الراعي: مجتمعنا فريسة النسبية والاستهلاكية والنفعية

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا احتفاليا على مذبح الباحة الخارجية للصرح “كابيلا القيامة”، لمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الحركة الرسولية المريمية في زوق مصبح،
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها:

“نعيش في زمن، لا يرى فيه معظم الناس سوى مصالحهم وسطحيات الأمور، ولا يدركون إلا ما يرونه هم وبحسب فهمهم وإدراكهم. ذلك أنهم فريسة تيارات ثلاثة تجتاح المجتمعات البشرية، وهي النسبية والاستهلاكية والنفعية.

فالنسبية تضع جانبا الحقيقة الموضوعية المطلقة، فلا يصدق الانسان الفرد أو يعتقد إلا ما يراه من منظاره الضيق المرتبط بمصلحته واختباراته ومنحى حياته، ويعتمد بالتالي على حريته الشخصية، كقيمة مطلقة، ويتصرف كيفما يشاء من دون أي مرجعية روحية وأخلاقية. تيار النسبية يمنع الحرية من أن تكون في خدمة الحقيقة.

والاستهلاكية تضع الانسان في حالة من العبادة لما يملك، والسعي المفرط إلى جمع المال، وتلبية نداءات الشهوة. الاستهلاكية تنتزع من داخل الانسان أسسه الأخلاقية والمناقبية، وتفرغ نفسه من القيم الروحية، وتخلف عنده ذهنية مادية كلمتها واحدة: “ماذا تعطيني”.
والنفعية تخلق عند الانسان عينا جائعة، تبحث فقط عن المنفعة الشخصية. تحت وطأتها يصم الإنسان أذنيه، لئلا يسمع نداء المحتاج والمسكين، فيحجب نظره عن بؤس الآخرين لئلا يضطر إلى مد يد المساعدة إليهم.

لعلنا نحن منهم! يا رب، أعطنا إيمان الأعمى وبصيرته، لكي ندرك هذا العمى فينا، ولكي يدركه كل إنسان، ولا سيما المسؤول في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة”.

أضاف: “إننا نصلي من أجل المسؤولين في المجلس النيابي، الذي يعقد جلساته التشريعية في هذه الأيام لكي يروا الأمور على أساس الحقيقة المطلقة المتعلقة بالدولة والإنسان والوطن، وبحاجات المؤسسات العامة وحاجات المواطنين، وبإمكانيات الدولة وموجباتها تجاه الشعب، مع حفظ التوازن في ما بينها، حماية للجميع. هذه الرؤية متوجبة أيضا على الشعب اللبناني والنقابات”.

وقال:”إنطلاقا من هذه المبادىء، نرجو من نواب الأمة وضع التشريع المناسب للأمور العالقة، ونذكر منها سلسلة الرتب والرواتب بحيث تضمن الدولة مصادر تمويلها من دون أن ترهق الخزينة والمواطنين بمزيد من الضرائب وسط أزمة إقتصادية ومعيشية خانقة، وتعطي أصحاب الحقوق حقوقهم العادلة، والزيادة المحقة لأجور المعلمين، مع المحافظة على المدرسة الخاصة والكاثوليكية، فلا ترهق الأهل، ولا تظلم المعلمين، ولا ترغم المدرسة على إقفال أبوابها، وحرمان المعلمين من فرص العمل، وتشريدهم. بل من واجب الدولة أن تحافظ على هذه المدرسة، وتعمل على شد أواصر الوحدة والتعاون بين الأهل والمعلمين والإدارة، لخير أجيالنا الطالعة.

السابق
الحوت يطالب بجعل بيروت منزوعة السلاح
التالي
مقتل شخصين في سقوط قذيفة هاون على دار الاوبرا وسط دمشق