قد غادروا الى إسرائيل قسرا”، جاعلا منهم مجموعة من “المظلومين”. وقال صباح إنّ “معظمهم من الجيش اللبناني”.

لا أدري ما الذي رمى إليه سيادة المطران صباح عن “الجهة الظالمة” التي تقف خلف مظلومية هؤلاء. لكن أخشى أن يكون المقصود بها “المقاومة” أيضا. تلك التي لم تردّ حتى الآن.

يضاف إلى هذا ما أعلنه أيضا رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة المطران موسى الحجّ، مبشرا بأنّ هذه الزيارة التي تعتبر “الأولى لبطريرك ماروني الى الأراضي المقدسة” هي “ستشجع المؤمنين على القيام بواجباتهم الروحية والرعوية والمدنية من خلال فتح الأراضي المقدسة أمام موارنة لبنان والمسيحيين في المنطقة”، مع تأكيده طبعا أنّ كلّ هذا يجب ألا يعتبر بمثابة “التطبيع مع إسرائيل”!!

نظرية “الممانعة” هي أنّ كلّ زيارة أو مرور في اراضي فلسطين المحتلّة يعتبر تطبيعا. وزيارة الراعي تتعارض مع نظرية أخرى تدعو إلى عدم مقاطعة مدينة القدس على وجه الخصوص، واعتبار أنّ الامتناع عن زيارتها يضرّ بشكل أساسي بوجه هذه المدينة المقدّسة عند كلّ الأديان السماوية. ويتعارض رأي “الممانعين” مع الرأي القائل بأنّ المستفيد الأوّل من مقاطعة القدس هو العدو الإسرائيلي، الذي يستفرد بتكريس هويتها اليهودية وتهميش مسيحيتها واسلاميتها. وذلك بواسطة التفرّد الإسرائيلي بفرض ديمغرافيا تنسجم مع مشروع الدولة اليهودية.

هذه الفكرة، أي تحييد “القدس” عن المقاطعة المبدئية، لم يُكتَب لها الحياة وبقيت مغطاة تحت حجارة لطالما رجم بها الراديكاليون والممانعون الأشاوس وأصحاب شعارات اللاءات الثلاثة كلّ من يدعو إليها. وإن تخلّى عنها أصحابها المؤسّسون في مرحلة متقدّمة، إلا أنّها استمرت مرفوعة بأيدي آخرين.

هنا، وامام هذه الواقعة وما رافقها من صمت معظم الأصوات الاعتراضية والمفترض ان يكون حزب الله في طليعتها، لا بدّ من طرح الكثير من التساؤلات. أولها: ماذا لو كان البطريرك الماروني الذي سيدخل القدس برّا عبر الحواجز الإسرائيلية هو غير هذا الكردينال، كأن يكون البطريرك صفير مثلا؟

وماذا لو لم تكن هناك احداث في سوريا ولم يكن هناك معركة يخوضها “حزب الله” ضدّ الشعب السوري تحت لافتة حماية المسيحيين في الشرق؟ واستطرادا: ماذا لو لم يكن “حزب الله” في حاجة إلى عباء بكركي على اعتاب استحقاق رئاسي، وصولا إلى: ماذا لو يم يكن هناك تقارب إيراني – أميركي؟ ولم لم يكن هناك خلافات مذهبية في المنطقة ولم تبرز حاجة إلى أن يلعب “حزب الله” دور الاعتدال…

ماذا لو؟

السابق
اعتداء على المدافن المارونية في عين الحور
التالي
سليمان: العمال أصحاب حق في تحسين أوضاعهم