لا قدرة للغرب على منع ’انتخاب’ الأسد؟

على هامش الانشغالات الدولية لا سيما منها أزمة اوكرانيا التي صرفت النظر عن موضوع الازمة السورية في انتظار ما ستؤدي اليه المحادثات التي اجراها الرئيس الاميركي باراك اوباما مع الملك السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الاسبوع الماضي في الرياض وما اذا كانت تعني تقديم مساعدة جدية للمعارضة السورية، برزت مجموعة مواقف على ارتباط بالانتخابات الرئاسية المفترضة في سوريا قبل تموز المقبل. هذه المواقف توحي بأن الدول المعنية توجه رسائل مفادها انها لا تهمل كليا الموضوع السوري ولا تزال عينها عليه وانها ليست مشرذمة او ضائعة لا قرار لها في الشأن السوري حاليا وفق ما يغلب الاعتقاد او بالاحرى الاقتناع في حين انها عمليا ترحل الازمة السورية وتفاقمها على كل المستويات الى وقت لاحق لا يبدو واضحا في الافق القريب. وحذرت الدول الـ11 الاعضاء في مجموعة “اصدقاء الشعب السوري” النظام من اجراء انتخابات رئاسية في سوريا معتبرة ان نتيجة هذه الانتخابات لن تكون لها اي شرعية. في حين كان نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية اعلن ان ايران لا تسعى الى بقاء الرئيس بشار الاسد رئيسا لمدى الحياة (ولو انه لم يحدد المدة التي قد تكون اقل من مدى الحياة) علما ان موسكو كانت استبعدت على لسان نائب وزير الخارجية والمبعوث الخاص للرئيس السوري الى الشرق الاوسط ميخائيل بوغدانوف في حديث الى صحيفة “الحياة” في 28 آذار المنصرم ان تؤدي الانتخابات الرئاسية المقررة في سوريا الى طي صفحة البحث عن حل سياسي لانها لن تغير شيئا كونها قد تجري على جزء من الاراضي السورية الخاضع لسلطة الحكومة وان تشمل المناطق خارجها او اللاجئين كما ان المعارضة لن تعترف بها. وموقف الدول من مجموعة اصدقاء سوريا قد يجد اعتراضا لدى النظام الذي على الارجح سيثور معاونوه اعلاميا وسياسيا في ظل نظرية تمتع سوريا بالسيادة ورفض التدخل في شؤونها الداخلية وفي قرار الشعب السوري، الامر الذي قد لا يراه النظام منطبقا على الموقف الايراني او الروسي.

وتقول مصادر ديبلوماسية مراقبة ان الغرب قد لا يملك على الارجح الادوات اللازمة لمنع الاسد من اعادة انتاج انتخابات تكرس تثبيته لولاية جديدة وذلك في ضوء السقف الذي رسمه الرئيس الاميركي مرارا وتكرارا خلال الاشهر الاخيرة حول عدم نيته التدخل في سوريا. والكلام على “انتاج” يفيد بأن الانتخابات كعملية صعب حصولها في بلد مدمر وتشهد مناطقه حروبا مهلكة مما يجعل الانتخابات اقرب الى عملية اعداد وانتاج واخراج ليس الا. كما عبر عن غياب هذه الادوات وعدم الرغبة او الارادة في توفير مثل هذه الادوات التعليق الاميركي على نية الاسد خوض الانتخابات بأنه موقف “مثير للاشمئزاز”. وهو تعليق غير معطل لأي مسار او محفز على الاستعداد لأي رد فعل يعطله. وهذا يعني تالياً غياب اي موقف اوروبي مؤثر نتيجة غياب الولايات المتحدة عن القيادة في هذا الموضوع وغياب اي موقف عربي مناقض لهذا الاتجاه. وهو ما يؤدي وفقا للتوصيف الغربي لاستمرار الاسد بأن وجوده في السلطة هو الذي “يغذي الارهاب” الى مراوحة في حال الحرب السورية طويلا.
وثمة من يرى ان الغرب يناقض نفسه مجددا حين اعتبر ان الاسد فقد ومنذ ما يزيد على السنتين شرعيته لكنه استمر في التعامل معه خصوصا في موضوع تعاونه في موضوع السلاح الكيميائي على رغم استخدامه لهذا السلاح ضد شعبه، مما قد يعني عمليا ان عدم الاعتراف بشرعية اعادة انتخابه لن تؤخر ولن تقدم اذا تم التعاطي معه كأمر واقع لا بد منه ما لم تتخذ اجراءات تسحب مقومات شرعيته عبر السفارات والقنصليات كما فعلت الولايات المتحدة أخيرا وسواها من الخطوات التي تساوي بينه كرئيس غدا غير شرعي من خلال انتخابه في ظروف مشكوك فيها وبين معارضة يشكك النظام في شرعيتها وينزع عنها هو هذه الصفة علما ان موقعيهما مختلف. يضاف الى ذلك ان عقد مؤتمر جنيف 3 الذي اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون بدء الامم المتحدة التحضير له على رغم انه لن يكون متوقعا قبل نهاية السنة على الارجح لاعتبارات متعددة سيفترض ان يحضر النظام كما في مؤتمر جنيف 2 ومن موقع استمرار امساكه بالسلطة مما يعطيه قدرة اكبر من قدرة المعارضة. كما ان ثمة من يرى ان الغرب وسائر الدول المؤثرة المعنية قد لا ترغب في رحيل الاسد في هذا التوقيت كونها ترغب في بقاء الحال على حالها من المد والجزر القتاليين في سوريا في ظل ما ينظر اليه كمطحنة للاصوليين يساهم فيها النظام في ظل استنزاف له ايضا ولداعميه، ولان العلاقات مع روسيا يمكن ان توحي بامكان التفاهم قريبا على حل للازمة السورية.
الا ان جوهر المسألة وفق البعض هو ما يبدو من جهة كضربة معنوية للغرب وللدول المعارضة للنظام كما للشعب السوري غير المؤيد لاستمراره نتيجة للعجز عن منع الرئيس السوري من انتاج انتخابه مجددا في مقابل ما يبدو من جهة اخرى استمرارا لرئيس لا شرعية شعبية مثبتة له ولا يمثل خيارا للشعب السوري بكامله مما يضعف موقعه واوراق الدول الداعمة له!

السابق
ترايسي شمعون هنأت فيصل كرامي بعودة الاستقرار الى طرابلس
التالي
الانتخابات الرئاسيّة تتحرك وكل الخيارات ممكنة