تحية إلى دلال مغربي

دلال مغربي
"لو بضل معو، يمكن فوت عالمستشفى وموت"، قالت المرأة الّتي تبدو في العقد الثالث من عمرها. بدت كأنّها استخلصت العبر من أسلافها كرولا يعقوب وغيرها من النساء اللّواتي قضين "مضروبات" من أزواجهن. "بفضل روح عالقبر مكفنة بسم ما رح اسكت"، قالت أيضاً بين دموعها. بدت جميلة وسط كل تلك الكدمات وهي تكرّر أنّها إنسانة وليست "حيوانة". قالت أيضاً إنّ الضرب حصل أمام أهل زوجها الّذين لم يدافعوا عنها بل اتهموها هي بتعنيفه. قالت كا قالت بغصّة.

دلال مغربي هي امرأة معنّفة أطلّت قبل ايّام عبر شاشة تلفزيون الجديد وآثار الضرب بادية على وجهها. كانت دلال تبكي وتحاول أن تحبس دمعها في الوقت نفسه: “انا انسانة وماني حيوانة لإنضرب”، قالت المراة الّتي تسكن في عكّار، شمال لبنان. ثمّ استدركت قائلة: “الواحد اذا عنده بسينة بدلّلها، كيف اذا امرأة”… هكذا ذهبت لتقارن نفسها بالحيوان لأنّها تعرف أيضاً أنّ هذه الكائنات لم تُخلق للضرب.

قالت دلال إنّها “مجروحة”. بدا ذلك الجرح بادياً على عينيها المتورمتين ولكنّه بدا أيضاً كثقب في روحها وحسرة على زواجها من رجل أهان كرامتها الإنسانية مرّة تلو الأخرى. كانت دلال تبكي دموعاً تعبّر عن خيبة النساء حين يعاملهنّ الرجل بازدراء وبفوقية.

يمكن القول إنّ المرأة كائن قوي وواثق من نفسه وقادر على تخطّي نظرة الآخر على سبيل كل الشعارات ولكن لا يمكن الهرب من العاطفة الّتي هي من خصائص الجنسين. طبعاً ستشعر امرأة تستحق أن تكوت سيّدة مكرّمة بأنّها بائسة وبلا قيمة عندما يشعرها زوجها بذلك. الخطأ هو الاستسلام لشعور كهذا. جرح دلال غاضب وهذا غضب إيجابي إذ أنّها كانت تخرج ما في داخلها بشجاعة.

“لو بضل معو، يمكن فوت عالمستشفى وموت”، قالت المرأة الّتي تبدو في العقد الثالث من عمرها. بدت كأنّها استخلصت العبر من أسلافها كرولا يعقوب وغيرها من النساء اللّواتي قضين “مضروبات” من أزواجهن. “بفضل روح عالقبر مكفنة بسم ما رح اسكت”، قالت أيضاً بين دموعها. بدت جميلة وسط كل تلك الكدمات وهي تكرّر أنّها إنسانة وليست “حيوانة”.

قالت أيضاً إنّ الضرب حصل أمام أهل زوجها الّذين لم يدافعوا عنها بل اتهموها هي بتعنيفه. قالت كا قالت بغصّة، ليست غصّة سجين اعتاد سجنه بل غصّة امرأة مسلوبة الحياة. غصّة مظلوم يتمرّد على القيود.

دلال امرأة من بيئة مغلقة نوعاً ما ومنطقة بعيدة عن المدينة ولا نعرف بعد حكاياتها كاملة. يمكن التكهّن أنّ زوجها وأهله شتموها وهم يشاهدونها تفضح ابنهم على الملأ. سيقولون إنّها تؤذي سمعة العائلة وتنشر خصوصيات البيت على التلفزيون. سيجتمعون غاصبين وربما يهاتفونها ليقولوا لها: “بهدلتينا”. هل سيشعر الزوج وهو يرى امراته في هذه الحالة بالخزي والعار؟ على الأرجح لن يشعر بالندم ولكنّه سيشعر بالاستياء للمساس بصورته هكذا علناً.

هذه المرأة شجاعة على الرغم من حزنها. وعلى أمل أن تنصفها الحياة وأن تكون لها الإرادة القوية لتقبض على ما تبقى من عمرها، تحية كبيرة إلى دلال مغربي.

السابق
لقاءات سرية أميركية مع حزب الله
التالي
هل يَسحب الأسد ترشيحه في اللحظة الأخيرة للمقايضة؟