السينما ماتت في لبنان.. وطلاب السينما لاجئون في الإعلام

السينما اللبنانية
السينما ماتت في لبنان. لا مخرجين عباقرة، لا ممثلين موهوبين، لا نضوج كتابي، حتّى أن روّاد صالات السينما قد قلّوا: Make Up فاخر عندما يستيقظ الممثلون. بيوت فخمة لكلّ الشخصيات ولا أحد فقير، حرس شخصي، خادمات، سيارات أجدد طراز... لذلك يتجه طلاب السينما إلى الصحافة ليسدّوا رمقهم. وبالطبع لا أحدا تخرّج من أيّ معهد فنونٍ بصرية وسمعية يقول إنّه سعيدٌ في مهنة الصحافة، فهي ليست مكانه.

عندما ترى طالب سينما يحمل كاميرته ويتوجه إلى ساحة انفجار، فهو ليس في طريقه لتصوير أحد أفلام الـAction التي كتبها، بل يقوم بالعمل ليقبض راتبا شهريا يكفيه لسدّ رمقه ولئلا يجوع.
السينما ماتت في لبنان بكل ما للكلمة من معنى. لا مخرجين عباقرة، لا ممثلين موهوبين، لا نضوج كتابي، حتّى أن روّاد صالات السينما قد قلّوا. السينما اللبنانية هي عبارة عن كرة هراء عليها أن ترمى بكلّ أجنحتها في مكبات لا نصل إليها. Make Up فاخر عندما يستيقظ الممثلون. بيوت فخمة لكلّ الشخصيات ولا أحد فقير، حرس شخصي، خادمات، سيارات أجدد طراز، وكل ما يمكن أن يصرفه أمير خليجي في لاس فيغاس خلال ليلةٍ واحدة.

لا شيء يجسّد الحالة اللبنانية الحقيقية بل كلها جماليات وفخفخات. القبلة ممنوعة، الرقابة تطغى على العمل وتخنقه، الكاتب ذاته، الممثل عينه، المخرج نفسه، وكأنها مافيا من إيطاليا الصغيرة في نيويورك. فريق واحد يعمل في المجال ذاته ولا يسمح للخرّيجين الجدد بالمشاركة أو التطوّر. ومن درس لسنواتٍ وقرأ وشاهد الكثير وعقله مليء بالأفكار الساحرة التي يمكن أن تكلّف أقلّ وتربح أكثر… يبقى بين مقاعد المساعد العاشر والإحتياطي البديل.

كلما سئلت عن دراستي في الجامعة أقول “سينما”، فيتعجّب السائلون ويقولون لي: “تصوير؟”. لا فكرة عند معظم اللبنانيين عن أنّ طلاب السينما، الذين دائماً ينتهون في مكاتب المواقع الإلكترونية أو التلفزيونات أو في الصحافة الشاملة (أي تصوير ريبورتاج وتسليمه جاهزاً بالكامل).، أنّ هؤلاء كانت أهدافهم أن يصنعوا أفلاماً وأن يكونوا فنانين وليس مصورّي حروب صغيرة. وبالطبع لن تُعطى لهم تلك الفرص لأنّ من يحكم عالم السينما هو من حكمها منذ خمسين عاما وسيحكمها فريقه الى الأبد.

أفلام كـ Bebe، حبّة لولو، وهلأ لوين، تقتل داخلي وتمزقني من الإشمئزاز. كأنّ أحدهم خلف الكاميرا يقول للممثلين ماذا يقولون، وبالطبع ودائماً الحرب الأهلية تُذكر حتّى لو كان في غير مكانها. ومرّة أخرى السيارات فاخرة، البيوت عامرة والممثلات ممتلئات بالسيليكون، أهذا ما أصبح يسمى بالفنّ السابع في لبنان اليوم؟
ولماذا أستمتع بالأفلام الأجنبية من كلّ الجنسيات والألوان والأعمار والأزمان ولا يمكنني أن أبقى أكثر من ربع ساعة أشاهد فيلماً لبنانياً؟

مثلي ومثل غيري من طلاب السينما، نحلم بأن تصبح لدينا غرف واسعة مليئة بالمعدّات لكي ننفذ جنوننا السينمائي والأدبي ونقوم بدهن الشاشات بالفنّ. لكن ما يمنعنا عن ذلك أنّها تبقى أحلاما بسبب سلطوية شركات الإنتاج وتمسّكها بفريق واحد الى الأبد. فلتغيير ممنوع والعائلة الواحدة لا تتفكّك.
لذلك ولأسباب ماديّة، يتجه طلاب السينما إلى الصحافة للعيش. وبالطبع لا أحدا تخرّج من أيّ معهد فنونٍ بصرية وسمعية يقول إنّه سعيدٌ في مهنة الصحافة، فهي ليست مكانه.
هذه المقالة هي وجهة نظر الكثير ممن يحملون الكاميرا كسلاحهم، وستتبع بتحقيق مصوّر لاحقاً.

السابق
أعمال شغب وحرائق في سجن رومية وفرقة الفهود تتدخّل
التالي
روحاني يقول ان منتقدي سياسته ‘ لا يمثلون الأمّة ‘