هذا هو ’الرئيس المقبول من الجميع’ تقريباً

في ضوء المعطيات السياسية القائمة، أرى استحالة التوصل إلى “رئيس يُصنَع في لبنان”. وعليه، لن يحظى لبنان هذا الأربعاء برئيس للجمهورية من هذا النوع، لأن الرئيس الوحيد المتاح هو “الرئيس المقبول من الجميع”، الذي لم تنضج الظروف الدولية والإقليمية و… المحلية لتظهير صورته.

ستنام البلاد إذاً في العراء، لأن هذه “الأمنية” الغالية؛ وهي صياغة تقنية لما خرج به البطريرك الماروني من اجتماعه قبل أيام برئيس مجلس النواب في عين التينة؛ دونها، “يا حرام”، عقبات ومطبّات وشروط وصفقات.
لكني شخصياً، أعتقد أن هذا الشيء ممكن، بل مرجَّح، للأسف. إذ لا بدّ أن تنجح الجهود التي تُبذَل لضرب حلم صناعة رئيس حقيقي، بما يجعل “الشروط الموضوعية” التي تتيح انتخاب رئيس للجمهورية، “مقبول من الجميع”، شروطاً “واقعية” و”مقبولة من الجميع”… تقريباً، لكن مع وقف التنفيذ حالياً. هاكم إياها:
أن لا يكون من فريق الرابع عشر من آذار، قطعاً.
أن لا يكون معارضاً واضحاً، ولا مضمراً، لفريق الثامن من آذار.
أن لا يكون ضد ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
أن لا يكون قريباً من السعودية، إلاّ بالحد “المقبول”، الذي لا يزعج أعداءها وخصومها.
أن لا يكون صاحب أفكار وآراء ومواقف، عامة أو شخصية، “مزعجة” وغير متوقعة.
أن لا يكون متزمتاً في احترام الدستور والقانون، وفي رفض الفساد وفضح الفاسدين، بحيث يفضي موقفه هذا إلى قلب الطاولة.
أن لا يكون شخصية وطنية مرموقة ذات تاريخ حافل بالمواقف المتمايزة الصلبة التي قد تستدرّ غضب النظام السوري، أو ما بقي من أشلائه.
أن لا يكون صاحب مبادرات وعلاقات دولية تخوّله أن ينسج شبكة أمان إقليمية ودولية، موازية، أو مناهضة لشبكة الأمان الإيرانية – السورية.
أن لا يكون فارساً شجاعاً متجرئاً، بما يحمله على المبادرة إلى اتخاذ مواقف قد تخالف سياسة “الإجماع” و”التوافق” القطيعية، المتبعة حالياً في تأليف الحكومات، وخصوصاً إذا كانت هذه السياسة لا تحظى برضى الفريق الإيراني – السوري.
إن رئيساً هذه مواصفاته، لا بدّ أن ضغوطاً خفية، دولية وإقليمية ومحلية، تُمارَس لأجل إيصاله، الأمر الذي قد يستدرج البعض إلى فخّ “دوحة جديد”، يضرب التحالفات القائمة، ويفضي إلى استيلاد أكثرية نيابية لانتخاب الرئيس الموعود، “المقبول من الجميع”.
من شأن هذه الضغوط أن تحمل بعض الأطراف، قسراً أو طوعاً، على تظهير صورته مع فريق الثامن من آذار، وتأمين النصاب القانوني لجلسة انتخابه… وضمان الفوز له، في التوقيت المناسب.
أياً يكن مصير جلسة الأربعاء، التي لن تكون، على ما يظهر، هي الجلسة الموعودة لضمان الانتخاب، فإن الرئيس المذكورة مواصفاته أعلاه، هو الرئيس الوحيد الممكن و”المقبول به من الجميع”… تقريباً، ليكون مبرمَجاً لإدارة الأزمة في لبنان.
لكنه للأسف العظيم، لن يكون رئيساً كامل الرئاسة، ولا رئيساً للخروج بلبنان من الأزمة.

 

السابق
هدوء في الضاحية بعد إحراق منزلين لآل ناصر الدين
التالي
كويتي وزوجته يقتلان عاملة المنزل لديهما ويبلغان عن تغيبها